بدأت المسرح في مرحلة مبكرة جدا.. كانت موهوبة الى درجة ان مديرة معهد نهج الباشا، حيث زاولت تعليمها الثانوي ونشطت في مسرحه المدرسي، نصحتها بالالتحاق بمركز الفنون الدرامية الذي كان وقتها حديث النشأة. وأكثر من ذلك وايمانا بموهبتها اصرّت مديرة المعهد على دعوة والدها، الذي كان في الاول رافضا للفكرة من اجل اقناعه بموهبة ابنته، وضرورة الحاقها بمركز الفنون الدرامية.. كيف كان ردّ البنت؟ رفضت رغم موافقة والدها! ولكن ما ان احسّت بأن مكانها على خشبة المسرح وليس بين ملائكة الرحمة حتى اندفعت دون تردد في اتجاه مركز الفنون الدرامية.. ومنذ ذلك الوقت، بدأت بنت معهد نهج الباشا تكبر وتكبر الى ان اصبحت آمال البكوش، ابرز سيدات المسرح التونسي ونجمة التلفزيون في مسلسلات مثل «اخوة وزمان» لحمادي عرافة و»قمرة سيدي محروس» لصلاح الدين العيد.. السيدة امال البكوش تحدثت ل «الشروق» عن ذكرياتها في معهد نهج الباشا وكيف رفضت في الاول الالتحاق بمركز الفنون الدرامية.. كما تحدثت عن عملها في المسرح والتلفزيون والتدريس في المعاهد الثانوية ومسائل اخرى خاصة وفنية.. * يذكر انك لما كنت تلميذة رفضت في الاول رغم موهبتك وموافقة والدك، الالتحاق بمركز الفنون الدرامية.. لماذا؟ انت تعلم ان عمل البنت في المسرح في ذلك الوقت كان «مكروها» وينظر اليه بازدراء.. ولذلك رفضت الالتحاق بمركز الفنون الدرامية وخيّرت دراسة التمريض. * ولكنك عدت في الاخير الى مركز الفنون الدرامية! نعم، ولأنني كنت لا اتحمل مشاهدة المرضى وهم يتألمون، او يفارقون الحياة.. كنت اشعر بألم كبير وكان الاطباء يتعجبون من تصرفاتي الى درجة ان عددا منهم قالوا لي: انت تصلحين فنانة وليس ممرضة... وقتها شعرت ان مكاني الاصلي في الفن وليس في التمريض فقررت الالتحاق بمركز الفنون الدرامية وسلكت طريق المسرح.. * نفهم من كلامك ان الاطباء هم الذين نصحوك بالمسرح! نعم، ولو ان اول من نصحني بالمسرح وقتها هي مديرتي في معهد نهج الباشا.. وكانت معجبة بموهبتي الى درجة انها دعت والدي واقنعته بالموافقة على التحاقي بمركز الفنون الدرامية... وقد كنت وقتها نشيطة في المسرح المدرسي.. * لو يعود بك التاريخ الآن الى ما قبل الالتحاق بمركز الفنون الدرامية، ماذا تختارين التمثيل أم التمريض؟ التمثيل طبعا، لانه يمثل كل حياتي والهواء الذي اتنفسه. * على عكس العديد من الممثلات من زملائك، لم يلمع نجمك الا حديثا مع التلفزيون... لماذا تأخر اشعاعك؟ انا احب المسرح، واعشق الخشبة، وقد شاركت في العديد من الاعمال المسرحية، ولكن كما تعلم تأثير التلفزيون والصورة عموما أقوى بكثير من المسرح.. * في مسلسل «قمرة سيدي محروس» لصلاح الدين الصيد هناك من علق انك تفوقت على الممثلة منه نور الدين في الاداء... ما هو تعليقك انت؟ الله يسامحهم... سمعت ذلك ولكن منى نور الدين التي هي صديقتي لها موهبتها كذلك واداؤها الخاص والمميّز.. * ايهما اقرب اليك، دورك في مسلسل «قمرة سيدي محروس» ام دورك (الجدة) في «اخوة وزمان» لحمادي عرافة؟ لا يمكن ان افضل دورا عن الآخر بما في ذلك ادواري في المسرح... ان احبّ الادوار المركبة التي تحمل شخصيات عاطفية وتتغير مع الحالات.. * رغم مسيرتك المسرحية الطويلة لم تقدمي الى حدالآن على تجربة الاخراج... لماذا؟ الاخراج له اصحابه مثل فاضل الجعايبي اما الآن فاجد متعتي في الاخراج مع التلاميذ الذين ادرسهم التربية المسرحية. * ولكن هناك من الممثلات من اقدمن على الاخراج واصبحت لهن تجربة؟ «الله يعينهم»! * انت تتعاملين كثيرا مع التلاميذ فلماذا لا تجربي العمل في مسرح الاطفال؟ وهل تعتقد ان مسرح الاطفال سهل... مسرح الاطفال من اصعب وأخطر انواع المسرح.. فهو يتطلب معارف كثيرة ليست في المسرح وحده وانما في علم النفس، وتحديدا علم نفس الطفل، وعلم النفس البيداغوجي.. * ما رأيك في تجربة الفنانة عزيزة بولبيار مثلا في مسرح الطفل؟ هي تجربة.. * يعني! مسرح الاطفال كما قلت مسرح صعب، لانه يتوجه الى جمهور خاص مازال في مرحلة تكوّن الشخصية اضافة الى ان الطفل اليوم لم يعد يؤمن بالنملة والصرصار او الصرّار.. * انت تابعت الحركة المسرحية منذ السبعينات، ما رأيك في مسرح اليوم؟ المسرح اليوم، غلبت عليه الصورة والمادة... اغلب المسرحين اصبحوا يلهثون وراء المادة ولا يعيرون الفن اي اهتمام... اضافة الى ان المسرحيات الرائجة حاليا اصبحت تركز على الصورة الجميلة فقط بعيدا عن اي بعد فكري او حتى حكاية يفهمها الجمهور... اغلب المسرحيات اصبحت معقدة وفيها «فلسفة» كثيرة... * نفهم من كلامك بخصوص اللهث وراء المادة، ان هناك مسرحيين اثرياء! بطبيعة الحال هناك من اثرى من المسرح والامثلة كثيرة.. * ما هو جديد امال البكوش؟ شاركت منذ ايام في المسلسل الجديد للمخرج حبيب المسلماني والكاتب علي اللواتي، وعنوانه «حسابات وعقابات».. وفيه قمت بأداء دور امرأة بدوية متشبثة ببداوتها وأصولها وتقاليدها. * ماذا تنتظرين من ابنائك في عيد الام؟ «الهدية». * ولكن كل ام تنتظر حركة من ابنائها! انا الآن لي اربعة ابناء احبهم مثلما احب المسرح، ولا انتظر منهم سوى النجاح في الدراسة والحياة.. * ألم يختر واحد منهم طريق والدته؟ اي طريق الفن؟ ابني الكبير زياد العلاوي اختار طريق الموسيقى وقد تخرّج حديثا من معهد الموسيقى ويودّ مواصلة المرحلة الثالثة وبالمناسبة هو يتمتع بصوت جميل. * آمال شكرا.. بل انا التي اشكرك..