تلاميذ اليوم أكثر دلالا وانفاقا من تلاميذ الأمس. هذا ما يروج له البعض مؤكدين أن الوالدين أصبحوا في حيرة من أمرهم جراء تزايد طلبات الأبناء وكثرة مصاريفهم اليومية. فما ان يتخلص الواحد من مصاريف العودة المدرسية (كراريس كتب أدوات...) حتى ينتصب الإبن أمامه مطالبا بحقه في »مصروف الجيب« يرفع من شأنه أمام أترابه ويشعره بالاستقلالية المادية. فماذا يقول الأبناء عن هذه الإشكاليات؟ وأين ينفقون الأموال التي يحصلون عليها من أوليائهم أو من الأعمال التي يمارسونها في العطلة الصيفية أو في أوقات الفراغ. خلافات مع الأولياء فاجأتنا التلميذة ندى منذ البداية قائلة: "أنفق أموالي في الماكياج والحلاقة وسائر النفقات اليومية. ولا أخفيكم أن المبلغ الذي أنفقه يوميا يصل أحيانا الى دينارا". وعندما استكثرنا المبلغ الذي لا يتناسب مع وضعها كتلميذة أكدت ندى أن المتطلبات كثيرة ولا يمكنني أن أحرم نفسي من أشياء أعتبرها ضرورية، واعترفت التلميذة أن والديها كثيرا ما يلومونها على الإسراف ويطالبونها بتقليص المصاريف، لكنها لا تستطيع الى ذلك سبيلا، أما زميلها في الدراسة سليم الدريدي فيذهب أغلب ما له الخاص الى التدخين والقهوة والمجالات الشبابية مثل "Star-club" و"Salut". ويقول سليم في هذا الصدد: »لا يوجد اختلاف كبير بين التلاميذ خاصة الذكور منهم في كيفية انفاق ما لديهم من أموال. فقد كثرت المتطلبات وأصبح المراهق مدعوا الى مسايرة روح العصر من خلال القيام بجولات مع أصدقاء أو ارتياد الأماكن التي يحلو فيها السهر. وهذا يتطلب المزيد من المصاريف وأنا شخصيا آخذ مصروفي من والدي. وهو لا يرى مانعا في تلبية رغباتي ما دامت في حدود المعقول«. رفقا بالوالدين ويعتقد هذا الشاب وأمثاله عديدون أن الحرمان يؤدي بالضرورة الى اصابة التلميذ بعقدة نفسية بسبب شعوره بالنقص وهو يشاهد أصدقاءه ينفقون بلا حساب. وأضاف راجيا الأولياء مراعاة وضعية أبنائهم ومحاولة الاستجابة لرغباتهم في عصر تغيرت فيه المفاهيم وكثرت فيه الملذات والمتطلبات اليومية. وخلافا للتلاميذ الذين دافعوا عن حقهم في »مصروف جيب« كبير مهما كانت التضحيات أكدت شريحة أخرى من التلاميذ أن الابن مطالب بالحكمة في التصرف وعدم اجبار والديه على توفير مصاريف تفوق دخله الشهري. وتقول التلميذة شيراز كورو: »مصروفي اليومي لا يتجاوز دينارين. أنفقها في شراء بعض الأكلات السريعة أو نسخ الدروس التي أستحقها. وأعتقد أن الرأفة بالوالدين مطلوبة في مثل هذه الحالات ويجب أن تكون الطلبات مناسبة مع الدخل الشهري للوالدين«. هذا الرأي تردد صداه على لسان زميلات شيراز كورو، فقد ذكرت صديقتها سارة العلوي أنها لا تتقاضى مبلغا محددا كل يوم، بل تكتفي بقليل من الأموال تضعها في المكان المناسب. فهي ليست مبذرة وترفض الإنفاق على حساب »جيب« والديها. وإذا كانت درصاف شركسي تأخذ »المصرو" أسبوعيا بمعدل دنانير تنفقها في ما هو ضروري فقط، فإن صديقتها ياسمين محجوب تعمل بالمثل القائل: 3كل نهار وقسمو3. وقد لاحظنا أن نفقات التلاميذ تختلف باختلاف الرغبات الشخصية. فهناك من ينفق دون تفكير، بينما يحرص آخرون على وضع مصلحة العائلة في المقام الأول، ويبدو أن الوضعية ستتغير في السنوات القادمة بحكم تزايد نسق الإنفاق الشخصي ورغبة المراهقين والشبان في تلبية كل المتطلبات حتى الكمالية منها وبأي ثمن.