اعترف زعيم تنظيم القاعدة، أيمن الظواهري، بتأثير السياسة الأمنية المتخذة من قبل الجزائر ضد الإرهاب، من خلال دعوته إلى ”إضعاف الجزائر” التي قال إنها تمكنت من إضعاف الجهاديين خلال التسعينات، قاصدا بذلك، المعارك التي خاضها الجيش مع المجموعات الإرهابية خلال العشرية السوداء. قال الظواهري في بيان أول أمس، تحت عنوان ”توجيهات عامة للعمل الجهادي” تم نشره على منتديات إلكترونية للجهاديين ”معركتنا طويلة والجهاد بحاجة لقواعد آمنة”، وكان الظواهري يقصد من كلامه، حسب الخبراء الذين حللوا كلمته، منطقة شمال إفريقيا، التي اعتقدت العقول المدبرة داخل القاعدة أنها صارت ”منطقة آمنة” باعتبار أن الأنظمة والحكومات وجيوش المنطقة صارت تهتم أكثر بما سمي بالربيع العربي، لكن الظواهري أبان على ما يفهم منه، أن المنطقة وخاصة الجزائر، كأول الدول التي رفعت تحدي مكافحة الإرهاب، صارت تمثل حجر عثرة أمام طموحات القاعدة، فذكر الجزائر بالاسم، من منطلق ”ضرورة إضعافها” باعتبارها ألحقت أضرارا بليغة بالمجموعات المسلحة التابعة للقاعدة، وأهم مؤشر على ذلك فرار مجموعات إرهابية من شمال مالي إلى جنوب ليبيا، الأسابيع الماضية في عملية لافتة تبتغي منها هذه الجماعات البحث عن منطقة آمنة، كما دعا إلى ذلك أيمن الظواهري الذي شدد على أتباعه عدم تنفيذ هجمات في تلك المناطق لتفادي جلب الأنظار وكسب أتباع جدد، بغية الانطلاق في مسعى ”نشر نفوذ الإسلاميين في المغرب العربي وغرب إفريقيا”. كما أصدر توجيهات بشأن ”الجهاد” تمنع مهاجمة الطوائف الإسلامية التي لا تتبنى فكر القاعدة، وكذلك غير المسلمين وتجنب بدء صراعات في دول قد يجد فيها الجهاديون قاعدة آمنة لترويج أفكارهم، بينما أعطيت قراءات محللين بأن ما دعا إليه الظواهري ينم عن إستراتيجية جديدة للقاعدة بعد 12 عاما عن اعتداءات نيويورك وواشنطن، حيث ذكر الظواهري أن الهدف العسكري للقاعدة لا يزال إضعاف الولاياتالمتحدة وإسرائيل، لكنه أكد في الوقت نفسه على أهمية ”الدعوة” لنشر أفكاره. وتحدث الظواهري عن فرع القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، من خلال تركيزه على تأمين التوغل في شمال إفريقيا وغربها، إثر الضربات التي تلقاها التنظيم خلال التدخل العسكري الفرنسي لطرد الجماعات الإرهابية شمالي مالي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل عبد الحميد أبو زيد، أمير القاعدة في الصحراء، وإلحاق خسائر جمة بجماعة مختار بلمختار، التي أرادت فك الحصار عنها من خلال اعتداء تيڤنتورين، جانفي 2013، وسبق هذا التضييق عمليات قامت بها أجهزة الأمن الجزائرية، أولها توقيف ثلاثة إرهابيين ببريان، بولاية غرداية، من بينهم الضابط الشرعي، رئيس اللجنة القضائية وعضو مجلس الأعيان في تنظيم القاعدة المسمى نسيب طيب والمكنى بعبد الرحمن أبو إسحاق السوفي، كما اعترف أيمن الظواهري بالضربة التي تلقاها التنظيم بمقتل أبو يحيى الليبي، العام الفارط وكان يعتبر الرجل الثاني في التنظيم، منذ مقتل أسامة بن لادن، كما كان يمثل جسر التواصل بين القاعدة الأم وقاعدة بلاد المغرب الإسلامي.