تونس : الشروق اونلاين - نورالدين بالطيب غيب الموت الشاعر عبدالرحمن الأبنودي في مستشفى القوات المسلحة في القاهرة ظهر أمس عن سن تناهز السادسة والسبعين عاما بعد صراع طويل مع المرض . خيم الحزن ظهر اليوم ليس على مصر فقط بل على كامل المنطقة العربية بعد ان رحل الشاعر عبدالرحمان الأبنودي الذي كان شاهدا على الزمن الجميل في الوطن العربي زمن احلام التحرر وبناء الدولة الوطنية فالأبنودي الذي ولد في صعيد مصر من عائلة متوسطة الحال نجح في ان يكون صوتا للعشاق الحالمين وللفقراء الطيبين ، ساند ثورة يوليو التي ألقت به في السجن فيما بعد وعارض السادات وكامب ديفيد وكتب اجمل الأغاني لعبدالحليم حافظ ونجاة الصغيرة وشادية وعماد عبدالحليم ووردة وفايزة احمد وغيرهم من عمالقة الغناء ونجومه . منذ أعماله الاولى " يوميات حراجي القط " التي دون من خلالها ملحمة بناء السد العالي و" الموت على الأسفلت "'وصولا الى اخر أعماله " يامنة " مرورا بأعماله النثرية التي نشرها في سلسلة بعنوان " الأخطاء المقصودة " التي دون فيها سيرته الذاتية صنع الأبنودي مملكة شعرية من الشعر الشعبي قل ان وصل اليها احد غيره حتى مجايليه الكبار مثل نجيب سرور وشاهين واحمد فؤاد نجم وقبلهم بيرم التونسي وكان الأبنودي من عشاق تونس الكبار التي اقام فيها في اول الثمانينات لإنجاز المسرحية الغنائية الجازية الهلالية التي اخرجها البشير الدريسي في مهرجان قابس الدولي كما زارها مرارا في السبعينات و منتصف الثمانينات عندما قام بجولة مع فرقة من الصعيد المصري لتقديم السيرة الهلالية كما زارها اخر مرة في صيف 2009 عندما جاء بدعوة من المركز الثقافي الدولي بالحمامات . وكان الأبنودي على علاقة وطيدة بمجموعة من المثقفين التونسيين نذكر من بينهم المرحوم محمد المرزوقي والمرحوم الطاهر قيقة والمرحوم سمير العيّادي وفرج شوشان ورجاء فرحات وغيرهم . رحل عبدالرحمان الأبنودي بعد مسيرة شعرية وأدبية حافلة وستظل أغانيه تتردد في الوجدان العربي الذي خسر اخر الشعراء الكبار في الشعر الشعبي فمن سينسى " عيون القلب " او " التوبة " او " وانا مهما أخذتني المدن " او " قولي لعين الشمس ما تحماش " وغيرها من الروائع وبرز كصوت شعري لافت قادم من الصعيد المصري مع امل دنقل ويحي طاهر عبدالله في مطلع الخمسينات وخاصة بعد العدوان الثلاثي على مصر عندما كتب اجمل الأغاني الوطنية . بعد بيرم وشاهين وسرور ونجم يرحل الابنودي اخر حلقات الزمن العربي الجميل ، هناك اكثر من سبب لانتشار ثقافة داعش ورحيل الابنودي احد علامات زمن السواد العربي . رحم الله عبدالرحمان الابنودي كان شاعر كبيرا وإنسانا جميلا وعاشقا لا يتعب في حب الفقراء وتونس والحياة