الإدارة العامة للأداءات تنشر الأجندة الجبائية لشهر أوت 2025    وزارة الفلاحة تدعو كافّة شركات تجميع الحبوب بأخذ كلّ الاحتياطات اللاّزمة والاستعداد الأمثل للتّعامل مع العوامل المناخيّة المتقلبة    وزارة التجهيز: تحويل وقتي لجزء من الطريق الوطنية عدد 8 بداية من يوم الاثنين القادم    عاجل : النيابة الفرنسية تطالب بمحاكمة لاعب عربي مشهور بتهمة الاغتصاب    مونديال الكرة الطائرة تحت 19 عاما - المنتخب التونسي ينهي مشاركته في المركز الثاني والعشرين    الحماية المدنية تحذر من السباحة في البحر عند اضطرابه رغم صفاء الطقس    توقعات موسم أوت - سبتمبر - أكتوبر 2025: حرارة أعلى من المعدلات واحتمالات مطرية غير محسومة    جثمان متحلل بالشقة.. الشرطة تكشف لغز اختفاء عم الفنانة أنغام    الدخول لجميع المواقع الأثريّة والمعالم التاريخيّة بصفة مجانية يوم الاحد 3 اوت    تسجيل جامع الزيتونة المعمور ضمن السجل المعماري والعمراني للتراث العربي    شنية حكاية ''زكرة بريك'' اللي خوّفت جدودنا؟    طقس اليوم: أمطار رعدية متوقعة وارتفاع ملحوظ في درجات الحرارة بالجنوب    النادي الصفاقسي: لاعب جديد يغادر الفريق    الرضاعة الطبيعية: 82% من الرضّع في تونس محرومون منها، يحذّر وزارة الصحة    البطولة العربية لكرة السلة - المنتخب الجزائري يتوج باللقب    عاجل : القضاء الأميركي يوقف ترحيل آلاف المهاجرين: تفاصيل    الحوثي يستهدف مطار بن غوريون بصاروخ باليستي    موجة شهادات مزورة تثير تداعيات سياسية في إسبانيا    كولومبيا.. تعيين ممثل أفلام إباحية وزيرا للمساواة    المعهد الوطني للرصد الجوي.. البحر قليل الاضطراب والسباحة ممكنة في النهار    بطاطا ولا طماطم؟ الحقيقة إلّي حيّرت العلماء    محمد رمضان يرد على الشامتين بعد انفجار حفله الغنائي: "اللي معندوش كلمة طيبة يخرس!"    (سنغفورة 2025 – أحمد الجوادي يتأهل إلى نهائي سباق 1500م سباحة حرة بتوقيت متميز    سهرة قائدي الأوركسترا لشادي القرفي على ركح قرطاج: لقاء عالمي في حضرة الموسيقى    مباراة ودية: تغيير موعد مواجهة النجم الساحلي والنادي البنزرتي    عاجل : زلزال يهز أفغانستان    تحذير للتونسيين : برشا عمليات قرصنة ... ردّ بالك من التصاور والروابط المشبوهة    انهيار جزئي لأكبر منجم للنحاس إثر هزة أرضية بتشيلي    عرض كمان حول العالم للعازف وليد الغربي.. رحلة موسيقية تتجاوز الحدود    كريستيانو رونالدو يتحرك لعقد صفقة مدوية في الميركاتو    القصرين: منع مؤقت لاستعمال مياه عين أحمد وأم الثعالب بسبب تغيّر في الجودة    تاريخ الخيانات السياسية (33) هدم قبر الحسين وحرثه    أعلام من بلادي: الشيخ بشير صفية (توزر): فقيه وأديب وشاعر درس في الجزائر وتونس    التوجيه الجامعي.. تلميذ متميز متحصل على معدل 18 /20 طلب شعبة الطب فوجه إلى علوم الاثار    مقتل 4 أشخاص في إطلاق نار بولاية مونتانا الأمريكية    حجز 735 كغ من الأسماك الفاسدة…    عاجل/ نقابة التعليم الأساسي تقرّر يوم غضب وطني وإضراب عن العمل..وهذا موعد..    عاجل/ إضراب جديد في النقل..وجلسة تفاوض مرتقبة..    على ركح مهرجان الحمامات الدولي .. لطفي بوشناق... يتسلطن    دكتورة في أمراض الشيخوخة تحذّر من اضطرابات المشي لدى كبار السن المؤدية إلى السقوط    رسميا/ الرابطة المحترفة الاولى لكرة القدم : برنامج مقابلات الجولة الافتتاحية..#خبر_عاجل    انتعاشة هامة للسياحة/ هذا عدد عدد الوافدين على تونس الى 20 جويلية 2025..    وزارة الصناعة تمنح شركة فسفاط قفصة رخصة البحث عن الفسفاط " نفطة توزر"    نتائج الدورة الرئيسية للتوجيه الجامعي 2025: تحسّن في نسبة الإستجابة لإختيارات المترشّحين    جندوبة: انطلاق أشغال صيانة طريق "سبعة مشايخ" الرابطة بين طبرقة وبوسالم    عاجل/ المكتب الجامعي لكرة القدم يتخذ قرار هام..    تحب تزور متحف ولا موقع أثري؟ نهار الأحد ما تخلّصش    شنوة يلزم يكون في صندوق الإسعافات الأولية متاعك؟    وزارة التجارة تعلن عن تحديد أسعار قصوى للبطاطا وهوامش ربح للأسماك بداية من 4 أوت    عاجل/ حجز أطنان من السكر والفرينة المدعّمة واعادة ضخها بهذه الأسواق..    هل يمكن لمن قام بالحج أن يؤدي عمرة في نفس السنة؟    للتوانسة: الصولد الصيفي ينطلق نهار 7 أوت... هذا هو اللي يلزمكم تعرفوه!    هام/ وزير الشؤون الدّينية يتّخذ إجراءات لفائدة هذا الجامع..    خمسة جرحى في حادث مرور خطير..#خبر_عاجل    شنوّة جايك اليوم؟ أبراجك تكشف أسرار 1 أوت!    اكتشاف فصيلة دم غير معروفة عالميا لدى امرأة هندية    تطورات جديدة في كارثة حفل محمد رمضان في الساحل الشمالي    خطبة الجمعة: أمسِكْ عليك لسانك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الشروق» تتجول في مستشفيات العاصمة، وتسأل العائلات عن مصابهم: حافلة الموت أفقدت عائلة واحدة 7 من أفرادها...
نشر في الشروق يوم 18 - 06 - 2005

في حدود الساعة الواحدة من مساء أول أمس الاحد، بلغ خبر حادث حافلة الاطفال الذي جد بمدينة قربص، الى الاهالي في المنستير، الذين هرعوا الى مكان الحادث وانتشروا في مستشفيات ولايات نابل وتونس وأريانة.
«الشروق» توجهت الى مستشفيات العاصمة حيث عاينا المصابين وتحدثنا الى بعض الاهالي، ورغم ان البعض منهم رفض التحدث الينا نظرا للحالة النفسية التي كانوا عليها، الا ان عددا منهم افادنا بأن الروضة التي سجلوا بها اطفالهم قررت القيام برحلة ترفيهية بمناسبة انتهاء السنة الدراسية من المنستير الى قربص، لذلك شارك الاطفال وبعض أفراد عائلاتهم وخاصة من الامهات في الرحلة، وتوجهوا فجر الاحد في أجواء احتفالية صوب مدينة قربص الا انه في الساعة الفاصلة بين منتصف النهار والواحدة مساء نزل الخبر كالصاعقة فهرعت العائلات الى نابل وتونس العاصمة للاطمئنان على أبنائهم.
أحد افراد عائلة من عائلات الضحايا التقيناه ببهو مستشفى عزيزة عثمانة، وأخبرنا بأنه فقد خمسة من أفراد عائلته من بينهم ثلاثة أطفال لم يتجاوزوا السادسة من العمر، وأفادنا بأن عائلة اخرى فقدت سبعة من أفرادها. وقال ان قريبته الموجودة بالمستشفى أصيبت بكسور في مستوى الرقبة، وأضاف بأنهم طلبوا من الاطباء عزلها في غرفة منفردة حتى لا يتم ابلاغها بخبر موت ابنتها الصغيرة وأختها اللتين لقيتا حتفهما في الحادث.
وقد التقينا مسؤولا بمستشفى عزيزة عثمانة أفادنا بأنهم يحتفظون بثلاث نساء مصابات ووصف اصابتهن بالمتفاوتة كما اكد لنا بأن الاطار الطبي تدخل بشكل ناجع وان المصابات الثلاث استجبن للعلاج وانه سيتم تخصيص سيارة اسعاف لنقلهن الى مستشفى المنستير قرب أهلهن.
كما توجهنا الى مستشفى شارل نيكول، حيث ترقد ثلاث مصابات في الجناح عدد 14 وقد بدت عليهن آثار الحادث وكان حولهن البعض من الأهالي الذين قدموا أمس من المنستير وحاولنا التحدث الى احداهن وهي الاخف اصابة من غيرها الا انها لم تقدر على الكلام من هول المصاب.
**الحافلة متهمة
هذا وقد تحدثنا الى مصدر مطلع طلب عدم ذكر اسمه، قال ان الحافلة غير مؤهلة تقنيا للقيام بالرحلة التي ذهب ضحيتها اكثر من عشرين شخصا من بينهم أطفال، وأضاف بان الحافلة تجاوزت 25 سنة من العمل وانها غير مجهزة، فضلا على انها كانت ناقصة من حيث عد الكراسي مما اضطر بعض ركابها المشاركين في «رحلة الموت» الى استعمال كراسي بلاستيكية (طابورية) وعلمنا ان الحافلة كان تقل 54 راكبا ساعة وقوع الحادث الذي اودى بحياة 19 شخصا حسب مصدر مسؤول بوزارة الصحة.
وبالاضافة الى حالة الحافلة السيئة التابعة لشركة النقل بالساحل، فان الطريق التي سلكتها لا تخلو بدورها من المخاطر، فهي شديدة الانحدار وتشق جبلا ويفصل بينها وبين البحر جرف يقارب في عمقه الثمانين مترا، وقد شهدت قبل سنوات حادثة مشابهة في حافلة تابعة لشركة النقل بنابل راح ضحيتها خمسة أشخاص.
وكان المسافرون الى مدينة قربص الساحلية يسلكون طريق سليمان التي لا تبعد غير مسافة 13 كلم قبل ان تتكسر جراء عوامل الانجراف وزحف البحر الا انها ظلت على حالها لسنوات طويلة دون اصلاح وهي الآن بصدد الانجاز مما اضطر المسافرين الى سلك طريق «دوالة» و»البريج» التي تبعد عشرة كيلومترات على مسافة الاصلية، أي ان القاصد قربص من سليمان أصبح يقطع قرابة 23 كيلومترا.
اذن حالة الحافلة سيئة والطريق لا تخلو من مخاطر مما جعل دخول العربات الثقيلة الى مدينة قربص أمرا نادرا، بعد وقوع الحادث تدخّل أعوان الحماية المدنية وأعوان الامن وسيارات الاسعاف التي بلغت 50 سيارة ونقل المصابون على جناح السرعة الى مستشفيات ولاية نابل والعاصمة وعلمنا من مصدر مسؤول بوزارة الصحة أنه تم توزيع المصابين كالآتي:
المستشفى الجهوي بنابل: 19 مصابا اثنان منهم في حالة حرجة
مستشفى القصاب بولاية منوبة: 4
مستشفى الاطفال بباب سعدون: 3
مستشفى أريانة: 1
مستشفى الرابطة: 2
مستشفى عزيزة عثمانة: 3
مستشفى شارل نيكول: 3
اضافة الى 19 قتيلا ليكون مجموع الراكبين 54 شخصا اثناء وقوع الحادث، ورغم ان بعض الاخبار تفيد وقوع قتيلين آخرين ليصبح العدد الجملي للضحايا 21 الا ان المصادر الرسمية تؤكد ان عدد القتلى لم يتجاوز العدد المعلن عنه وهو 19.
منجي الخضراوي
**المدير التنفيذي للجمعية التونسية للوقاية من حوادث الطرقات ل»الشروق»: الحافلة المنكوبة لها سوابق(!) ومن غير المعقول ان لا توجد ادارة للسلامة المرورية بوزارتي النقل والتجهيز(!)
تونس الشروق:
أكد السيد رياض دبو المدير التنفيذي للجمعية التونسية للوقاية من حوادث الطرقات ل»الشروق» أنه كان بالامكان تفادي حصول كارثة الحادث المؤلم الذي جدّ أول أمس الاحد بجهة قربص والذي أدى حسب المعطيات الاولية الى وفاة 19 شخصا واصابة 31 آخرين بجروح متفاوتة الخطورة.
وأشار المتحدث الى أن الحافلة التي أقلت مجموعة من التلاميذ والاولياء لم تكن مهيئة للرحلات الطويلة بالاضافة الى أنها نقلت ركابا أزيد من عدد المقاعد المخصصة وقال: «الحافلة غير معدة للرحلات الطويلة وبها كراس غير مريحة...». وقال المتحدث ان التحريات والمعلومات الاولية التي حصلت عليها الجمعية تفيد ان الركاب قد تضرعوا كثيرا من نوعية الكراسي المتوفرة بالحافلة المذكورة...
وأفاد السيد رياض دبّو انه من باب غير الصدف ان تكون الحافلة التي أدت الى الحادث المؤلم والتابعة للشركة الجهوية للنقل بالمنستير هي من نفس النوع الفني للحافلة التي تسببت منذ أزيد من سنتين في حادث مؤلم كذلك بنفس الجهة (قربص) وهي الحافلة التي كانت تابعة للشركة الجهوية للنقل بنابل وأضاف المتحدث: من الناحية الفنية الحافلة AP60 هي مؤهلة للرحلات الطويلة ولا تشتمل على مقاعد مريحة.
وأعرب المتحدث عن تألم الجمعية لتكرار مثل هذه الفواجع المؤلمة والتي تكون الضحايا فيها على متن حافلة نقل عمومي وأبلغ أحر التعازي الى أهالي الضحايا داعيا الله ان يتقبلهم برحمته الواسعة.
وتأسف السيد رياض دبو من التجاهل الذي يلف مسألة حوادث الطرقات اثر وقوعها وقال... المشكل اننا نتحمس في كل مرة تحصل فيها فاجعة من هذه النوع ثم ما نلبث ان نتجاهل كون الموضوع مشكلة عامة وليست خاصة...
وأشار المتحدث الى ان رئيس الدولة كان سباقا كعادته في رعايته وعطفه الانساني لعائلات المصابين واتخاذ عدة اجراءات من شأنها ان تخفف من وطأة هذه الفواجع والحد منها... وذكر المتحدث بقرار الرئيس بتوسيع طريق قربص وتعصيره وهو الطريق الذي شهد حوادث مرور سابقة مماثلة وقال المتحدث: برغم ان الأشغال قد تقدمت بنسبة 60 الا ان الجمعية في هذه المنطقة وأماكن أخرى التي يصعب فيها استعمال بعض أجزاء من الطرقات في بعض الاوقات ومنع استعمالها بتثبيت وتركيز العلامات أو حتى بتركيز دوريات في الغرض.
**مشكلة أخرى
وأضاف المدير الفني للجمعية التونسية للوقاية من حوادث الطرقات ل»الشروق» أن مسألة تكوين السواق لم ترتق بعد الى ان تكون من أولويات المسؤولين على النقل البري في الشركات الجهوية والوطنية... وقال: صحيح هناك بعض المبادرات والتقاليد التي تم ارساؤها في بعض الشركات لكن لم نسمع بعد بخطة متكاملة واضحة حسب رزنامة ومحاور وأهداف وأكد المتحدث ان الجمعية قد لفتت نظر المسؤولين في أكثر من مرة حول هذا الموضوع وخاصة في حادث قربص الأخير وفي حادث القطار بسوسة.
وألمح المتحدث الى النقص الفادح في تكوين الاعوان التابعين لشركات النقل وقال: من غير المعقول ان يحدث ذلك برغم وجود أرواح بشرية هي بمثابة الامانة المقدسة فان الشركات لا تهتم بحالة السواق الصحية والنفسية والاجتماعية وأضاف: بعض السواق يجبرون على العمل برغم حالتهم الصحية المتدهورة وبرغم الحالة المتردية والاعصاب الموجودة ببعض الحافلات، والتي تجعلها لا تستجيب فنيا مع شروط السلامة والجولان على الطرقات...
وقال: ما الفرق بين قائد الطائرة وقائد الحافلة؟ وتساءل ما اذا كان المسافرون الذين يركبون الطائرة أرواحهم أثمن من أرواح المسافرين عبر الحافلات... ثم لماذا تواجه مراقبة مشددة على قائد الطائرة في ما يتعلق بساعات نومه وراحته وصحته وحالته النفسية والاجتماعية التي تنعكس على آدائه ومردوده؟ لماذا لا تنسحب كل هذه الاحاطة على سائقي الحافلات ووسائل النقل العمومي المشترك...
وأفاد المتحدث ان الجمعية طالبت باحداث ادارات للسلامة على الطرقات صلب الادارة العامة للنقل البري والوكالة الفنية للنقل البري (وزارة النقل وتكنولوجيا الاتصال) ووزارة التجهيز والاسكان وقال: مادامت هذه الادارات لم تحدث فهذا يعني بالنسبة للجمعية ان السلامة هي العجلة الخامسة داخل هذه الاطر والهياكل... وان الخطر يبقى قائما على الدوام وقد تتكرر مثل هذه الحوادث المؤلمة، وشدد المتحدث على ضرورة الحرص على مراقبة وبكل صرامة لعمليات الفحص الفني الذي تخضع له الحافلات وقال: كيف تراقب مصالح وزارة النقل نفسها وللظروف المادية للشركات الجهوية وقال ان أعوان الفحص الفني يتنقلون الى مقار الشركات وهذا غير معقول وغير مجد بالمرة... وخطير في آن واحد (!)...
وحرص المتحدث على المطالبة بأن يقع الاعتماد على بعض التجارب الناجحة في البلدان المتقدمة لتشجيع السواق المحترفين في النقل العمومي بشكل عام (أشخاص وبضائع) لحثهم على الاقبال على الدورات التكوينية والتوعوية فنجعل من شروط الارتقاء في السلم الوظيفي المشاركة والنجاح في الدورات التدريبية والتكوين والرسكلة في الجوانب المتصلة بالسلامة لرفع درجة الوعي والنضج التي من شأنها ان تساعد السائق على تقدير الخطر وتوخّي الجوانب الوقائية والسلامة على الطريق.
حاوره: خالد الحداد
**كيف عاشت مدينة المنستير مأساة حادث الحافلة
تونس المنستير:
صباح يوم الاحد الماضي بمدينة المنستير لم يكن عاديا، فقد كان الامر في البداية همسا ثم بدأ السر ينكشف عن حصول خطب عظيم...
بدأت الانباء تتواتر حول تعرض حافلة تابعة لشركة النقل بالساحل الى حادث.
واختلفت الأخبار فيما يتعلق بخطورة الامر، وما ان سرى النبأ سريان النار في الهشيم حتى دخل الرعب بيوت وقلوب من كان لهم قريب أو أكثر في هذه الحافلة التي كانت تؤمّن رحلة نظمتها روضة لبيب بسقانص لابنائها وأوليائهم الى قربص ولم يطل الانتظار ليأتي من يحمل نعي 19 فردا من أبناء المدينة بين اطفال ورجال ونساء، وانقلبت مدينة المنستير الى منظومة من المآتم، ففي كل حي مأتم، ولكل بيت قريب او صديق كان من بين الضحايا او المصابين.
وباتت عاصمة الرباط ليلة حزينة تلفها الكآبة، ولا حديث في أي مكان الا عن هذه المأساة التي أدمت القلوب وجعلت الأعين تنسكب انهارا من الدموع.
مئات من الأهالي والاقارب والاصدقاء شدوا الرحال الى جهة الوطن القبلي، ولا أحد يعلم مصير الابن والاب والأم والشقيق والقريب، الأنباء أكدت سقوط عدد من الاموات، لكن من وكم لازالا في طيّ المجهول، وفي مستشفى قرمبالية انكشفت الحقيقة المرة اذ وضعت الجثث ببيت الاموات في هذه المؤسسة الصحية فيما تم ارسال المصابين وحسب درجات خطورة الاصابات الى مستشفيات نابل وعزيزة عثمانة والرابطة.
وفي هذه المستشفيات تعرف كل واحد على مصير من له قرابة به، يوم الاثنين توافد المعزون على ديار أسر الضحايا، وكانت الاحصائيات الاولى تشير الى سقوط 19 فردا كان من بينهم 16 ماتوا على عين المكان، فيما لفظ 3 آخرين انفساهم بعد ذلك، وتبقى الاحصائية مؤهلة للزيادة نظرا للوضعية الحرجة جدا لبعض المصابين.
قائمة الضحايا
فطومة مراد نجاة البدوي (مديرة الروضة) رشيدة الصدام الخادم القابسي هيثم عقير (طفل عمره عامان ونصف) محمد علي لنصاري خليفة بريك ناجية مراد راضية بلحاج حرم الصيد فاطمة زهرة القريشي ناجية بريك زهاء مسعود زهرة القريشي السيدة السعفي حبيبة سلام صلوحة شكو حرم صريحة عمر سكمة وئام الحاج حمودة بسمة مسعود.
الشروق التقت بعدد من أفراد أسر الضحايا وتحدثت اليهم وخاصة أسرة مراد والبدوي، فهذه العائلة الموسعة فقدت 7 من أفرادها:
1 فطومة مراد زوجة المازري البدوي
2 نجاة البدوي ابنة فطومة ومديرة الروضة
3 هيثم عقير ابن اخت نجاة
4 فادي ابن وسيلة شقيقة نجاة
5+6 سهى وبسمة ابنتا ناجية شقيقة فطومة
7 وئام بلحاج حمودة ابنة زهرة شقيقة فطومة
فيما يوجد والد وئام في حالة حرجة وسعاد شقيقة فطومة في غرفة الانعاش بمستشفى نابل شأنها شأن ابنة خالتها شيماء التي لازالت في غيبوبة، اما لطيفة شقيقة نجاة فقد أصيبت بعمودها الفقري.
أجواء مليئة بالحزن والاسى والانكسار كانت تلف الديار المنكوبة وكان من العسير ان تحاور أناسا فقدوا العديد من أهاليهم لكن السيدين المازري البدوي زوج فطومة ووالد نجاة ويونس مراد شقيق فطومة وناجية تحدثا الينا بكثير من الصبر والتجلد.
يقول السيد المازري ان هناك من اتصل به وقدم له مؤشرات جعلته يسرع بالتحول الى عين المكان ليكتشف هول الكارثة، وهو يتوجه بأسمى عبارات الاكبار والتقدير لسيادة الرئيس الذي أوفد عددا من السادة الوزراء على عين المكان وأمر بفتح تحقيق معمق لتحديد المسؤوليات.
السيد يونس مراد أكد أن الفاجعة كبرى وتساءل كيف تسمح شركة النقل بوضع حافلة في وضعية غير لائقة وتنقصها الصيانة لتأمين رحلة تدرك جيدا مدى صعوبة ووعرة مسالكها وطالب بتحديد المسؤولية واعطاء كل ذي حق حقه، وتوجه بالشكر الى كل السلط الوطنية والجهوية بولايتي نابل والمنستير على ما وفرته للاسر المنكوبة من رعاية وإحاطة ومواساة وما قدمته من خدمات للمصابين.
الشاهد الوحيد
من بين المشاركين في هذه الرحلة المشؤومة والذي نجا بفضل القضاء والقدر السيد الحبيب دمدوم الذي غادر الحافلة المجنونة قبل ان تكشر عن انيابها وتلتهم قرابة نصف ما فيها.
«الشروق» حاورته، وقد أفادنا ان هناك من المشاركين من رفض في البداية المشاركة بعدما شاهد حالة الحافلة، لكن تم اقناعه بأن المسافة ليست بالبعيدة لتنطلق هذه الحافلة التي يبدو أنها تعرضت الى عطب في الفرامل على مستوى المنحدر الاول لمدخل مدينة قربص وهو ما تفطن له السائق الذي ترك الحافلة تسير رويدا رويدا ثم أمدني بحجر كبير وطلب مني النزول بعد ان فتح لي الباب الأمامي بأن أضعه امام العجلة الامامية في محاولة لايقافها، وفعلا نفذت ما أمرت به لكن مرت العجلة فوق الحجر دون نتيجة فأعدت الكرة وفجأة رأيت الحافلة تنطلق بسرعة جنونية، وقد حاول السائق توجيهها نحو الجبل وتفادى في مرة أولى الاصطدام بحافلة صغيرة لكن الحافلة ارتطمت بصخرة من ناحية السائق ثم وثبت الى الجهة الأخرى لتبقى هناك ثابتة وأسرعت اليها وقد لحق بي آخرون من أصحاب السيارات الخاصة للاسعاف والانقاذ قبل ان يحل بالمكان رجال الاسعاف والامن والمسؤولون.
وقفة حازمة
المسؤولون الجهويون والمحليون بالمنستير لم يناموا طيلة ليلة الاحد، وقد تابع الاستاذ منذر الفريجي والي المنستير الوضع لحظة بلحظة وحرص على احاطة الاسر بكل ما يلزم من رعاية وعناية وتسهيل نقل الاموات وتحويل عدد من المصابين الذين يمكن نقلهم دون ضرر الى المستشفى الجامعي بالمنستير فيما تحول مكتب معتمد المدينة الى مكتب للمتابعة والتنسيق وسجلنا الحضور المتواصل للسيد عامر البنوني عضو مجلس النواب وعدد من الاطارات المحلية قبل ان يتحول الجميع الى مقبرة الامام المازري حيث انطلقت مراسم الدفن منذ الواحدة بعد الزوال، وقد استنجدت بلدية المنستير بنظيراتها لتأمين سيارات نقل الموتى.
المنجي المجريسي
** مسؤول بشركة النقل بالساحل: الوضعية الفنية للحافلة سليمة والحادث نتج عن خطإ بشري
تونس الشروق :
أكّد السيد مصطفى بن عرفة المسؤول عن المصالح التجارية بشركة النقل بالساحل في تصريح خص به «الشروق» صباح امس ان الحافلة التي انقلبت بمنطقة قربص كان اول تاريخ لجولانها يوم 1 سبتمبر من سنة 1997 اي ان عمرها لم يتجاوز سبع سنوات.
وكانت بعض الاخبار قد أكّدت ان الحافلة قديمة وتاريخ اول جولان لها تجاوز 20 سنة.
وأضاف السيد «مصطفى بن عرفة» مسؤول المصالح التجارية بشركة النقل بالساحل أنها مرّت بالفحص الفني يوم 1 افريل 2004 وكانت في وضعية فنية جيّدة.
واعتبر أن حادث الحافلة الذي أودى الى عدد من القتلى كان بسبب خطإ بشري وان الشركة قد شكلت لجنة خاصة للتحقيق في الامر والوقوف على الاسباب الحقيقية التي أدّت الى وقوعه.
وقد تولت شركة النقل بالساحل صباح امس الاتصال بشركة التأمين المؤمنة للحافلة والقيام بكل الاجراءات التي تكفل حقوق الركاب والمتضررين وعائلات الضحايا.
وقال السيد «مصطفى بن عرفة» مسؤول المصالح التجارية بشركة النقل بالساحل ان الحافلة كانت مخصصة للنقل الحضري ويقودها السائق (توفي في الحادث) من مواليد سنة 1971 وأب لطفلين وتم انتدابه للعمل بشركة النقل بالساحل منذ حوالي اربع سنوات.
وأضاف ان الحافلة تسمح بركوب 81 شخصا جلوسا ووقوفا وهي اساسا من الحافلات التي تخصصها الشركة لتأمين الرحلات الجماعية، وكان حادث الحافلة قد أودى بحياة 19 من ركابها من بينهم ستة اطفال ينتمون الى احد رياض الاطفال بمدينة المنستير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.