هناك هاجس التونسيين في جبهات القتال في سوريا، كم عدد الذين تم منعهم من السفر إلى هناك، وهل هناك خطة لاستيعابهم مجددا؟ منذ شهر مارس 2013 نجحنا في منع ما يقارب تسعة آلاف شخص من التوجه إلى سوريا، بعضهم أودعوا السجن وبعضهم أطلق سراحه، وكل الذين تم منعهم من السفر إلى سوريا موجودون تحت الرقابة الأمنية. أما الذين سافروا إلى سوريا فعددهم يتراوح بين 2500 إلى ثلاثة آلاف تونسي منذ الثورة، بينهم 500 شخص قتلوا هناك، وهناك من عادوا إلى تونس واعترفوا بالانتماء إلى مجموعات إرهابية في الخارج وتمت ملاحقتهم قضائيا، وهناك من لم نتمكن من إقامة الحجة عليه، ومع ذلك وضعناهم في قاعدة بيانات ونراقبهم، لكن المراقبة الأمنية تظل وحدها قاصرة، علينا أن ندخل مع هؤلاء المتشددين في حوار عبر لجان من علماء الدين والمختصين النفسانيين والاجتماعيين، لمناقشتهم في هذا الفكر التكفيري، خاصة أن جزءا منهم من القصّر و48 بالمائة منهم من ضعاف المستوى التعليمي، وبعضهم من خريجي السجون الذين يجدون في هذا الفكر صك غفران للتكفير عن ذنوبهم. هناك بعض العائلات التي تحصل أبناؤها في سوريا على قرارات عفو، هل هناك خطة لإعادتهم إلى تونس ؟ فتحنا مكتبا إداريا للتمثيل بعد قطع العلاقات، يمكننا من معرفة ما يحدث في سوريا ولمعرفة مصير التونسيين في سوريا، ونحن نحاول عن طريق الأمن الخارجي للدول الشقيقة معرفة مصيرهم، حاولنا أن ننقح قانون الإرهاب لنستعيض عنه بقانون آخر، لأنه حقيقة وفعلا هناك في بعض الجوانب مساس بالحرية الشخصية، وخوف الناشطين، ولأن عددا من أعضاء المجلس التأسيسي، سواء من الإسلاميين أو اليساريين، ذاقوا مرارة السجون والتعذيب في العهد السابق، ولذلك تأخروا في مراجعة قانون الإرهاب، خاصة ما يتعلق باستثناءات تتيح حماية الشاهد وتمكينه من التبليغ، وتمكين المحامي من حق إفشاء السر المهني في حال أن الأمر يتعلق بالتبليغ عن عمليات إرهابية بغرض حماية الأرواح، وكذا الاندساس من قبل أعوان الأمن داخل المجموعات المتشددة لمعرفة مخططاتها وحماية عون الأمن المندس، والتنصت وتقنين التنصت، وهذه كلها قضايا يجب أن تقنن دون أن يكون هناك إخلال بحقوق الإنسان والحريات الشخصية، حتى لا نعيد إنتاج أساليب النظام السابق الذي كان نظاما بوليسيا. ما عدا المواجهة العسكرية، هل فكرتم في التوجه إلى معالجات سياسية كقانون الرحمة والوئام المدني كما في الجزائر ؟ الجزائر كانت أول دولة عربية تتعرض لهذه الظاهرة، عندما كانت الدول العربية لا تفهم الظاهرة الإرهابية، الآن بدأت الدول العربية تفهم ماذا حدث في الجزائر، نحن في مواجهة إرهابيين نزعت منهم الرحمة، والغريب أننا في تونس لم نمنع السلفيين من المساجد ولا من حرية النشاط الديني، ولم نمس بحرياتهم، ولكنهم فجأة حملوا السلاح وبدأوا الاغتيالات، لذلك نحن في تونس لم نصل إلى مرحلة متقدمة كما وصلتها الجزائر، نحن في مرحلة المواجهة الآن، ثم إن المجموعات الإرهابية الثلاثة المتواجدة في الشعانبي والكاف وجندوبة لا يتجاوز عدد أفرادها 100 أو 110، بعضهم هاربون من العدالة الجزائرية. إلى أي حد يزيد الوضع في ليبيا من حجم المخاطر الإرهابية بالنسبة لتونس؟ ما يقلقنا الآن أكثر هو الوضع في ليبيا، خاصة مع تهريب السلاح المتدفق، ليبيا قنبلة موقوتة في وجهنا ووجه الجزائر، نحن نتحدث عن سيارات رباعية الدفع متوفرة لدى المتشددين في ليبيا كاللعب، ومعسكرات تدريب، وقذائف سام 7 مفقودة، وقذائف موجهة، وقذائف “أربي جي 7” وطائرات، هناك 12 طائرة مفقودة في ليبيا يمكن أن تستخدمها المجموعات الإرهابية للقيام بعمليات استعراضية ضد تونس أو الجزائر، نحن نتحدث عن أشخاص ليس لهم أي تفكير غير التخريب والتدمير. الوضع مقلق في ليبيا، لا نعرف من يسيطر على المعابر في ليبيا، في كل مرة تسيطر عليها مجموعة، الوضع في الشرق غير الوضع في الغرب، أنصار الشريعة أنفسهم غير متفقين مع بعضهم، مجموعة مصراتة لا تعرف توجهاتهم، مجموعة الزنتان وهم الأقرب إلى الجزائروتونس للأسف لا يسيطرون على المعابر، لذلك عملنا شريطا حدوديا عازلا يمتد على 300 كيلومتر يمر على جندوبة والكاف في مناطق الجنوب، لمنع تسلل الإرهابيين التونسيين والليبيين نحو التراب التونسي للقيام بعمليات إرهابية، ولمنع تهريب السلاح ومنع المواد المدعمة التي تنهك الاقتصاد التونسي. ما يقلقنا أيضا أن هناك أثرياء عربا يمولون المجموعات الإرهابية. تمويل من أثرياء عرب للإرهابيين في تونس.. أنت تتحدث عن معلومات ؟ بالتأكيد.. لدينا معلومات استخباراتية عن أثرياء عرب من الخليج يحملون الفكر التكفيري يمولون المجموعات الإرهابية، لا أتحدث عن دول، لكني أتحدث عن أثرياء كأشخاص، وأيضا هناك الفدية التي منحتها عدة دول أوروبية لتنظيم القاعدة في مالي، والتي حصلت كتيبة عقبة بن نافع على جزء منها لشراء الأسلحة. كم عدد الإرهابيين الجزائريين المنضوين في المجموعات الإرهابية في تونس ؟ عددهم حوالي 20 من الإرهابيين الجزائريين، بعضهم شارك في عملية هنشير التلة التي راح ضحيتها 15 عسكريا، لكني أود أن أوضح أمرا، تحرجني كلمة إرهابي جزائري، لأننا نعرف أن الجزائر هي أكثر الدول والشعب الجزائري أكثر من عانى من الإرهاب. بحكم خبرة الجزائر في مكافحة الإرهاب، هل أرسلتم فرقا أمنية لتلقي التدريب فيها ؟ بين تونسوالجزائر، نحن متفقون على آليات محاربة الإرهاب وهناك تبادل تام بين حرس الحدود والحرس الوطني وتنسيق تام في مكافحة الإرهاب، لدينا فرق تتدرب في تونس خاصة من الشرطة الفنية، ولدينا وقفات أمنية يومية لتبادل المعلومات بشكل سريع، وتعاون استخباراتي جزائري مع الأمن الخارجي التونسي، ولهذا نحن مطمئنون إلى وضع الحدود مع الجزائر. هل لتونس مخاوف جدية من وجود تنظيم ما يعرف بداعش؟ لم نرصد تنظيما مواليا لداعش مثل جند الخلافة في الجزائر، لكن هناك انقساما داخل كتيبة عقبة بن نافع. التونسيون من صغار التجربة والسن تأثروا بتجربة داعش وسارعوا إلى إعلان الولاء، وهذا أثار غضب المنتمين إلى تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي من الجزائريين والمغاربة الذين يسيطرون على القيادة، ووقع خلاف بينهم، وهو خلاف يتطور. وقد تم طرد التونسيين إلى جزء آخر من جبل الشعانبي، وهو خلاف في صالحنا، وهناك شبه تنافس على الخلايا النائمة بين جناح عقبة بن نافع الموالي لداعش وبين القاعدة، ونحن نلمس هذا الصراع على مواقع الأنترنت ولدينا معلومات بذلك.