حمّل المواطنون مصالح الفحص الفني بدرجة أولى والى شركة النقل بدرجة ثانية مسؤولية وقوع فاجعة حافلة قربص الاخيرة التي أودت بحياة 19 فردا أغلبهم من الاطفال الابرياء رغم ان التحقيق مازال جاريا. كما طالب المواطنون بايقاف ما أسموه بفوضى الرحلات «المشبوهة» التي لا تخضع الى حد أدنى من التنظيم ولا تراعي جانب سلامة الناس. وقال السيد حبيب سبطه أن كارثة قربص الاخيرة تذكّرنا بعديد الحوادث المؤلمة والمشابهة وآخرها حادثة غرق عدد من الاطفال بشط رفراف الصائفة قبل الفارطة. وقال ايضا ان أصل ومنطلق هذه الحوادث يعود الى نظام الرحلات المدرسية التي لم تعد تخضع الى أية ضوابط او شروط او رقابة داعيا الى وضع حد لهذه القضية بتقنينها وبالتثبت في أهلية منظمي هذه الرحلات فليس من المعقول أن يبقى مجال تنظيمها مفتوحا الى كل من هبّ ودب خصوصا وأن المسألة تتعلق بأرواح أطفالنا. وبمعزل عن حادثة قربص افاد هذا المواطن ان مسؤولية حصول الحوادث القاتلة تعود أساسا الى السواق وخصوصا سواق العربات الثقيلة الذين يقدمون على السياقة في حالات غير طبيعية او مثل الاجهاد والارهاق وهو ما حصل معه شخصيا منذ سنوات حيث صدمته شاحنة من الخلف وهو يقود سيارته على الطريق الرابطة بين مدنين وقابس وقد الحق الحادث اضرارا كبيرة بالسيارة كبدته خسائر ضخمة لاصلاحها فضلا عن نفقات العلاج والاقامة في المصحّة لمدّة ثلاثة أيام. وأضاف ان هذا الحادث يقصد حادثه ما كان ليحصل لو ان سائق الشاحنة كان منتبها ولم يغامر بمسك المقود وهو في حالة ارهاق شديد اجبره على النوم والافراط في السرعة. وأبرز السيد حبيب ايضا ان معاناة المواطن جراء فواجع الطرقات لا تتوقف عند اضرار الحادث بل تتخطى ذلك لتمس مسألة تعويض الاضرار التي تستغرق سنوات كثيرة في عديد الحالات وهو ما حصل له فعلا مع تأمينات الاتحاد التي لم تعوض له كل الخسائر التي تكبدها جراء الحادث الى الان رغم ان القانون في صفه وأثبت شرعية حصوله على التعويضات وقال ان مماطلات شركات التأمين في التعويض تزيد في تعميق اثار ومخلفات وجراح حوادث الطرقات. ويُساند السيد محمد الهادي ذياب مقولة أن الرحلات غير المنظمة هي سبب البليّة ويضيف على ذلك ان مراكز الفحص الفني ايضا تتحمل جانبا من مسؤولية حادث قربص فماذا يمكن القول إذا ثبت ان الحادث حصل نتيجة عطب فني في مستوى الفرامل الا يعني هذا ان عملية الفحص الفني للحافلة لم تكن نزيهة ولم تجر حسب المواصفات. ولا يُبرّئ الشاب محمد العماري مصالح الفحص الفني من المسؤولية ولكنه يؤكد أن النصيب الأكبر من هذه المسؤولية تتحمله شركة النقل التي سمحت للسائق باستعمال الحافلة. كما يتحمل السائق جزءا من المسؤولية لانه غامر وجازف بنفسه وبأرواح الناس عندما اقدم على حملهم على متن حافلة لا تصلح للخطوط البعيدة حسب ما يروج بعد الحادث. ودعا هذا الشاب كافة شركات النقل العمومية والخاصة الى التثبت في سلامة حافلاتها قبل حمل ونقل الناس عليها خصوصا عند تنظيم رحلات النزهة والترفيه والتثقيف للتلاميذ والاطفال الصغار. أما الشاب محرز الحناشي فيرى اجمالا ودون النظر الى التفاصيل والجزئيات ان لحالة الطريق المتردية بمنطقة قربص بالذات دورا اساسيا في حصول حادث الحافلة موفى الاسبوع الفارط وذلك اذا اعتبرنا ان عديد الحوادث حصلت سابقا في مستوى هذه الطريق وهو ما يستوجب التسريع باعادة تهيئتها او غلقها تماما وتعويضها بمسك اخر يكون اكثر أمنا من المسلك الحالي. ويقول السيد أحمد زهير الشايبي الذي لم يطلع على ملابسات حادث قربص ان حوادث الطرقات في تونس لها عديد الاسباب ولعل أهمّها يتمثل في عدم انتباه السواق وعدم تقيّدهم واحترامهم لاشارات المرور من جهة وضيق الطرقات وحالة الاختناق الشديد التي تعاني منها حركة المرور بسبب تضخم اسطول العربات بعد دخول السيارات الشعبية. وهو ما يجعل السواق في حالة قلق وتوتر في اغلب الاحيان وهو بالتالي ما يدفعهم دفعا الى ارتكاب الاخطاء التي تكون للاسف قاتلة ومروعة في بعض الاحيان. نقل محمد اليزيدي صور: طارق سلتان ** مصدر بوزارة تكنولوجيات الاتصال والنقل ل»الشروق»: من السابق لأوانه الحديث عن خطإ بشري وتحميل «السائق» مسؤولية الحادث! تونس الشروق علمت «الشروق» أن البحث الإداري الذي أذن به وزير تكنولوجيات الاتصال والنقل السيد الصادق رابح متواصل بشكل حثيث وقد تقدم أشواطا هامة في اتجاه الوقوف على كامل ملابسات الحادث الأليم الذي جدّ يوم الأحد الفارط وتسبب في وفاة شخصا وجرح 31 آخرين ما يزال البعض منهم في وضعية صحية صعبة. ورغم أن التحقيق العدلي الذي أذن بفتحه رئيس الدولة منذ سماعه لخبر الحادث ما يزال جار بشكل دقيق لتحميل المسؤوليات وتوضيح كل ما له صلة بالحادث ومتابعة كل الاجراءات القانونية والعدلية ذات العلاقة بالملف وبرغم المجهود الوزاري المذكور فقد سارعت عدة أطراف إلى توجيه الاتهام بصفة مباشرة الى سائق الحافلة المنكوبة والإقرار بأن الحادث المؤلم كان نتيجة خطإ بشري صرف وهو ما يتعارض أصلا مع المنطق ويوقع التحقيق العدلي والبحث الإداري في الماء منذ البداية. وللغرض اتصلت «الشروق» بمصدر سام في وزارة تكنولوجيات الاتصال والنقل واستفسرته حول ما يروج من «توجيه المسؤولية» لسائق الحافلة وقد أوضح المتحدث أنه من السابق لأوانه توجيه أصابع الاتهام للسائق. وأضاف لا بد من انتظار مختلف مراحل البحث الإداري والتحقيق العدلي لمعرفة الملابسات الحقيقية للحادث... واستغرب المتحدث من تسرع البعض في الحكم وقال : «على عكس ما يقال قد تثبت الأبحاث عكس ما يروج وتتأكد براءة السائق»... وأفاد نفس المصدر ل»الشروق» أن السائق البالغ من العمر 33 سنة والذي انتدب للعمل منذ 3 سنوات ونصف هو انسان محترم ومعروف بأخلاقه الفاضلة والانضباط المهني. وأضاف نفس المصدر أن الرحلة الأخيرة الأليمة لم تكن هي الأولى للسائق المشار إليه في اتجاه قربص اذ تفيد معلومات الوزارة أنها الرحلة الثالثة على التوالي اذ سبق للسائق قيادة نفس الحافلة المنكوبة في الشهر الفارط (أفريل) في اطار رحلة مماثلة كما أنه قاد حافلة من نفس الصنف في شهر فيفري 2004 في اتجاه قربص كذلك. كما استفادت «الشروق» أن عمليات تدقيق مكثفة تجرى حاليا على مختلف تجهيزات ومعدات الحافلة المتضررة لمعرفة الحالة الفنية الفعلية لها وتحديد الأسباب التي قد تكون وراء الحادث المؤلم. وأكد المصدر الوزاري أنه لا بد من الانتظار لمعرفة كل الحيثيات والملابسات وأشار الى أن الوزارة حريصة على كشف كل الحقائق واطلاع الرأي العام عليها وأفاد أن الوزارة لن تتوانى في اتخاذ القرارات والاجراءات اللازمة والضرورية عند انتهاء الأبحاث وتوضح كل الخفايا.