شككت اوساط سياسية وصحفية دولية في نوايا الامريكيين والانقليز بشأن تسليم السلطة للعراقيين يوم 30 جوان القادم. وذهبت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية الى حد القول بأن العراقيين سيتسلمون السلطة لكن ربما بعد 26 سنة وليس بعد شهر وذلك باعتبار سابقة الاحتلال الانقليزي للعراق. وتقول الحكومتان الامريكية والبريطانية انهما مصممتان على تسليم السلطة الى حكومة عراقية انتقالية جديدة في موفى جوان القادم. وتعترف واشنطن ولندن بأن «السيادة» التي سيتحصل عليها العراقيون في هذا التاريخ ستكون محدودة وتعملان على استصدار قرار اممي يغطي المشروع. 30 جوان... 2030! وتثير التصريحات الامريكية البريطانية الريبة في العراق وخارجه وحتى على هامش النقاشات الجارية في الأممالمتحدة حاليا. وفي هذا الاطار شككت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية في نوايا الحكومتين الامريكية والبريطانية وذلك بالاستناد الى سابقة انقليزية تعود للثلاثينات من القرن الماضي. وقالت الصحيفة ان قوات الانتداب البريطاني انهت شكليا، في خطة مشابهة لما يجري الان، احتلالها للعراق عام 1932 لكنها بقيت القوة الحقيقية المهيمنة على الاوضاع السياسية في العراق طوال 26 سنة وحتى قيام ا لثورة العراقية عام . وأكّدت الصحيفة أن قوات الاحتلال تكرر الآن نفس التجربة في العراق وانها ستبقى القوة الوحيدة المهيمنة على الاوضاع لسنوات طويلة في انتقاص واضح لاستقلال العراق وسيادته. ونقلت الصحيفة عن سايمون تشيسترمان المدير التنفيذي للمعهد الامريكي للقانون والعدالة الدولية تأكيده عدم وجود جدوى حقيقية من تسليم السيادة للعراقيين في ظل وجود 100 الف جندي امريكي وسفارة امريكية في بغداد تضم طاقما من 3 الاف شخص. أي انسحاب؟ وحول الموضوع ذاته اعتبر زبيغنيو بريجنسكي المستشار السابق للرئيس الامريكي جيمي كارتر لشؤون الأمن القومي ان المشروع الحالي قد يؤدي الى اطالة صورة البلد الرازح تحت احتلال اجنبي. ونقلت وكالة الانباء الفرنسية عن بريجنسكي قوله في تصريح لتلفزة «بي بي اس» الامريكية قوله: «مع حاكم امريكي في حصن وسط بغداد وجيش قوامه 140 ألف جندي في البلاد تحت قيادة امريكية لا يمكننا الحديث عن سيادة كاملة. الكل يعرف ذلك». وكان بريجنسكي يشير الى مشروع القرار الامريكي البريطاني المتداول في مجلس الامن والساعي للحصول على «غطاء» دولي ولو محدود لوجود قوات الاحتلال في العراق. ورأت وكالة الانباء الفرنسية ان وضع القوات الاجنبية في العراق ولا سيما القوات الامريكية وعلاقتها بحكومة بغداد المقبلة يشكل النقطة الاكثر حساسية في مشروع القرار حول العراق. وتطالب عدة دول من بينها دول دائمة العضوية في مجلس الامن بضرورة حصول القوات الاجنبية في العراق على تفويض اممي وحتى في حال حصول هذا الامر فإن قيادة هذه القوات تبدو محمومة. وأوضح جون ولفستال الخبير في شؤون السياسة الخارجية في مؤسسة كارنجي في واشنطن أن كيفية قيادة القوات الامريكية هي في صلب النزاع بين الولاياتالمتحدة وشركائها الدوليين والحكومة العراقية الجديدة مع تساؤل اساسي: من سيكون فعلا المسؤول؟ وذكّر الخبير ذاته بأنه «عبر التاريخ لم يضع اي رئيس امريكي قوات امريكية تحت قيادة اجنبية ومن المستحيل عمليا تصوّر ان يكون جورج بوش اول من يفعل ذلك».