أكد "إعلان بغداد" الصادر عن القمة العربية الرابعة والثلاثون التي استضافتها العاصمة العراقية، السبت، على مركزية القضية الفلسطينية، ودعا لوقف فوري للنار في غزة، مشدداً على "رفض تهجير الفلسطينيين"، فيما أعلن دعم الدول العربية للمحادثات بين طهران وواشنطن بشأن الملف النووي الإيراني. وجاء في "إعلان بغداد" التأكيد على "مركزية القضية الفلسطينية بكونها قضية الأمة وعصب الاستقرار في المنطقة"، و"الدعم المطلق لحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، بما فيها حقه في الحرية وإقامة دولة فلسطينية مستقلة كاملة السيادة، وحق العودة والتعويض للاجئين والمغتربين الفلسطينيين". وأدان القادة العرب "جميع الإجراءات والممارسات غير الشرعية من قبل العدوان الإسرائيلي، بصفته القوة القائمة بالاحتلال، التي تستهدف الشعب الفلسطيني، وتحرمه من حقوقه في الحرية والكرامة الإنسانية والحياة". وطالب القادة في "إعلان بغداد" ب"وقف فوري للعدوان الإسرائيلي على غزة، ووقف جميع الأعمال العدائية التي تزيد من معاناة المدنيين الأبرياء"، كما حثوا المجتمع الدولي، "لا سيما الدول ذات التأثير"، على "تحمل مسؤولياتها الأخلاقية والقانونية لاتخاذ موقف للضغط من أجل وقف إراقة الدماء، وضمان إدخال المساعدات الإنسانية العاجلة دون عوائق إلى جميع المناطق المحتاجة في غزة". ودعا "إعلان بغداد" جميع الدول إلى تقديم "الدعم السياسي والمالي والقانوني للخطة العربية الإسلامية المشتركة" بشأن التعافي وإعادة الإعمار في قطاع غزة، في إطار مسار سياسي يؤدي إلى تجسيد استقلال دولة فلسطين. "الضغط" لفتح المعابر إلى غزة وشدد القادة العرب في "إعلان بغداد" على "أهمية التنسيق المشترك للضغط باتجاه فتح جميع المعابر أمام إدخال المساعدات الإنسانية لجميع الأراضي الفلسطينية، وتمكين وكالات الأممالمتحدة، لا سيما وكالة الأممالمتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين (الأونروا)، من العمل في الأراضي الفلسطينية، وتوفير الدعم الدولي". ورحب الإعلان بتشكيل "مجموعة عمل مفتوحة العضوية" لمتابعة "إنشاء صندوق بالتعاون مع الأممالمتحدة لرعاية أيتام غزة" الذين يقدر عددهم بنحو 40 ألف طفل، وأيضاً "تقديم العون وتركيب الأطراف الصناعية لآلاف من المصابين، لا سيما الأطفال الذين فقدوا أطرافهم". وشدد القادة العرب على رفضهم الكامل لكل أشكال تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه، "تحت أي مسمى أو ظرف أو مبرر"، معتبرين أن الأمر يعد "انتهاكاً جسيماً لمبادئ القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، وجريمة ضد الإنسانية وتطهير عرقي". كما أدانوا "سياسات التجويع والأرض المحروقة الهادفة إلى إجبار الشعب الفلسطيني على الرحيل من أرضه". وأكد القادة العرب موقفهم بشأن "الدعوة إلى تسوية سلمية عادلة وشاملة للقضية الفلسطينية"، كما أيدوا دعوة الرئيس الفلسطيني محمود عباس لعقد "مؤتمر دولي للسلام، واتخاذ خطوات لا رجعة فيها لتنفيذ حل الدولتين، وفق مبادرة السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية". كما طالبوا بنشر "قوات حماية وحفظ سلام دولية تابعة للأمم المتحدة في الأرض الفلسطينيةالمحتلة، إلى حين تنفيذ حل الدولتين". دعوة الفصائل الفلسطينية للتوافق ودعا القادة العرب في "إعلان بغداد" الفصائل الفلسطينية كافة إلى "التوافق على مشروع وطني جامع ورؤية استراتيجية موحدة"، بهدف "تحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني لنيل حقوقه المشروعة وإقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني على أساس حل الدولتين". وطالب "إعلان بغداد" بتنفيذ قرارات مجلس الأمن بشأن وقف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، كما دعا المجتمع الدولي إلى "الوفاء بالتزاماته القانونية كافة، وبشكل فوري، واتخاذ إجراءات حاسمة لإنهاء احتلال إسرائيل للأراضي العربية المحتلة"، بما في ذلك الجولان السوري وجنوبلبنان، وتنفيذ قرارات مجلس الأمن ذات صلة. كما أدان المحاولات الإسرائيلية التي تستهدف تهويد القدس، وتغيير هويتها العربية الإسلامية والمسيحية، والمساس بالوضع التاريخي والقانوني القائم في مقدساتها. وثمن "إعلان بغداد" مواقف الدول الأوروبية (إسبانيا والنرويج وإيرلندا) التي اعترفت بدولة فلسطين في مايو 2024، وحث الدول الأخرى على "اتباع الخطوة ذاتها". كما أكد الدعم الكامل ومساندة موقف جنوب إفريقيا في الدعوى القضائية ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية، بتهمة ارتكاب إبادة جماعية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة. احترام خيارات السوريين وفي الشأن السوري، أكد القادة العرب احترام خيارات السوريين، والحرص على أمن واستقرار بلادهم، وهو ما ينعكس على أمن واستقرار المنطقة، بالإضافة إلى "دعم وحدة الأراضي السورية، ورفض جميع التدخلات في الشأن السوري، وإدانة الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة"، و"انتهاك سيادتها ومحاولة تقويض وتدمير مقدراتها الوطنية". وأكد الإعلان "ضرورة المضي بعملية سياسية انتقالية شاملة تحفظ التنوع والسلم المجتمعي مع أهمية احترام معتقدات ومقدسات فئات ومكونات الشعب السوري كافة". وجاء في "إعلان بغداد" أن العقوبات الاقتصادية والمالية تؤثر على إعادة بناء سوريا في جميع الجوانب، فيما رحبوا بإعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب رفع العقوبات المفروضة على دمشق، وتقدموا بالشكر إلى المملكة العربية السعودية على "الجهود المبذولة لدعم الموقف السوري في هذا الشأن". كما رحّب القادة بتخفيف العقوبات الأوروبية المفروضة على سوريا، بما يفتح الطريق أمام تسريع وتيرة التعافي وإعادة الإعمار، وتوفير الظروف اللازمة للعودة الطوعية والآمنة للاجئين السوريين، وعودة النازحين داخلياً إلى مناطقهم الأصلية. الأوضاع في لبنان واليمن والسودان وليبيا كما أكد "إعلان بغداد" دعم لبنان في "مواجهة التحديات والحفاظ على أمنها واستقرارها ووحدة أراضيها، وحماية حدودها المعترف بها دولياً بوجه أي اعتداءات عليها وعلى سيادتها". وأشار إلى "ضرورة تطبيق الترتيبات الخاصة بوقف الأعمال العدائية بجميع بنوده، والالتزام بقرار مجلس الأمن رقم 1701"، في إشارة إلى القرار الأممي الصادر في 2006، والذي يدعو لوقف الحرب بين إسرائيل و"حزب الله". كما أدان "إعلان بغداد" الخروقات الإسرائيلية، وطالبوا تل أبيب ب"الانسحاب الكامل والفوري وغير المشروط من لبنان إلى الحدود المعترف بها دولياً، وبتسليم الأسرى المعتقلين في الحرب الأخيرة، والعودة إلى الالتزام بمندرجات اتفاقية الهدنة بين لبنان وإسرائيل لعام 1949". وشدد الإعلان على التضامن الكامل مع اليمن في الحفاظ على "سيادته ووحدته، ودعم الجهود لتحقيق الاستقرار والأمن ولإنهاء حالة الحرب والانقسام، وإيجاد الحلول عبر الحوار الداخلي، وتوفير الظروف الملائمة لتحقيق السيادة والازدهار، ورفض جميع أشكال التدخل في شؤونه الداخلية". وبشأن الصراع في السودان، أكد القادة العرب "أهمية إيجاد حل سياسي.. بالشكل الذي يحفظ سيادة ووحدة أراضي السودان، وسلامة شعبه، والتأكيد على ضرورة السماح بالمرور الآمن للعاملين في المجال الإنساني". ودعا القادة جميع الأطراف السودانية إلى "الانخراط في مبادرات التسوية اللازمة، مثل مبادرة إعلان جدة وغيرها من المبادرات"، كما رحبوا بالبيان الصادر عن الهيئة الحكومية المعنية بالتنمية في إفريقيا "إيغاد"، الذي نص على توحيد منابر حل الأزمة في السودان، وتبني نهج منسق لعمل جماعي لوقف الحرب المستمرة منذ منتصف نيسان 2023، والوصول إلى سلام شامل. وأكد "إعلان بغداد" الدعم الكامل لليبيا ولحل أزمتها عبر الحوار، و"رفض جميع أشكال التدخل في شؤونه الداخلية"، و"خروج كافة القوات الأجنبية والمرتزقة من أراضيها في مدى زمني محدد". كما دعا الإعلان مجلس النواب الليبي والمجلس الأعلى الاستشاري للدولة إلى "ضرورة سرعة التوافق على إصدار القوانين الانتخابية التي تلبي مطالب الشعب الليبي لتحقيق الانتخابات البرلمانية والرئاسية المتزامنة وإنهاء الفترات الانتقالية". وجاء في "إعلان بغداد" التأكيد على أن الأمن المائي "ركيزة أساسية من ركائز الأمن القومي العربي"، فيما شدد على أهمية دعم جهود العراق، ومصر، والسودان، وسوريا، "لضمان حقوقها المائية المشروعة". كما عبّر عن التضامن مع هذه الدول في مساعيها إلى "التوصل إلى حلول عادلة ومتوازنة، عن طريق الحوار والتعاون البناء بما يحقق المصالح المشتركة ويحول دون التسبب بأي أضرار محتملة لحقوقها المائية". دعم المحادثات الأميركية الإيرانية وشدد القادة العرب على أن التوترات المتصاعدة على الساحة الدولية "تسلط الضوء على تراجع الدبلوماسية مقابل استخدام القوة في تسوية الخلافات والنزاعات، والذي ينذر بخطر انعدام الحلول العادلة والمنصفة". وفي هذا الصدد، أكد "إعلان بغداد" على "الحاجة الملحة لحلول مستدامة في المنطقة عبر الحوار والدبلوماسية وعبر جهود المساعي الحميدة"، وأعرب عن دعم الدول العربية ل"المحادثات الإيرانية الأميركية" بشأن الملف النووي الإيراني. وفي السياق، رحب وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، خلال مؤتمر صحافي بعد القمة، بوساطة سلطنة عمان بين أميركا وإيران، من أجل التوصل إلى نتائج إيجابية. وجاء في الإعلان التأكيد على "ضرورة إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط"، ودعا جميع الأطراف المعنية إلى "الانضمام لمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية". "لجنة عربية لتسوية الخلافات" وقال وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، إن القمة العربية قرارات مهمة أصدرتها القمة العربية، والتي جاءت بعد "دراسة مستفيضة ونقاشات معمقة من قبل كبار المسؤولين ووزراء الخارجية العرب". وأضاف في المؤتمر الصحافي بعد إنهاء أعمال القمة العربية، أن "العراق تقدم بمقترح لتشكيل لجنة عربية تعني بإدارة الأزمات وتسوية الخلافات داخل البيت العربي، عبر آليات دبلوماسية مرنة تركز على الحوار وبناء الثقة، وتعكس حرصنا على صون وحدة الصف العربي، وتغليب منطق التعاون على الخلاف". وفيما يتعلق بالقمة التنموية الاقتصادية، ذكر وزير الخارجية العراقي أن مخرجات القمة أسفرت عن "تعزيز التكامل الاقتصادي العربي، وتطوير آليات التعاون في مجالات التنمية المستدامة والطاقة والابتكار، والذكاء الاصطناعي". وأشار إلى أن الجانب الاقتصادي ركز على 28 قراراً من أجل تعزيز العمل العربي المشترك، لافتاً إلى تشكيل لجنة وزارية عليا مفتوحة العضوية تتشكل من العراق، والأمين العام لجامعة الدول العربية، وكذلك الدول العربية الراغبة في الانضمام إلى اللجنة، التي تتولى مهمة تقريب وجهات النظر بين الأشقاء لتسوية الخلافات. وأبان وزير الخارجية العراقي إلى أن هناك مشروع الإصلاح الاقتصادي العربي للعقد المقبل، وأيضاً للمبادرة العربية للدعم الإنساني، لافتاً إلى أن الحكومة العراقية تتبرع ب40 مليون دولار إلى الصندوق العربي لدعم جهود التعافي وإعادة الإعمار، إذ سيخصص 20 مليون دولار للجهود الإنسانية وإعادة الإعمار في قطاع غزة، و20 مليون دولار لإعادة الإعمار في لبنان. بدوره قال أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، إنه "تم إنشاء صندوق اليتامي الفلسطينيين، من أجل التعامل مع معضلة مايقارب 40 ألف يتيم فلسطيني في قطاع غزة"، مشيراً إلى أنه "تم التصديق على إقامته". الأولى الأخبار