كما كان متوقعا صنع الشاعر الكبير عبد الرحمان الأبنودي الحدث في افتتاح معرض تونس الدولي للكتاب مساء أمس الخميس في الأمسية الشعرية التي نظمتها وزارة الثقافة والشباب والترفيه وحضرها في مقر النجمة الزهراء السيد عبد الباقي الهرماسي والسيد عبد الله القلال وسعادة سفير مصر بتونس وعدد آخر من أعضاء السلك الديبلوماسي العربي المعتمد بتونس إلى جانب شخصيات ثقافية نذكر من بينهم منصف المزغني مدير بيت الشعر والشعراء محمد العوني ومحمد الغزي وآدم فتحي والدكتور عبد الرحمان أيوب والفنان لطفي بوشناق وضيوف المعرض مثل علي حرب وجابر عصفور هذه الأمسية قدّم لها الشاعر محمد العوني وتخلّلتها معزوفات موسيقية للفنان أحمد القلعي وكلمة للدكتور المنجي الزيدي أستاذ علم الاجتماع الثقافي في المعهد العالي للتنشيط الثقافي. الشاعر عبد الرحمان الأبنودي عاد إلى تونس في أمسية احتفالية أثارت في نفسه ذكريات بعيدة وأصدقاء تونسيين جمعته بهم رحلة الحياة وهو المعروف بتعلّقه بتونس التي قضى فيها أشهرا في السبعينات وتردّد عليها في زيارات متتالية متتبعا خطر الهلاليين الذين خصّص لهم الجانب الأكبر من حياته وكانت هذه الأمسية مناسبة ليستحضر المرحومين الطاهر قيقة ومحمد المرزوقي اللذين ألّفا الكثير من الكتب حول السيرة الهلالية وكذلك الدكتور عبد الرحمان أيوب. الأبنودي عبّر في بداية الأمسية التي استغرقت ساعتين عن اعتزازه بصداقاته التونسية وقرأ عددا من القصائد بلهجته الصعيدية الأليفة إلى النفس وهو القادم من قرية أبنود في أعماق الصعيد المصري إلى صخب القاهرة لكنه لم ينس «يامنة ولا فاطنة قنديل» ولا «رجالت أبنود» استحضر فلسطين والعراق وجمعت قراءاته بين الهم الذاتي والحنين إلى زمن الطفولة في أبنود وحكايات أمّه وغنائها التي يؤكد دائما أنّها هي التي علّمته الشعر. استحضر الأبنودي صديقه عبد الحليم حافظ الذي ناداه في احدى القصائد ليرى حال الغناء اليوم وأهدى هذه القصيدة للطفي بوشناق الذي طلب منه أن يغنّي «يا ليل» إكراما للفن الجميل. الأبنودي بدا متأثرا بحفاوة الاستقبال ودفء التونسيين ومودتهم.. وكان مرحا كعادته إلى الحد الذي مازح فيه معالي الوزير فاهتزت القاعة بالضحك. في هذا الزمن السيء يبقى عبد الرحمان الأبنودي واحدا من الكبار الذين يحيلوننا إلى زمن جميل من الشعر والغناء والأحلام.