طعنت متهمة بالاستئناف في حكم ابتدائي صادر ضدها قضى بسجنها مدة عشرين عاما بعد ادانتها من أجل تورطها في جريمة قتل نفس بشرية عمدا مع سابقية الاضمار، وقد نظرت احدى الدوائر الجنائية بمحكمة الاستئناف بتونس أمس في ملفات القضية. المتهمة في الثلاثينات من العمر وهي طبيبة بيطرية مختصة أما الهالك فهو تقريبا في نفس السن ويعمل اطارا عاليا بشركة، وهما قريبان وترعرعا معا منذ الطفولة، فهو ابن خالتها، وبعد نجاحهما في الدراسة اختصت هي في الطب البيطري فيما اختار هو ميدان الأعمال وكانت تنشأ بينهما علاقة مودة تطورت بمرور الزمن إلى علاقة حب توطدت حتى بلغت أقصاها وأقساها. وحضرا الحبيبان زواج أخت الطبيبة بأخ حبيبها وهو ما زاد في تعميق الرابط بينهما وبين العائلتين من جهة ثانية، فاتفقا على الزواج... إلاّ أن الأمر تبدل بعد بروز خلافات بين أخويهما المتزوجين اللذين انفرطت علاقتهما الزوجية وانتهت بالطلاق، فانعكس ذلك سلبا على علاقة الطبيبة بابن خالتها، وتراكمت الخلافات والمشاكل بينهما وكان الجفاء يظهر من حين لآخر حتى اتفقا على الانفصال وتدبر كل منهما لأمر حياته. بعد مدة من الزمن ارتبط ابن الخالة بفتاة أخرى فخطبها وكردة فعل على ذلك ارتبطت الطبيبة بشخص آخر فخطبها أيضا، لكن ذلك لم يقدر على زعزعة رباط الحب بينهما، فتواصلت العلاقة حينا في العلن وأحيانا كثيرة بالتخفي وكان ابن الخالة يتردد على منزل ابن خالته المنتصب بعمارة بأحد أحياء المنار شمالي العاصمة تونس. غير أن منعرجا حدث في هذه العلاقة اذ أبلغ الفتى حبيبته «سابقا» بأن ادارة الشركة التي يعمل بها كرّمته على مجهوده الايجابي في العمل وأهدته تذكرتي طائرة ليقضي عطلته باسبانيا ويعلن زواجه من خطيبته الجديدة وهو ما أشعل نيران الغيرة في نفس الحبيبة السابقة التي كانت قد هددت ابن خالتها بأنها ستنتقم منه بالقتل ان هو تزوج غيرها. وأمام خبر اعتزام الهالك الزواج والسفر إلى أوروبا قررت الطبيبة الاتصال باحدى محلات بيع دواء الحيوانات واشترت مادة سامة تستعمل للقضاء على الفئران واستدعت للغرض قريبها، ثم وضعت له السم في الأكل واعتقدت أنه سيقضي عليه بعد مدة زمنية إلا أن الأمر سرعان ما أخذ وجهة أخرى، اذ اصيب الزائر بالغثيان وبدأت الآلام تراوده حتى أدى السم مفعوله وأصاب المتضرر بنزيف دموي داخلي حاد عندها استنجدت «حبيبته السابقة» ببعض الجيران وطلبت منهم مساعدتها على نقله الى احدى المصحات الخاصة بجهة المنار ولطمأنتهم أخبرتهم بأنها حالة عادية كانت تراوده من حين لآخر وقد أصابته سابقا. نقل المصاب الى المستشفى وحاول الأطباء اسعافه، إلا أن قوة مفعول المادة السامة لم تمهل الأطباء فرصة إنقاذ حياته اذ لفظ أنفاسه الأخيرة متأثرا بحالة التسمم التي اصابته وبالنزيف الدموي الحاد. أبلغ المسؤولون بالمصحة أعوان الأمن وأبلغ ممثل النيابة العمومية والسلط القضائية بالموضوع فتمت معاينة الجثة كما تم الاذن بعرضها على مخابر تحليل الطب الشرعي حيث تبين وجود مادة سامة في دماء الهالك. واتصل أعوان الأمن بالطبيبة البيطرية وقاموا بتفتيش منزلها حيث عثروا على مادة للقضاء على الفئران تبين بعد عرضها على التحاليل الكيمائية أنها نفس المادة التي عثر عليها بدماء وسوائل الهالك وبآثار سوائله في بعض الأغطية بمنزل البيطرية. وتم جلبها إلى مركز التحقيق وبالتحرير عليها أنكرت ما نسب اليها ونفت أن تكون قد وضعت المادة السامة في طعام الهالك وقد تميزت أقوالها بالارتباك والاضطراب وأحيانا بالتناقض، وبعد انهاء الأبحاث في شأنها أحيلت على أنظار أحد قضاة التحقيق بالمحكمة الابتدائية بتونس حيث تمسكت بنفس أقوالها واعتصمت بالنفي والانكار إلا أن شهادة الشهودة وتقارير الأطباء الذين حاولوا اسعاف الهالك وشهاداتهم اضافة إلى تقرير الطبيب الشرعي الذي أثبت أن المادة التي تم حجزها بمنزل المشتبه بها هي نفس المادة التي عثر عليها أثناء التحليل بسوائل الهالك، وهو ما جعل ممثل النيابة العمومية يوجه لها تهمة قتل نفس بشرية عمدا مع سابقية الاضمار باستعمال مواد سامة. وأصدر ضدها بطاقة ايداع بالسجن، وهو ما أيدته دائرة الاتهام بمحكمة الاستئناف بتونس التي قررت احالتها على احدى الدوائر الجنائية المختصة بالمحكمة الابتدائية بتونس التي قررت ادانتها وسجنها من أجل ما نسب اليها لمدة عشرين عاما إلا أنها طعنت في هذا الحكم بالاستئناف فقبل طعنها وقد مثلت أمس أمام الدائرة الجنائية بمحكمة الاستئناف حيث تمسكت بالانكار ونفي التهم الموجهة اليها ونفت أن تكون قد وضعت السم في طعام قريبها وبالتالي قتله إلا أن القائم بالحق الشخصي تمسك بضرورة ادانتها معتبرا أنها تعمدت قتل شاب في أوج العمر بطريقة شرسة وعدوانية وهو ما سانده ممثل النيابة العمومية الذي طلب من هيئة المحكمة مقاضاة المتهمة لثبوت ادانتها والقضاء في شأنها بأقصى عقوبة بالفصل 201 من المجلة الجنائية وهي الاعدام فيما رأى لسان الدفاع عكس ذلك إذ طعن في التقارير الطبية والكيمائية التي اعتبر أنها جاءت ناقصة وغير دقيقة وطلب من هيئة المحكمة القضاء في شأن منوبته بعدم سماع الدعوى وبعد أن استمع المجلس الجنائي الى كافة أطراف القضية قرر حجزها للمفاوضة والتصريح بالحكم في وقت لاحق.