أخبار تونس- بعد شهر من انطلاق الثورة التونسية، وعودة الأمن تدريجيا لا تزال عديد المرافق الاقتصادية بحاجة إلى دعم قوي لاستئناف نشاطها. وفي هذا الصدد، أكّد السيد مصطفى كمال النابلي، محافظ البنك المركزي خلال ندوة صحفية عقدها يوم الأربعاء 16 فيفري بتونس أن “تفادي مخاطر الانزلاق الاقتصادي أو الانفلات الاقتصادي مرتبط أساسا بتحسين الأوضاع الأمنية وتبويب المطالب الاجتماعية حسب أولويات الاستجابة وعودة الإنتاج ككل إلى وضعيته العادية”. واعتبر في نفس السياق،أن المرحلة الحالية تحتم اهتماما أكبر بالجوانب الاقتصادية للبلاد بعد أن تم التركيز في الفترة الأخيرة على الجانب السياسي والأمني. وتبعا لذلك يتطلب الوضع الاقتصادي الحالي التسريع في استعادة النسق العادي لمستوى الإنتاج والتصدير فضلا عن المحافظة على مواطن الشغل الموجودة والعمل على خلق مواطن جديدة. وأوضح محافظ البنك المركزي،أن “هذا المعطى لا يتحقق إلا بوجود الاستثمار” معتبرا في الآن ذاته، أن “الوقت لم يحن بعد لتقديم تقييم دقيق لآفاق الاقتصاد التونسي لسنة 2011 خاصة وأن عديد العناصر المؤثرة لا تزال غير واضحة” . وتتعلق هذه العناصر خاصة في : - مدى سرعة وكيفية عودة النشاط العادي للمؤسسات المنتجة. - قدرة المؤسسات على توفير التمويل اللازم لأنشطتها. - وقدرة الشركات على استرجاع أسواقها الخارجية وثقة حرفائها والإيفاء بتعهداتها ومواصلة الحفاظ على قدراتها التنافسية. مؤشرات الوضع الاقتصادي الراهن: من جهة أخرى، أكد السيد مصطفى كمال النابلي قدرة الاقتصاد الوطني على مجابهة كلفة الأحداث الأخيرة مشيرا إلى تواصل المعاملات على المستوى النقدي والبنكي بشكل يكاد يكون طبيعيا واسترجاع العمليات البنكية نسقها الطبيعي واستعادة هذه البنوك ثقة حرفائها. كما واصلت البنوك نشاطها وإيفائها بتعهداتها رغم تعرض عدد من الفروع البنكية للحرق والنهب. كما تحدث عن تولي البنك المركزي توفير السيولة اللازمة للبنوك الموجودة على الساحة ومواصلة السوق النقدية لنشاطها العادي. ولاحظ محافظ البنك المركزي أن العملة التونسية لا زالت تحافظ على قيمتها مع تواصل التعامل على مستوى سوق العملة النقدية للعملة وسعر الصرف بصفة عادية. وأفاد أن الاحتياطي من العملة الصعبة تراجع من 13 مليار دينار موفى شهر ديسمبر 2010 تمثل 147 يوم تصدير إلى 12.2 مليار دينار حاليا أي ما يعاد 139 يوم تصدير وعزى السيد النابلي تراجع الاحتياطي من العملة الصعبة إلى تراجع جهود التصدير. و بخصوص سوق الأسهم أوضح السيد مصطفى كمال النابلي أن التراجع الذي سجلته أسهم بعض الشركات وتقلص المؤشر الرئيسي للسوق المالية لا يوحي بأي خطورة . وأكد السيد مصطفى كمال النابلي أن عملية التدقيق الأخيرة لدى البنوك بينت أن القروض التي تدين بها الشركات وعدد من الأشخاص المرتبطين بالرئيس المخلوع إلى عدد من البنوك العمومية والخاصة تصل إلى قيمة 2500 مليون دينار أي ما يعادل 5 بالمائة من حجم التمويلات البنكية. وتم توجيه 1300 مليون دينار من مجمل 2500 مليون دينار لأربعة مشاريع هي شركات اسمنت قرطاج و التونسية للسكر و تونيزيانا و اورانج . وأفاد أن 71 بالمائة من هذه القروض الجملية “أي ما يناهز 1770 مليون دينار” تعتبر ذات مخاطر ضعيفة وهي تتوفر على ضمانات عينية أو مالية فيما تعتبر 430 مليون دينار ذات مخاطر نسبيا هامة ويستدعي تصنيفها على المستوى المحاسبي. وفي ما يتعلق بتأثير ذلك على أداء البنوك المعنية بهذه التمويلات، أكد السيد مصطفى كمال النابلي أن ذلك سيكون له انعكاسات رغم ثقته في قدرة هذه المؤسسات المالية على استيعاب مخاطر هذه القروض بالاعتماد على ما يتوفر عليه من احتياطي.