احتفالا بالذكرى 20 لقيام اتحاد المغرب العربي نظم الاتحاد المغاربي للفلاحين والاتحاد المغاربي لأرباب الأعمال يوم الثلاثاء بتونس ندوة مغاربية حول الاندماج الاقتصادي المغاربي . وتم خلال الندوة التي شهدت حضور ممثلين عن الاتحاد المغاربي ومنظمة الأغذية والزراعة ومنظمات فلاحية من الدول المغاربية وثلة من الديبلوماسيين تقييم الانجازات التي حققها هذا التكتل الإقليمي منذ 20 سنة والتي تمكن خلالها الاتحاد من تركيز مؤسساته ورسم ملامح استراتيجياته سواء الخاصة بقطاعات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والأمن الغذائي والبنية الأساسية. وكانت ركائز الاندماج المغاربي قد وضعت خلال قمة انعقدت براس لانوف في 11 مارس 1991 من خلال اعتماد الاسيتراتيجية المغاربية للتنمية المشتركة. ومن أهم مكونات هذه الإستراتيجية قيام منطقة للتبادل الحر للمنتجات ذات المنشأ والمصدر المغاربيين وإنشاء الوحدة الجمركية وإنشاء سوق مشتركة بين دول الاتحاد ثم الوحدة الاقتصادية . كما تم إبرام 37 اتفاقية تهم جميع القطاعات دخلت منها حيز التنفيذ 6 اتفاقيات وهى تتعلق بتبادل المنتجات الفلاحية واتفاقية خاصة بالحجر الزراعي واتفاقية لتشجيع وضمان الاستثمار وأخرى تتعلق بتفادي الازدواج الضريبي واتفاقية خاصة بالنقل البرى للمسافرين والبضائع والعبور واتفاقية إنشاء المصرف المغاربي للاستثمار والتجارة الخارجية. غير أن واقع الانجازات مازالت دون طموحات وآمال الشعوب حيث أن المبادلات التجارية البينية مازالت متواضعة . كما أن أوساط الاقتصاديين قدرت الإضافة في مسار الاندماج المغاربي بحوالي 2 بالمائة من الناتج الداخلي الخام لكل دولة من دول الاتحاد. وبين السيد محمد النورى الجويني وزير التنمية والتعاون الدولي في افتتاح الندوة أن العلاقات المغاربية شهدت خلال السنوات الأخيرة تطورا ايجابيا في مختلف المجالات خاصة على مستوى المبادلات التجارية التي تطور حجمها بصفة ملحوظة. وأوضح في هذا السياق أن حجم المبادلات التجارية بين تونس ليبيا تطور إلى ما يناهز 2374 مليون دينار سنة 2008 مقابل 1718 م د سنة 2007 أي بزيادة بنسبة 40 بالمائة. كما بلغ حجم المبادلات بين تونس والجزائر حوالي 1389 مليون دينار سنة 2008 مقابل 750 مليون دينار سنة 2007 أى بزيادة بنسبة 85 بالمائة. أما بالنسبة للمغرب فقد ارتفع حجم المبادلات إلى ما قيمته 395 مليون دينار سنة 2008 مقابل 317 م د سنة 2007 أي بزيادة بنسبة 24 بالمائة . وشهدت المبادلات مع موريتانيا زيادة بنسبة 52 بالمائة حيث بلغت قيمتها 33 م د سنة 2008 مقابل 22 م د سنة 2007 ولاحظ ان حجم التجارة الخارجية مع البلدان المغاربية لا يمثل رغم ذلك سوى 7 بالمائة من جملة المبادلات وهو ما يدعو إلى مزيد توظيف الامكانيات التي تزخر بها المنطقة المغاربية بصفة فاعلة للارتقاء بأداء الاقتصاد المغاربي إلى طموحات شعوب المنطقة. وذكر السيد محمد النورى الجوينى بأن القطاع الفلاحي لا يزال يحظى بمكانة كبرى ضمن اقتصاديات دول العالم والمنطقة المغاربية بالخصوص رغم انخفاض نسبة مساهمته في الناتج القومي في عديد الدول مقابل ارتفاع حصة الصناعة والخدمات. وأشار إلى أن التكتلات الاقتصادية تسعى اليوم إلى ضبط سياسات فلاحية مشتركة لمواجهة المنافسة الخارجية على غرار السياسة الفلاحية الأوروبية ملاحظا أن الصعوبات التي تشهدها المفاوضات متعددة الأطراف في المنظمة العالمية للتجارة للوصول إلى اتفاق حول أساليب تحرير هذا القطاع تعد خير دليل على الدور الأساسي الذي تلعبه الفلاحة في حركية الاقتصاد. وبين أن نسق الاندماج الاقتصادي بين الدول المغاربية يعتبر الأقل مقارنة بالتكتلات الجهوية الأخرى بما فيها بعض التجمعات الاقتصادية الإفريقية التي قطعت أشواطا هامة في هذا الاتجاه كإنشاء اتحادات جمركية وتبني تعريفة خارجية موحدة وإنشاء سوق اقتصادية مشتركة وتوحيد العملة فيما بينها. وذكر أنه تم في إطار ترسيخ مقومات الاندماج الاقتصادي المغاربي تركيز عديد الهياكل في شتى الاختصاصات الفلاحية كاللجان المختصة في الأمن الغذائي وفي البحث والتكوين وفي التصرف المشترك في الثروة المائية إضافة إلى الاتفاقيات ذات الطابع الفلاحي والخاصة بتبادل المنتجات الفلاحية والصحة النباتية والحيوانية. وبين السيد مبروك البحري رئيس الاتحاد المغاربي للفلاحين من جهته حرص تونس على دفع العمل المغاربي المشترك وتعزيز علاقات التضامن والتكامل بين البلدان المغاربية وذلك من منطلق الإرادة السياسية الثابتة للرئيس زين العابدين بن علي وإيمانه الراسخ بان بناء الصرح المغاربي يعد حتمية تاريخية وخيارا استراتيجيا ومطمحا لشعوب المنطقة. كما أكد أهمية توحيد جهود الدول المغاربية من اجل رفع التحديات المطروحة والمتمثلة في ارتفاع الطلب العالمي على الغذاء وتنامي التكتلات والمضاربات في تجارة المواد الفلاحية الأساسية والتغيرات المناخية والضغوطات الناجمة عن ندرة الموارد الطبيعية من ماء وتربة وثروات حيوانية وسمكية إضافة إلى اشتداد المنافسة في الأسواق الخارجية وتزايد الشروط المفروضة على الصادرات الفلاحية في مجالات الجودة والاسترسال والسلامة الصحية. وأكد السيد الهادي الجيلاني رئيس الاتحاد المغاربي لأرباب العمل أن دفع التبادل التجاري البيني والاستثمار المغاربي يستدعي إيجاد أطر تشريعية مشجعة ومحفزة مشيرا إلى ان القوانين الاستثمارية في دول المنطقة لا تعطي أي أفضلية للمستثمر المغاربي علاوة على غياب الروابط المصرفية بين هذه البلدان وتعدد الحواجز أمام انتقال رأس المال. واستعرض المعوقات الفنية العديدة التي تحول دون تحقيق اندماج مغاربي حقيقي إلى جانب غياب بنية تحتية مغاربية ملائمة من نقل بري وبحري وطرق سريعة وسكك حديدية تربط بين مختلف الدول المغاربية. ولاحظ أن المؤسسات الاقتصادية المغاربية وجلها صغيرة ومتوسطة الحجم تأسست في مناخ حمائي مغلق وبثقافة السوق المحمية التي يصعب تجاوزها للقبول بثقافة المنافسة مؤكدا ضرورة تحقيق شروط وقواعد المنافسة الاقتصادية على المستوى المغاربي. ودعا في هذا السياق إلى مجانسة القوانين المالية والجبائية والاجتماعية وتقريب سعر كلفة الإنتاج على المستوى المغاربي ورفع كل الحواجز غير الجمركية والمعوقات الإدارية وغيرها التي تحد من فرص المؤسسة في التواجد في الأسواق المغاربية وكأنها في سوق وطنية واحدة. كما تم خلال الندوة بالخصوص تقديم مداخلات حول واقع وآفاق التبادل التجاري للمنتوجات المغاربية وحول واقع وآفاق الاستثمار المشترك.