تونس الصباح كُثُر هم الممثلون الكبار الذين ابدعوا ونحتوا مسيرة بخطوات ثابتة في المسرح والسينما ولكنهم لم يصلوا الى الشهرة التي تمنوها والتي حصل عليها غيرهم من اول ظهور لهم في التلفزة. فممثلون كرؤوف بن عمر وتوفيق الجبالي وكمال التواتي وهشام رستم وجميل الجودي ومنى نورالدين وحليمة داود وانيسة لطفي وزهيرة بن عمار وناجية الورغي وخاصة عبد الحميد قياس «الشيخ تحيفة» رغم تميزهم في اداء ادوارهم في السينما والمسرح والحظوة والتقدير التي كانوا يحظون بها بين رواد هذين الفنين، لم يحققوا الشهرة التي يستحقونها الا بولوجهم الى التلفزة من خلال المسلسلات، وخاصة منها مسلسلات رمضان التي اصبحت العمود الفقري لمسيرة اي ممثل.. وبالتوازي مع هؤلاء الكبار الذين اكدت التلفزة شهرتهم ووسعتها، هناك نجوم صنعتهم مسلسلات رمضان امثال سفيان الشعري الذي لمع نجمه في سلسلة «شوفلي حل» للسناريست حاتم بالحاج واخراج صلاح الصيد وسنية المؤدب التي اشتهرت في مسلسل «حبوني وادللت» مع عبد القادر مقداد وريم الزريبي ودرصاف مملوك التي سطع نجمها في مسلسل «غادة» للمخرج الحاج سلمان مع فتحي الهداوي والمنصف الازعر وامال علوان. ووجيهة الجندوبي التي كانت انطلاقتها في «منامة عروسية» و«اخوة وزمان» مع علي الخميري واخراج كل من المسلماني وحمادي عرافة. وفيصل بالزين الذي لم تتأكد علاقته بالجمهور رغم ظهوره في عدة مسرحيات الا بعد ان ظهوره في مسلسل «الخطاب على الباب» مع سامية رحيم ونعيمة الجاني ورملة العياري ومن النجوم الذين صنعهم رمضان، نجد الممثلة فريال غراجة التي تميزت في مسلسل «قمرة سيدي محروس» مع جمال ساسي ومنى نورالدين. كذلك الممثل عاطف بن حسين الذي كون علاقة مع الجمهور بدوره في مسلسل «مكتوب» الذي عرض جزؤه الاول في رمضان 2008 ويتواصل حاليا بجزئه الثاني على الفضائية (تونس 7) هذا المثل (ولعله يفضل صفة المخرج) لبس الدور واتقنه واخرجه للجمهور في ابهى حالاته، فترك بصمة ولعلها تكون انطلاقته الحقيقية في عالم التمثيل رغم ما قام به في المسرح تماما كالممثلة سناء يوسف (كسوس) التي ابدعت في فيلم «الحادثة» لرشيد فرشيو وفي فيلم «شطر محبة» للمخرجة كلثوم برناز، ولكن علاقتها الحقيقية مع الجمهور بدأت مع ظهورها في مسلسلات رمضان واهمها «عودة المنيار» ومسلسل «صيد الريم»... جواز سفر للدراما العربية هؤلاء الممثلين كانت مسلسلات رمضان بالنسبة اليهم «كستار أكاديمي» بالنسبة لبعض المغنين الشبان. فتحت لهم الابواب على مصراعيها ولكن بعضهم استغل هذا النجاح واتخذه قاعدة انطلاق كالممثلة سناء يوسف التي ساعدها ظهورها في مسلسل «صيد الريم» وتزامن بثه مع وجودها ضيفة في مصر في السنة الماضية على ان تنطلق عربيا وتشارك في اعمال درامية عربية كمسلسل «صدق وعده» مع الفنان المصري خالد النبوي. ومسلسل «مداح القمر» للمخرج مجدي صابر الذي جسدت فيه دور وردة الجزائيرية ومازالت الابواب مفتوحة امامها على ما يبدو.. كذلك الممثلة درة زروق التي كانت انطلاقتها من مسلسلات رمضان هي ايضا استغلت هذا النجاح لتقوم بعدة ادوار في المسلسلات المصرية من ضمنها «كلمة حق» مع النجمة «مرفت أمين» تماما كفريال قراجة التي لم تكتف بما حققته في مسلسلات رمضان بل اصبحت تنحت في الحجر وتجري وراء الانتشار عربيا وهي حاليا تشارك في مسلسل «مها» الذي تبثه قناة ال«ام.بي.سي» الرابعة وكانت قد سبقتهن في هذا المجال الممثلة درصاف مملوك التي تمكنت هي ايضا بعد نجاح مشاركتها في مسلسلات رمضان من المشاركة في مسلسل «جواهر» الاردني.. لكن لا حديث عنها الان ولعل وقفة تأملها طالت اكثر من اللازم اذا كانت ارادية. استثمار الشهرة في تونس واذا كانت شهرة مسلسلات رمضان في التلفزة الفضائية التونسية اوصلت بعض الممثلات لان الامر مختلف بالنسبة الى الممثلين الانتشار عربيا بالمساهمة في الدراما المصرية والخليجية فان البعض الاخر حاول استثمارها في تونس كالممثل فيصل بالزين (سطيش) «الخطاب على الباب» الذي دخل عالم التنشيط للاطفال من بابه الواسع ولعل هذا «القلم» مصدر رزقه حاليا نظرا لفرص العمل القليلة (بقطع النظر عن ظهوره في «شوفلي حل»). الموهبة وحدود التكوين بالنسبة الى سفيان الشعري ووجيهة الجندوبي، فاذا كان مدخلهما واحد وانطلاقتهما الحقيقية من مسلسلات رمضان فان عملية استثمار هذا النجاح اتت بنتائج مختلفة لان الاعمال التي جاءت بعد هذا النجاح بينت بالنسبة لسفيان الشعري (في الماريشال وسعدون 28) حدود التكوين وان النص هو الذي صنعه وان التقليد الذي دخل فيه طريق متفرعة لا تؤدي بالضرورة الى مسيرة نحو الافضل اذ انه يكرر نفسه ويستهلك ما له من طاقات ويتجاهل حقيقة ان حب جمهور الاطفال لابد ان يقترن باحترام وتقدير الكبار له. في حين ان وجيهة الجندوبي ب«مدام كنزة» التي جابت بها اغلب المهرجانات الصيفية بعروض تقبلها الجمهور بارتياح اكدت انها صاحبة طاقات وطريقها مستقيمة ومسيرتها على ما يبدو خطاها ثقيلة ولكنها ثابتة اذ انها تجاوزت نفسها في هذا العمل وشدت الجمهور الذي تابع عروضها في المهرجانات رغم وجود البديل. ونفس هذه الملاحظة يمكن ان تصلح لكل من الممثل علي بنور ويونس الفارحي وهما من الوجوه التي تعرفنا عليها اكثر في مسلسلات رمضان «حسابات وعقابات». هؤلاء تعثروا ولكن في المقابل هناك عدد من الممثلين الذين نالوا الشهرة في مسلسلات رمضان ولكنهم لم يتمكنوا من استغلالها ولم يحسنوا التصرف فيها كالممثلة سنية المؤدب رغم ظهورها سنة 2007 في مسلسل «حسنة» الذي اخرجه حمادي عرافة وسامية رحيم التي لم تتجاوز الدور الذي اسند لها اول مرة اتقنت وابدعت فيه لكنها لم تتطور ولم تنمّ موهبتها وبقيت في مكانها رغم الحظوة التي تتمتع بها. ولعل رمضان هذه السنة يموّل الساحة التونسية باسماء ووجوه جديدة اخرى تتميز وتسلك طريقا تم تعبيده لما فيه خير المخيال التونسي.