أخبار تونس – تسعى تونس خلال السنوات الاربع المقبلة الى وضع خطة جديدة للنهوض بالسياحة الثقافية و ذلك في اطار دعم مردودية القطاع السياحي إذ أصبحت السياحة الثقافية اليوم تشكل عاملا “هاما” بل أساسيا بفضل الدور الإقتصادي الذي تلعبه وبهذا تحولت الثقافة إلى منتوج سياحي مستقل بذاته فئ العديد من الوجهات السياحية العالمية كما ان الحرص على النهوض بهذا القطاع يندرج في اطار تنويهع المنتوج السياحي عموما و عدم الاقتصار على السياحة الشاطئية رغم ان بلادنا تعد من أبرز الوجهات السياحية في حوض البحر الأبيض المتوسط إذ يزورها سنويا أكثر من 7 ملايين سائح في حين يساهم القطاع بما يفوق 10 بالمائة من مداخيل العملة الصعبة من مجموع الصادرات التونسية وهو ما جعل منه نشاطا حيويا في الدورة الإقتصادية. وحسب الخبراء فإن نسبة السياحة الثقافية من المجموع العام للحركة السياحية العالمية خلال فترة الستينات أو السبعينات لم تتجاوز 5 بالمائة و في المقابل فإن الدراسات الأخيرة تشير إلى أن نسبة السياحة الثقافية اليوم تبلغ ما بين 12و 15 بالمائة وأحيانا تصل إلى 20 بالمائة في الوجهات المشهورة بثراء مخزونها الأثري. وفي هذا الإطار دعا الرئيس زين العابدين بن علي في أكثر من مناسبة، وآخرها في المجلس الوزاري الذي أشرف عليه سيادته يوم الأربعاء 18 أوت والذي خصص لمتابعة تجسيم محاور البرنامج الرئاسي للخماسية المقبلة “معا لرفع التحديات” والمتعلق بالقطاع الثقافي ،إلى ضرورة وضع خطة جديدة للنهوض بالسياحة الثقافية تغطي الفترة2010-2014 وذلك عبر إحكام توظيف المخزون التراثي والأثري والتاريخي الذي تتوفر عليه بلادنا لجلب فئة جديدة من السياح، شريحة أبرزت مختلف الدراسات والتقارير الصادرة عن المنظمة العالمية للسياحة، بأنها أخذة في التطور والإزدياد خلال السنوات القادمة. وتقوم هذه الخطة الجديدة على إنجاز مشاريع صوت وضوء بأهم المعالم الأثرية وستشمل في مرحلة أولي رباط سوسة وبرج الحمامات، بالإضافة إلى تطوير آليات تنظيم المهرجانات الدولية، ووضع خطة اتصالية وتسويقية تركز على الترويج لهذا المنتوج بالتعاون بين وزارة الثقافة والمحافظة على التراث و وزارة السياحة. كما ستشتمل هذه الخطة على عدة عناصر أخرى منها إنجاز الخارطة الوطنية للسياحة الثقافية ، وتهيئة المناطق الأثرية وصيانة المعالم التاريخية، وتأهيل مرافق الإستقبال بها ،إلى جانب إعداد برنامج لاستغلالها وتنشيطها قصد توظيف التراث وإدماج مكوناته في المسالك السياحية، سواء المنجزة مثل المسلك السياحي بمدينة القيروان، أو التي هي في طور الإنجاز على غرار مسلك المياه زغوان-قرطاج و المسلك الأندلسي تونس- تستور وتهيئة المسلك السياحي بمدينة سوسة العتيقة. وسيجري استكمال تأهيل عدة متاحف ومواقع منها المتحف الوطني بباردو، والمتحف الأثري بسوسة، ومتحف وموقع حيدرة، ومتحف دار بن عبد الله بتونس، واستكمال تأهيل موقع الموانئ البونية وإحداث هيكل استقبال بها إلى جانب الشروع في إنجاز مواقع واب لكل المتاحف الوطنية والجهوية. هذا و تشير أحدث الإحصائيات إلى إن نسبة ارتياد المتاحف والمواقع قد ازدادت بشكل كبير ،فقد تجاوز زوار مدينة البندقية الإيطالية 12 مليون نسمة في السنة، ويزور متحف اللوفر بباريس أكثر من سبعة ملايين نسمة سنويا في حين سجلت بومباي زيارة مليونين ونصف المليون نسمة وتحظى مدينة غرناطة للإسبانية بزيارة مليونين وأربعمائة ألف نسمة سنويا . وترمي هذه الخطة الجديدة إلى النهوض بالسياحة الثقافية 2010-2014 عبر تشجيع المستثمرين الشبان على ابتكار وترويج منتجات مستوحاة من التراث، وتطوير آليات تنظيم المهرجانات الدولية وخاصة قرطاج والحمامات والجم وجعلها قادرة على استقطاب أسماء وأعمال فنية ذات إشعاع عالمي وبالتالي تكون قادرة على خلق الحدث الثقافي الذي يستقطب نوعية راقية من السياح، ووضع خطة اتصالية وتسويقية مركزة على السياحة الثقافية بالإضافة إلى إنجاز متحف صحراوي بولاية تطاوين، واستكمال الدراسات الخاصة بترميم وتهيئة فسقية الأغالبة بالقيروان و القسط الثاني من متحف الفنون الإسلامية برقادة، ووضع علامات توجيهية على الطرقات وإحداث متاحف مواقع بكل من أوذنة وقرطاج و أوتيك وبلاريجيا. و في مجال صيانة التراث تم الشروع في مراجعة مجلة حماية التراث، وفي إنجاز الخرائط الأثرية الخاصة بالمناطق الريفية، وإعداد خطة ترمي إلى إحكام صيانة التراث الأثري من عمليات النهب من خلال إحداث فرق خاصة تتولى السهر على تأمين التراث الوطني. من جهة اخرى وضعت وزارة الثقافة والمحافظة على التراث بوضع خطة اتصالية تقوم على التعريف بالتراث ودعم الترويج للسياحة الثقافية، وذلك بوضع برنامج يركز أساسا على التوظيف الجيد لوسائل الإتصال الحديثة “شبكة الأنترنات”، وإنجاز الوثائقيات الخاصة بالتراث الأثري والتاريخي، ودعم المنشورات التي تهتم بالتراث وبالسياحة الثقافية، وتطوير المنتوجات المستوحاة من التراث وجعلها مواكبة لروح العصر و دعم المهرجانات والتظاهرات المختصة وهو ما يجعل من الثقافة رافدا أساسيا في التنمية وخاصة السياحية في بلادنا، والمساهمة في إعطاء دفع جديد للقطاع السياحي في ظرف دولي يتسم بحدة المنافسة، وبتحولات كبرى في أذواق السياح وتوجهاتهم.