لم تعد مصاريف الدراسة الجامعية مقتصرة هذه الأيام على معلوم التسجيل بالجامعة واقتناء الاشتراك السنوي للنقل ودفع معلوم الإقامة بالمبيت الجامعي الحكومي أو الخاص وتخصيص مبلغ مالي للأكل والشرب واللباس فقط، بل أصبح الطالب مطالبا بتخصيص مبالغ مالية هامة موجهة لتغطية مصاريف استعماله للانترنت أو اقتناء حاسوب محمول وشحن هاتفه الخلوي إلى جانب توفير مبالغ مالية أخرى لمواجهة مصاريفه الأخرى المتنوعة والمتجددة كل يوم فكيف يواجه الطلبة التونسيون هذا الكم الهائل من المصاريف الجامعية؟ خاصة أن القرض الجامعي أو المنحة الجامعية لا تتعدى 600 دينار في السنة. هذا السؤال طرحته «الشروق» على عدد من الطلبة والطالبات والإجابة سنتعرف عليها من خلال النقل التالي: البداية كانت مع الطالب بسام الغانمي (سنة ثانية فنون تشكيلية بالمعهد العالي للفنون الجميلة بتونس) حيث أكد أن الطالب التونسي اليوم أصبح يعيش سلسلة من التحديات ومطالب بالتصرف بطريقة فيها الكثير من النضج والتضحية إذا أراد أن يتم دراسته الجامعية والحصول على شهادة جامعية والسبب هو هذا الارتفاع المهول في الأسعار وتعدد المصاريف وكثرتها التي أصبحت تثقل كاهل الطالب والولي على حد السواء. غصرات متتالية ويضيف بسام قائلا: حتى أكون عمليا سأقوم بجرد قائمة المصاريف التي تتطلبها الدراسة بالجامعة والمبلغ المالي الذي أتحصل عليه من والدي أو من المنحة الجامعية لنلاحظ الفرق الكبير بين المبلغين. فالطالب الذي لا يبحث عن الكماليات ويعيش لتحقيق الضروريات فقط كما هوالحال بالنسبة إلي شخصيا ولعدد كبير من الطلبة المنتمين إلى الطبقة الاجتماعية المتوسطة أو محدودة الدخل مطالب بدفع مبلغ أربعة دنانير يوميا للأكل أي 120 دينار في الشهر. وتوفير أكثر من 60 دينارا في الشهر لتغطية المصاريف المتعلقة باقتناء لوازم الدراسة خاصة بالنسبة لمن يدرس بإحدى شعب الفنون الجميلة أو الموسيقى أو الهندسة المعمارية وغيرها من الشعب التي تعتبر من الشعب المكلفة والمتطلبة هذا بالإضافة إلى مصاريف التنقل والتي تتجاوز أحيانا 20 دينارا إذا كان الطالب مطالب بالتنقل إلى أكثر من مكان للضرورة الدراسية هذا بالإضافة إلى ثمن التنقل لزيارة أهله مرة كل شهر. إلى جانب تخصيص مبلغ آخر بعنوان تغطية المصاريف الشخصية هذا المبلغ يتراوح بين 50 دينارا و60 دينارا دون أن ننسى دفع معلوم الإقامة بالمبيت الجامعي كل ثلاثة أشهر بالنسبة للذين يتمتعون بحق الإقامة بالمبيتات الجامعية الحكومية ويختلف الأمر إذا كان الطالب يقطن بمنزل على وجه الكراء أو بمبيت خاص فإن المبلغ عندئذ سيكون 100 دينار شهريا وفي مقابل كل هذه المصاريف لا تتعدى المنحة الجامعية أو القرض 600 دينار في السنة أي بمعدل 60 دينارا في الشهر فمن أين للطالب أن يوفر بقية المبلغ ويغطي مصاريفه الجامعية؟ هكذا طرح الطالب باسم التساؤل ونحن بدورنا طرحنا عليه السؤال نفسه فأجاب: إن الأمر في غاية الصعوبة خاصة بالنسبة لي فلدي ثلاثة إخوة آخرين يدرسون بالجامعة ووالدي من متوسطي الدخل ولذلك كان لزاما عليّ أن ارسم وأبيع بعض اللوحات حتى أتمكن من مواصلة الدراسة والحصول على شهادتي الجامعية. التقشف والتداين بعض الطلبة أكدوا ل«الشروق» أن الوسيلة المثلى لمواجهة المصاريف الجامعية هي التقشف وتقول الطالبة سهام في هذا الصدد أنا مضطرة لتناول الطعام بالمطعم الجامعي حتى وإن كانت الوجبات غير جيدة للضغط على المصاريف وحرمان نفسي من الخروج والتنزه مثل بقية الصديقات لأن الخروج للنزهة يتطلب ثمن التنقل والأكل وغير ذلك من المصاريف. أما أيمن فقد اختار طريقا آخر لمواجهة مصاريفه الجامعية وذلك بالاقتراض من أحد أقاربه على أن يرجع كل ما اقترضه منه بعد تخرجه وحصوله على عمل أيمن قال: إن هذا الحل كان ضروريا لمواصلة دراستي الجامعية خاصة أنني لا أتمتع لا بمنحة ولا بقرض جامعي ووالدي ليست له جراية شهرية قارة. الأولياء الاعتماد على الأب والأم في مواجهة المصاريف الجامعية هو الحل الوحيد أمام كل من الطالب أيوب بكار ورؤوف بن حرز الله وعمر بن براهيم وحمزة السعيدي وقد أكدوا أن القرض الجامعي أو المنحة لا تغطي سوى ربع مصاريف الدراسة الجامعية ولذلك فإن أغلبهم يعتبرون القرض أو المنحة بمثابة مصروف الجيب لا أكثر. عمر أكد أيضا أنه لا يتمتع بمنحة جامعية ولذلك فإنه إلى جانب اعتماده على أبيه في تغطية مصاريفه الجامعية فإنه يعمل خلال الصيف حتى لا يواجه أزمات مالية خلال السنة الجامعية تعيقه على مواصلة دراسته. المنحة ضرورية من جهتها ترى الطالبة منال السماوي (سنة رابعة صحافة) أن جميع الطلبة يستحقون قروضا ومنحا جامعية إلا قلة قليلة منهم لمواجهة المصاريف الجامعية وتحقيق طموحاتهم العلمية وأضافت باعتباري سأكون إعلامية في المستقبل فإن ذلك يتطلب مني التنقل والعمل وزيارة عدد من المؤسسات الإعلامية والقيام بتربصات وكتابة مقالات وكل هذه الأمور لا يمكن القيام بها إلا إذا كان لدي مبلغ محترم من المال لمواجهة جميع المصاريف والحال أنني لا أتمتع لا بمنحة ولا بقرض. وتشاطر الطالبة بلقيس بالطيب رأي منال وقالت إن المنحة الجامعية بمبلغها الحالي لا تكفي لتغطية جميع المصاريف الدراسية بالجامعة ولذلك لا بد من التفكير في الترفيع في قيمتها حتى تصبح معقولة.