جمعية القضاة تدعو لتركيز مجلس أعلى مستقل للقضاء طبق المعايير الدولية    وزيرة الشؤون الثقافية تتابع سير "أيام قرطاج" وتؤكد أهمية تعزيز جاهزية التظاهرات الثقافية    تأجيل محاكمة رجل أعمال ومسؤولين ببنك عمومي مع رفض مطالب الإفراج    مشروع لإنتاج 75 ميغاواط من الكهرباء من طاقة الرياح في هذه الولاية..    الليلة: الحرارة تتراوح بين 4 درجات و13 درجة    عاجل: الشركة الجديدة للنقل بقرقنة تلغي جميع الرحلات المبرمجة لبقية اليوم    نحو افتتاح متجرين جديدين لبيع المشروبات الكحولية في السعودية : تفاصيل    ثلاثة مشاريع رقمية تُعنى بالتعليم والتحفيز على المُطالعة وتثمين التُراث تفوز بجوائز هاكاتون " Meet the Professionals "    الدورة الثانية لملتقى الخط والحروفية بالمركب الثقافي بالمنستير من 28 إلى 30 نوفمبر    كأس العرب 2025: 14 منتخبا يتطلعون لحجز سبع بطاقات في النهائيات    قفصة: تسجيل انقطاع واضطرابات في عملية التزود بالماء الصالح للشرب يومي الثلاثاء والأربعاء بمعتمدية الرديف    محرز الغنوشي يُبشر التوانسة: '' التساقطات الثلجية بالمرتفعات الغربية راجعة'' وهذا موعدها    تونس تشارك في بطولة العالم للتايكواندو ب7 عناصر    بعد انتظار فاق ال13 عاما: إسناد رخص "تاكسي" بهذه الولاية..#خبر_عاجل    تحذير عاجل للمتساكنين باجة: مياه العيون هذه غير صالحة!    اليونسكو تعلن عن إطلاق مشروع جديد لدعم دور الثقافة في التنمية المستدامة في تونس    يوم علمي تكويني حول مرض السكري في القدم يوم الاربعاء 26 نوفمبر بمدرسة علوم التمريض بتونس    خضرة موجودة قدّامك... تنجّم تنقص من خطر الزهايمر!    تنبيه لمستعملي الجسر المتحرك ببنزرت..فتحة استثنائية على هذه الساعة..    الوكالة العقارية الصناعية تدعو المستثمرين المنتفعين بمقاسم إلى تحيين معطياتهم    عاجل/ "حركة النهضة" تصدر بيان هام للرأي العام وتكشف..    هام/ بطولة الرابطة المحترفة الثانية: برنامج مباريات الجولة الحادية عشرة..    شوف شنوة تاكل وقت البرد باش يقلل ''سيلان الأنف''!    عاجل/ الاطاحة بعنصر مصنف "خطير جداً" بهذه الجهة..    عاجل : تفاصيل صادمة تكشف لاول مرة حول معاناة مايكل جاكسون قبل الوفاة    تكريمًا لشاعر الخضراء.."البنك التونسي" يحتفي بالرواية العربية ويعلن فوز "كاميليا عبد الفتاح" بجائزة أبو القاسم الشابي لسنة 2025..    سينما المغرب العربي تتألق في مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي لعام 2025    تكليف ديوان الزيت بإعتماد أسعار مشجعة لزيت الزيتون    عاجل: الترجي يحدد موعد السفر إلى أنغولا    قصر السعيد: رفع الحجر الصحي عن مركض الخيل مع ضبط جملة من الإجراءات    غوارديولا يتوقع تألق مانشستر سيتي خلال جدول المباريات المزدحم    عاجل/ متابعة: بعد العثور على جثة خمسينية داخل منزلها..تفاصيل ومعطيات جديدة..    الإدارة الوطنية للتّحكيم تجتمع اليوم برؤساء أندية الرابطة الأولى    إيطاليا تفوز بكأس ديفيز للمرة الثالثة تواليا بتغلبها على إسبانيا    كأس الكونفدرالية الإفريقية: النتائج الكاملة لمباريات الجولة الأولى    عاجل: دراسة صادمة ....أزمة القلب والجلطات المفاجئة تهدد الشباب    بالفيديو: عزيزة بولبيار: حبيت راجل واحد وخذيتو رغم اللي ضربوني وكليت الطرايح عليه    تغير مفاجئ في الطقس خلال 48 ساعة: خبير يكشف..    شنيا البرنامج الخصوصي استعدادًا لعيد الأضحى 2026...الي حكا عليه وزير الفلاحة    زيلينسكي يرد على "انتقادات ترامب" بأسلوب يثير التساؤلات    عاجل: تساقطات مهمة متوقعة بعد انخفاض مفاجئ في الطقس    عاجل: ديوان الزيت يعلن موعد شراء زيت الزيتون من المعاصر    تغيّرات مناخية حادّة... والرحيلي يكشف معطيات مقلقة حول مخزون السدود    طقس اليوم: الحرارة في ارتفاع طفيف    في حقه مناشير تفتيش وبطاقة جلب... محاصرة بارون ترويج المخدرات في خزندار    وزير الفلاحة: الترفيع في نسق وضع الاسمدة الى حوالي الف و 400 طن في مختلف جهات الجمهورية    التحقيق مع ابنة رئيس سابق من أجل هذه الشبهة..#خبر_عاجل    عاجل/ مقتل هذا القيادي البارز في حزب الله اثر غارة اسرائيلية على بيروت..    تقرير أمريكي: ترامب يعتزم تصنيف جماعة الإخوان منظمة إرهابية والوثائق قيد الإعداد    ممداني لم يغير موقفه بشأن ترامب "الفاشي"    عاجل/ ستشمل هذه الدول ومنها تونس: منخفضات جوية جديدة وطقس بارد بداية من هذا التاريخ..    الشكندالي: الأسر والدولة تستهلك أكثر مما تنتج... والنتيجة ادخار شبه معدوم    عاجل/ الساحة الفنية تفقد الممثل نور الدين بن عياد..    أولا وأخيرا .. خيمة لتقبل التهنئة و العزاء معا    اليوم السبت فاتح الشهر الهجري الجديد    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    خطبة الجمعة: الإحسان إلى ذوي القربى    السبت مفتتح شهر جمادي الثانية 1447 هجري..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خميسيات آدم فتحي: عالم كافكا
نشر في الشروق يوم 18 - 06 - 2005

في مثل هذا اليوم وتحديدا في الثالث من جوان سنة 1924 غادر كافكا الحياة، لكنّ كوابيسه ظلّت تفعل فعلها في الأرض، حتى بات من الممكن الزعم أن العالم أصبح «كافكاويا» أكثر بعد رحيل صاحب «المحاكمة». المفارقات نفسها التي تعجّ بها كتبه نجدها تأخذ أشكالا جديدة في حياتنا اليوم. الحروب القذرة وهي تتبجّح أكثر فأكثر بأنها حروب نظيفة. ابتذال الجسد بدعوى تحريره. تدمير القيم بحجة الدفاع عنها. تدمير الفرد وخنق الحرية بحجة الانحياز الى الفرد وإلى حريته. التمزق نفسه بين عشق الحياة واستحالتها. الانسان نفسه يبدو اليوم وكأنه «إنسان» كافكا الغريب، الموجود دائما في المكان غير المناسب في اللحظة غير المناسبة، غير القادر على عشق شيء دون تدميره، غير القادر علي تحمّل اسمه، أو على حمل سمات شخصية قارّة، فإذا هو مسخ مستمر مستعص على التحديد، وإذا هو «لاكائن» دائم التحول من «لاكيان» الى آخر. لا سلاح له في النهاية سوى جسده. يلجأ إليه حين يعجز عن التواصل، فيمسخه بسخرية ويطلقه في وجه الآخرين مثل عبوة ناسفة، أو يتولى كتابة سيرته، وكأنّ السيرة آخر خطوط الدفاع عن يوطوبيا لا طائل من ورائها ولا محيد عنها في الوقت نفسه..
لم «يتدّين» أحد بالأدب كما فعل كافكا ولم يستخف أحد بالأدب كما استخفّ به هو. كان يقول «كل ما ليس أدبا يزعجني ويثير حقدي حتى الحديث عن الأدب..» لكن الكتابة في عالمه بدت ملوّثة بكلّ ما يلوّث الكتابة في عالم تدنّى بها الى أدنى درجاتها، بحكم الزمن المعادي والمكان المعاند والعبث العميق الأصلي لكل هذا الذي يحرّك الانسان المراد له أن يصبّ في قالب جماعي وحيد.. كثيرة هي الصور التي تعود بنا في نصوص كافكا الى الكتابة في مستواها البدائيّ الآلي، بعد أن أفرغت من محتوياتها كافة، وكأنها ممارسة كائن فقد «محتواه» وظلّ متشبّثا بعاداته.. كتابة الرسائل البريدية العادية، كتابة التقارير والمذكرات. آلات كاتبة، مجرد آلات، يراد لها أن تمارس الكتابة كما تمارس الحشرات الصرير، وأن تستمع بسماع «صريرها»، مجرّد «الصرير» على الورق.. ألا تسمع صدى لهذا في جلّ ما نسمع اليوم من غناء وشعر و»ثقافة» تسلويّة؟
لقد عشق كافكا الحياة لأنّ الحياة بدت له مستحيلة. ولعلّ هذا هو «الدرس» الوحيد الذي قد يقدمه لنا الكتاب والشعراء الكبار العازفون عن تقديم الدروس. تلمّس الأمل في ذروة كلّ ما يبعث على اليأس. الإشارة الى الى العلاقات الخفية الواضحة بين الجزئي والكلي، بين ما كان وما هو الآن وما هو قادم. بهذه الطريقة يغيّر المبدعون حياتنا. التغيير الذي قصده والت ويتمان في مقدمة ديوانه «أوراق العشب» حين تحدث عن تراث «الزن»، وكيف غيّر باشو ذات يوم أبياتا قاسية ألّفها تلميذه الساخر كيكاكو قال فيها: «يعسوب أحمر، اقطعوا جناحيه، ها هي فلفلة..»، فقال باشو:
فلفلة
اجعلوا لها جناحين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.