أخبار تونس – شهد فضاء دار سيباستيان بمدينة الحمامات مساء الثلاثاء 19 ماي 2010، العرض الأولي للمسرحية الفرنسية “باردو تودول” للمؤلف والمخرج المسرحي جوريس ماتيو، وذلك قبل تقديمها في فعاليات الدورة 64 لمهرجان أفيفنيون من 7 إلى 27 جويلية بمدينة أفينيون الفرنسية. وشكلت مدينة الحمامات المحطة السابعة لهذه المسرحية التي تم اقتباسها عن “كتاب الموتى” التيبيتي، حيث تمضي حاليا الفرقة جملة من التمارين بإقامة دار سيباستيان الخاصة بالإبداع الثقافي والفني من 6 إلى 20 ماي 2010، اختتمت بهذا العرض الخاص بتونس والمتكون من فصلين قبل عرضها كاملة ضمن 7 فصول بمهرجان أفينيون الشهير للمسرح. وكان عدد من المسرحيين والمتخصصين في ميادين الصوت والصورة والموسيقى وفنون الملتميديا والعروض الفرجوية المدمجة في برامج الحواسيب المتطورة قد شرعوا انطلاقا من مدينة أفينيون يوم 7 سبتمبر 2009 في إخراج النص المسرحي “باردو تودول” بقيادة المخرج جوريس ماتيو عبر عدة إقامات في مدن أوروبية على غرار مدينة “كلوج” الرومانية ومدينة “مون” البلجيكية لينتهي بهم المطاف بمدينة الحمامات في الضفة الجنوبية للمتوسط. ويعتبر العرض المسرحي “باردو تودول” عرضا طريفا بل غريبا إلى أبعد الحدود ومليئا بالغموض والتشويق، فمع أنه مقتبس عن “كتاب الموتى” المدهش في التيبيت، نجده يعرض على متفرج واحد لا غير في شكل فصول مدة كل فصل 6 دقائق معظمها تقدم في الظلام الدامس وعبر ممرات ومسالك صممها سينوغرافيون محترفون وأكفاء، مما يجعل كل عرض تقدمه الفرقة عرضا فريدا لا يعاد مرة ثانية بما أن المصممين يعدون الديكور والتنصيبات في المسالك والممرات والقاعات الداكنة بشكل يستجيب لطبيعة المسرح أو الخشبة التي تتم فيها برمجة المسرحية. وهكذا انفردت تونس من خلال فضاء دار سيباستيان بالحمامات بعرض فريد لن يعيشه حتى جمهور مسرح أفينيون العريق نظرا لجمالية الحدائق والهندسة المعمارية لدار سيباستيان ولم تجد الفرقة المسرحية عناء في تهيئة المسالك أو القاعات، مركزة على العمل الحواري والسرد الدرامي وقراءات النصوص التي تصاحبها الموسيقى والمؤثرات الصوتية المبرمجة وفق أنظمة الكمبيوتر المتطورة. وعاش جمهور دار سيباستيان من محبي المسرح والعروض الفرجوية الحية والإعلاميين عرضا مميزا لا ينسى حيث يمر المتفرج وحيدا داخل مجموعة من الأروقة والقاعات الضيقة ليقتحم خلال دقائق معدودة عالم المناجاة والموت كما يتمثلها المبدعون المسرحيون بعد تطويعه وفق روح العصر سيما وأن النص الأصلي ل “كتاب الموتى” هو نتاج لرؤية الروحانيين وعلماء اللاهوت التيبيتيين منذ عهود غابرة قصد تخفيف المعاناة والعذابات والارهاصات التي قد تجابه الموتى وهم يقتحمون مملكة الفناء عندهم. وكان العرض المسرحي قد سبق بندوة صحفية خاصة بعرض “باردو تودول” بحضور المخرج الفرنسي جوريس ماتيو ومدير الفضاء الثقافي لدار سيباستيان بالحمامات الأسعد بن عبد الله الذين أعلنا أمام عدد من المسرحيين والمتتبعين للشأن الثقافي وبعض أجهزة الاعلام عن اختتام إقامة الفرقة في محطتها السابعة والختامية بالحمامات. وقال مدير الفضاء الثقافي لدار سيباستيان بالحمامات الأسعد بن عبد الله في تصريح خص به “أخبار تونس”، “كان اختيار هذه الفرقة المسرحية الفرنسية لمركز مسرح الحمامات الدولي وفضاء دار سيباستيان كمحطة سابعة وختامية لسلسلة إقاماتها في عدد من المدن الفرنسية والرومانية والبلجيكية، نظرا لوجود إسم “باردو” في ذاكرة التونسيين وفي ثقافاتهم اليومية، ومسرحية “باردو تودول” عرض غريب حقا لعدة اعتبارات من ذلك مثلا اكتفاؤه بالمتفرج الواحد وهذا دليل على أن العرض يمثل استحداثا غير مسبوق للبحث المسرحي ولفنون الصورة والصوت والدمج الموسيقي والالكتروني وهو عرض اشترك في انجازه فضاء دار سيباستيان قبل أن يتم تقديم المسرحية في الصيف القادم بأحد أعرق المهرجانات المسرحية العالمية على الإطلاق أي مهرجان “أفينيون” الفرنسي”.