بتكليف من الرئيس زين العابدين بن علي يشارك السيد محمد الغنوشي الوزير الأول في المؤتمر الدولي لمتابعة تمويل التنمية الذي تنظمه منظمة الأممالمتحدة في العاصمة القطرية الدوحة. وألقى الوزير الأول عشية يوم السبت كلمة ابلغ في مستهلها تحيات الرئيس زين العابدين بن علي الى أخيه صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير دولة قطر وتمنياته لهذا المؤتمر بكامل التوفيق والنجاح. وابرز أن انعقاد المؤتمر في هذا الظرف بالذات يكتسي أهمية بالغة بالنظر الى استفحال الأزمة المالية والاقتصادية العالمية وما تستدعيه من تضافر جهود المجموعة الدولية للتخفيف من تداعياتها ومجابهة ما تطرحه من تحديات جسيمة على كافة البلدان وخاصة منها النامية. وأضاف أن هذا المؤتمر يمثل أيضا مناسبة سانحة لإيجاد أقوم السبل الكفيلة بضمان تحقيق أهداف الألفية وتفعيل الجهود الرامية الى تعزيز مقومات التعاون والتضامن على الساحة الدولية وبلوغ درجات أفضل من الاندماج الاقتصادي وتبادل المنافع. كما أنه مناسبة للدعوة الى تفعيل الصندوق العالمي للتضامن الذي أصبح آلية من آليات منظمة الأممالمتحدة. وابرز السيد محمد الغنوشي أن المستجدات الدولية تقتضي أكثر من أي وقت مضى العمل على تكريس الالتزامات التي حددتها قمة الألفية وتوافق مونتيرى وخاصة منها التزام الدول المتقدمة بتخصيص نسبة 0.7 بالمائة من ناتجها الإجمالي للمساهمة في تحقيق الأهداف المنشودة تجسيما لمقومات التنمية المتضامنة. وأشار الى أن الإجراءات التي أقرتها البلدان المصنعة ولا سيما في إطار اجتماع مجموعة العشرين (المنعقد يوم 15 نوفمبر الجاري بواشنطن) لمعالجة الأزمة المالية والاقتصادية العالمية ستبقى محدودة النجاعة والفاعلية إذا لم يتم مراعاة مشاغل البلدان النامية وتطلعاتها وما تجابهه من اشكاليات. وأوضح إن ذلك يتطلب اتخاذ تدابير عملية تؤمن معاضدة جهود البلدان ذات الدخل المتوسط والبلدان الأقل نموا من أجل مجابهة انعكاسات الأزمة العالمية. وأكد الوزير الأول أن هذه الأزمة تبرز الحاجة الى المضي قدما في تعزيز التعاون بين البلدان المصنعة والنامية وفق مقاربة شاملة تراعي ترابط الإشكاليات والقضايا القائمة في إطار اقتصاد معولم تتداخل فيه المصالح ولا مجال معه للمقاربات المنفردة والحلول الجزئية والاعتبارات المحلية الضيقة. ولاحظ السيد محمد الغنوشي إن مصلحة البلدان المصنعة للتوقي من استفحال الركود و الانكماش تقتضي أيضا العمل على تعزيز جسور التواصل مع البلدان النامية وتنشيط حركية الاستثمار فيها خاصة في ضوء ما يتوفر لها من طاقات وإمكانيات طبيعية وموارد بشرية ومزايا تفاضلية لإحداث المشاريع في عديد القطاعات والأنشطة الواعدة. وبين أن تونس تحرص على تكريس مقاربة متكاملة تأخذ في الاعتبار متطلبات الحاضر والمستقبل مثلما يدعو الى ذلك الرئيس زين العابدين بن علي من منطلق اقتناعه الراسخ بأن لا تنمية مستديمة ولا استقرار في العالم بدون شراكة متكافئة تتلازم في إطارها الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية وتسهم في التقليص من التفاوت المجحف ومن مظاهر الفقر والخصاصة وما يترتب عنها من استفحال شعور الإقصاء والتهميش ونوازع التطرف والإرهاب. وأوضح الوزير الأول أن تونس عملت ولا تزال على تجسيم هذه المقاربة على الصعيد الداخلي من خلال ترسيخ الترابط بين تحرير الاقتصاد ودعم نجاعته من جهة وبين الحرص على توزيع ثمار النمو على كافة الفئات وتدعيم قيم التضامن والتآزر بين أفراد المجتمع من جهة أخرى. وأشار الى أن نتائج هذه المقاربة برزت من خلال توسيع قاعدة الطبقة الوسطى الى 80 بالمائة وتقليص نسبة الفقر الى ما دون 4 بالمائة مع الحفاظ على التوازنات الكبرى. واعتبر السيد محمد الغنوشي أن جولة المفاوضات التجارية التي أطلقتها الدول الأعضاء في المنظمة العالمية للتجارة من مدينة الدوحة بالذات قصد مزيد إعطاء الفرصة للبلدان النامية لتعزيز إمكانياتها في اقتحام الأسواق الدولية تدعو الى الأمل في أن تتضافر الجهود من أجل إيجاد الحلول لإرساء نظام تجارى أكثر عدلا وإنصافا وشفافية. وشدد على أن هذا التمشي من شأنه في هذا الظرف بالذات أن يمكن الدول النامية من تطوير وتنويع صادراتها من المواد الفلاحية والصناعية والخدمات ويرتقي بمردود تجارتها الخارجية بما لذلك من انعكاسات ايجابية على حركية التنمية على الصعيد العالمي. وأعرب السيد محمد الغنوشي عن الأمل في أن يفضي هذا المؤتمر الى نتائج عملية تكون في مستوى آمال و انتظارات البلدان النامية وتخدم مصالح المجموعة الدولية بأسرها وتستجيب لطموحات كافة الشعوب دون مفاضلة أو تمييز.