التأم نهاية الأسبوع الفارط المؤتمر الوطني 21 للتخدير والانعاش الذي نظمته الجمعية التونسية لاطباء التخدير والانعاش وجمعية الفنيين الساميين في التخصص المشار إليه. واستفادت «الشروق» من مصادر شاركت في المؤتمر أن واقع اختصاص التخدير والانعاش يمر بعدة صعوبات على الرغم من حساسيته وأهميته في المنظومة الصحية والعلاجية وضمان الظروف الملائمة لمجابهة الحالات الاستعجالية الطارئة والتعقيدات الصحية التي عادة ما تجابه العمليات والتدخلات الجراحية الدقيقة والصعبة. وأشار الدكتور محمد حويشة رئيس الجمعية التونسية لأطباء التخدير والانعاش الى أن عدد الأطباء المباشرين للعمل في القطاعين العمومي والخاص في الاختصاص المذكور محدود جدا ولا يفي بالحاجيات الحقيقية لمختلف المؤسسات الصحية وخاصة منها المستشفيات الجامعية والجهوية وأضاف المتحدث : «إن عدد المسجلين اليوم في العمادة الوطنية لا يتجاوز ال167 طبيبا مختصا وهو ما يمثل نسبة 1.7 على 100 ألف ساكن وهو رقم بعيد جدا عن النسب العالمية. وأشار المتحدث أن هذا الرقم هو في حدود 13.4 على 100 ألف ساكن في فرنسا مثلا و4.7 في مصر وقال إن المقارنة بما هو مسجل في العالم يدل على الواقع الصعب الذي يمر به اختصاص التخدير والإنعاش في تونس خاصة إذا ما علمنا أن 40 فقط من الأطباء المشار إليهم (167) يعملون في القطاع العمومي في حين يشتغل البقية في القطاع الخاص. وأفاد الدكتور حويشة أنه برغم جهد الوزارة من أجل تدعيم التكوين ومضاعفة عدد المنتدبين في الاختصاص في المناظرات الوطنية فإن العدد يبقى ناقصا ودون الحاجيات المرتفعة للمستشفيات التونسية وأضاف المتحدث : «مواصفات المنظمة العالمية للصحة تفيد بضرورة وجود طبيب في الاختصاص على كل 1.5 طبيب جراح في حين أنه في تونس يوجد حاليا طبيب تخدير على كل 9 أطباء جراحة...!». **صعوبات وتأكد ل»الشروق» أن ظروف العمل في المستشفيات العمومية بالنسبة لاختصاص التخدير والانعاش ما تزال دون المأمول، يقول الدكتور حويشة... بعثت وزارة الصحة العمومية أقسام تخدير وانعاش في أغلب المستشفيات الجامعية ولكن القسم الذي يتم بعثه ليس له البنايات والقاعات اللازمة والخاصة به بل يوضع في أماكن وقتية من ذلك أن مستشفى شارل نيكول وهو أكبر المستشفيات الجامعية في الجمهورية وبرغم أنه تم بعث قسم للتخدير والانعاش منذ سنة 1996 فإنه إلى يومنا هذا ليس له المقرات الخاصة به وبقي مكانه في قسم الاستعجالي وفي ظروف صعبة جدا حيث يعمل 4 أطباء في قاعة واحدة لا تتجاوز مساحتها 16 م م برغم ارتفاع عدد العيادات الخارجية وتزايدها من عام إلى آخر حيث بلغت سنة 2003 : 8 آلاف عيادة وهو رقم مرتفع لا يتماشى مع ظروف العمل الراهنة». وأضاف الدكتور حويشة أن قسم التخدير والانعاش في كل من مستشفى الحبيب ثامر ومستشفى المنجي سليم بالمرسى موجود في قسم ما قبل العمليات الجراحية كما أن مستشفى الرابطة ليس له قسم تخدير وانعاش مرة واحدة (!) واستغرب المتحدث أنه لا يتوفر بمستشفى شارل نيكول بأكمله سوى 7 أطباء في الاختصاص برغم وجود 9 أقسام جراحية. **هروب ونقائص وأكد رئيس الجمعية التونسية لأطباء التخدير والانعاش أن الفنيين الساميين في التخصص والذين يتجاوز عددهم أكثر من 1200 هم الذين يقومون بالقسط الكبير من أعمال التخدير والإنعاش ودون أن يستنقصوا من دورهم الهام في ذلك فإن الدكتور حويشة يرى أن في وجود الطبيب المختص امكانية كبيرة في التقليل من المخاطر التي يمكن أن تحدث عند تخدير المرض والتي يمكن تفاديها. وقال المتحدث : «الأخطاء الطبية المتصلة بالتخدير والانعاش موجودة في تونس وفي القطاعين العام والخاص كما هي موجودة في كل العالم ونحن نطالب اليوم بالقيام بدراسة وطنية حول الحالات الصحية المعقدة التي تنتهي الى الوفاة والتي لها علاقة بالتخدير والانعاش حتى نقف على الأسباب الحقيقية المتعلقة سواء بالتجهيزات أو الاطار البشري والطبي وألمح المتحدث إلى أن الطبيب يمكن أن يكون سببا في حدوث بعض التعكرات الصحية للمرضى في ظل ظروف العمل الراهنة وقال «التعب والضغط قد يؤديان الى تناقص تركيز الطبيب مما قد يسبب في حدوث الطوارىء وربما الوفايات»! ونبه المتحدث الى أن دور الطبيب المختص في التخدير والانعاش هام وبارز في تنفيذ عدة برامج اصلاحية من ذلك أن المشروع الخاص لتطوير القطاع الاستعجالي والحد من وفايات الأم والطفل عند الولادات لا يمكن أن يسوى على القدر العلمي والموضوعي دون النظر الى مسألة التخدير والانعاش. وقال الدكتور حويشة أن الاختصاص المذكور يعتبر من الاختصاصات الطبية الجديدة في تونس وأن عدد الأطباء المباشرين لعملهم خاصة في القطاع العمومي يجب أن يتضاعف وأشار الى أن 120 طبيبا في الاختصاص يتلقون حاليا تكوينهم في المستشفيات التونسية وهم يتلقون بالاضافة الى ذلك دروسا نظرية في كلية الطب بتونس... وشدد المتحدث على ظاهرة هروب الأطباء عن القطاع العمومي مباشرة اثر انهاء سنة تكوينهم الأخيرة والتي يقضونها في فرنسا وقال المتحدث : «ان 70 طبيبا مختصا في التخدير والانعاش قد خيروا البقاء في فرنسا ولم يعودوا الى تونس وهو ما قد يضيف صعوبات جديدة على الميدان في السنوات القادمة اذا لم تتحسن ظروف العمل في المستشفيات العمومية التونسية.