أخبار تونس- نظمت جمعية صيانة مدينة نابل كامل يوم السبت 26 جوان مهرجان طبق “القاروم” إحياء لموروث تاريخي قديم تميزت به “نيابوليس” في العهد الروماني. وانطلق المهرجان بزيارة ميدانية للموقع الأثري” نيابوليس” بنابل، تولى خلالها الباحث الفرنسي “ميشال بونيفاي” المختص في علوم الآثار، أحد ضيوف المهرجان، تقديم لمحة عن خصوصيات الموقع الأثري من خلال الحفريات وأعمال الصيانة التي انطلقت منذ سنة 1964 وتعمقت بين سنتي 1995 و2006. كما مثلت الزيارة مناسبة لتأكيد تميز الموقع الأثري “نيابوليس” بما يضمه من علامات مميزة على تطور نشاط تمليح السمك وإنتاج “القاروم” بوجود وحدة كاملة للتصنيع تمتد على مساحة تصل إلى 2000 متر مربع تتكون من 6 أحواض كبيرة الحجم يصل عمقها إلى المترين وهي من أكبر الأحواض في المتوسط والتي كانت تستغل لتمليح السمك. وتدل الحفريات التي أنجزت بالموقع الأثري “نيابوليس” على أن المدينة كانت من أبرز مواقع إنتاج السمك المملح “السلاسان” و”القاروم” منذ آلاف السنين، كما تشير البحوث المنجزة إلى أن مصانع السمك بنابل تعود إلى القرن الأول بعد الميلاد وإلى أواسط القرن الرابع فضلا عن وجود أشكال مختلفة لإعداد السمك المملح ومرق السمك ولاسيما باستعمال أنواع “الماكرو” و”السردينة” و”التن الأحمر”. واشتمل برنامج المهرجان على ملتقى علمي شارك فيه عدد من المختصين في التاريخ القديم من فرنساوتونس تولوا تقديم مداخلات حول تاريخ نابل ومصانع السمك بنابل وصناعة “القاروم” وتطور الصناعات التحويلية المرتبطة بالصيد البحري منذ العهد الفينيقي. كما تم بالمناسبة تخصيص فسحة للزائرين لتذوق أطباق من المأكولات ذات الأصل الروماني والتي يتم طهوها ب “القاروم” الذي يستعمل كبهار للمأكولات. ويذكر أن “القاروم” هو شبيه بصلصلة سمك فيتنامية ما تزال تصنع إلى اليوم ويتم تحضيره بحفظ السمك الصغير أو قطع من السمك كبير الحجم في جرار أو في الأحواض كما في الموقع الأثري بحساب طبقة من الملح ثم طبقة من السمك لتجفف تحت أشعة الشمس بين 3 و 4 أسابيع في فترة أولى يمكن على إثرها استعمال إنتاج السمك المملح. أما بالنسبة إلى “القاروم” الذي يعد من التوابل السائلة فإن إنتاجه يتطلب فترة أطول تمتد من 6 أشهر إلى سنة كاملة حيث يتم خلط السمك والملح بعد إضافة بعض الأنواع من الأعشاب على غرار “الزعتر” حتى يتفكك السمك ويستحيل إلى سائل مما يعطي مرق السمك. وقد تم ذكر اسم “القاروم” من قبل عديد المختصين في فنون الطبخ الإغريق حيث تعود التسمية إلى الإغريق الذين عرفوا هذا المنتوج منذ القرن السادس قبل الميلاد وأطلقوا عليه اسم “غاروس” والذي يعني السمك الصغير.