علاقة الدين بالسياسة، وظهور مصطلح الارهاب، والقراءات الأكاديمية والسياسية له، ذلك أبرز ما تم التطرق إليه خلال لقاء حواري التأم بعد ظهر الاثنين بجناح وزارة الشؤون الثقافية، تكريما للمفكر الراحل، العفيف الاخضر، وذلك ضمن فعاليات الدورة 33 لمعرض تونس الدولي للكتاب. وحول هذه الإشكالات، تساءل الجامعي، عبد المجيد الشرفي، عن سبب اقتران الإسلام بمصطلح الإرهاب في أذهان البعض، معتبرا أن وجود هذه العلاقة أو غيابها، يستوجب إلقاء الأضواء على العلاقة بين الإسلام والإرهاب من زاوية غير الزاوية النظرية والدينية، لأن القضية سياسية بالأساس، وليست فكرية. وأضاف أن الاستراتيجيات السياسية المنتهجة حاليا من قبل القوى الدولية الكبرى، أنتجت سلوكيات فردية معينة، من بينها الإرهاب، مشيرا، في هذا الصدد، إلى أن نخبة العصر "تشعر بالحرج، لأنها توهمت التوظيف السليم للقيم الدينية، في حين تبين بالدليل أنه توظيف خاطئ". من جانبه، قدم المفكر المغربي، سعيد ناشيد، قراءة تحليلية لفكر "العفيف الاخضر"، قبل أن يعرج في حديثه عن مفاهيم العقلانية والحداثة، ملاحظا أن "الحداثة هدفها نزع السحر عن العالم، عبر سيرورة طويلة ومتواصلة لا نهائية". وقال "إن استراتيجية الحداثة، هي التحرر من الرؤية السحرية للعالم، إذ لا سر بين الأشياء، لأن السر الأعظم الذي كشفت عنه الحداثة، هو أن وراء الأشياء لا يوجد أاي سر". وتساءل في هذا السياق "هل الدين هو جزء من الرؤية السحرية للعالم، وبالتالي يجب أن نتحرر منه، لنتحرر من السحر، أم أن هناك فقط عناصر سحرية داخل الدين، يجب تحريرها من الرؤية السحرية". أما الباحثة الجامعية، آمال قرامي، فقد أكدت في مداخلتها على أهمية ترابط الأجيال، بفضل عدد من المثقفين التونسيين الذين عبدوا الطريق لبقية الأجيال، على غرار المفكر الراحل، العفيف الاخضر. وفي طرحها لإشكالية العلاقة بين المثقف والارهاب، لفتت المتحدثة إلى أن مصطلح الحرب على الإرهاب تبنته النخبة الفكرية الغربية، ونجحت في تمريره للمفكرين العرب، الذين عززوا بدورهم هذه الرؤية، لاسيما بعد تناول المسألة بالدرس في معاهد بحوث عربية ودولية. وأكدت وجود جيل جديد اليوم من الباحثين في مجال السياسة يعيدون النظر في مصطلح الإرهاب، والسياسات الامريكية التي حاولت توظيف العقول في اتجاهات أخرى، قائلة، في هذا السياق "لم يعد بالإمكان الصمت عن هذا التورط". ودعت الباحثين الى تدقيق المفاهيم، والحذر في استعمال مصطلح الإرهاب، باعتباره ظاهرة معولمة، متسائلة عن سبب التركيز على الإرهاب الذي يحدث في المجتمعات العربية الإسلامية، بينما يتم التغاضي عن أشكال أخرى من الإرهاب سائدة في المجتمعات الأخرى. وشددت القرامي على ضرورة أن تفتح الجامعات ورشات بحث في مجالات الأنثروبولوجيا والتحليل النفسي وعلم الاجتماع والاتصال وغيرها، لمزيد دعم الجغرافيا المعرفية العربية، بما يمكن من فهم أدق لمصطلح الإرهاب وتداعيات استعماله.