تعمل 59ر41 بالمائة من النساء المشتغلات بمعتمدية دوار هيشر من ولاية منوبة في قطاع الصناعات المعملية نظرا لوجود المنطقة الصناعية بالجهة، وبأجور أقل من الدخل الأدنى المضمون ودون تغطية اجتماعية، وفق ما كشفت عنه دراسة ميدانية أنجزها الباحث الاجتماعي جلال التليلي في إطار البرنامج التدخلي لجمعية "طريق الكرامة" لفائدة تدعيم المشاركة النسائية. وأفادت هذه الدراسة التي تم تقديم نتائجها امس السبت على هامش ندوة جهوية حول "مشاركة النساء في الحياة العامة والحياة السياسية بمنطقة دوار هيشر"، ان عدد النساء المشتغلات بمعتمدية دوار هيشر يبلغ 7719 من مجموع 32010 امرأة أي بنسبة 11ر24 بالمائة، تعمل 26ر27 بالمائة منهن في قطاعات التربية والصحة والإدارة و20 بالمائة في قطاعات خدمية أخرى. وخلصت الى بروز مظاهر "تأنيث الهشاشة الاقتصادية" بمنطقة أكثر من نصف سكانها نساء، وضعف مشاركة المرأة بالمنطقة في الحياة العامة والسياسية، نتيجة عديد العوامل العائلية والاجتماعية المباشرة، ومن أبرزها المستوى التعليمي المتدني لأغلب النساء في دوار هيشر اللواتي يعانين من الأمية بأشكالها التقليدية بنسبة تناهز 20 بالمائة مقابل 14 بالمائة لدى الرجال. كما مثل تحمل المرأة للمسؤوليات العائلية وعدم تقاسمها بين الزوجين، عائقا أمام اهتمام الزوجة بالشأن العام أولا، ثم المشاركة فيه ثانيا، اضافة الى موقف الزوج الرافض لمشاركة زوجته في الشأن العام تحت تأثير ما أسمته بعض المستجوبات "عقليات سائدة في الحي لا تعترف بالنشاط السياسي للمرأة وتسبب إحراجا للزوج". وتدعم هده العوامل، أسباب سياسية تتعلق "بالثقل الاجتماعي لذكورية الحقل السياسي"، حسب ذات الدراسة، وغياب الأحزاب السياسية عن الأحياء الشعبية بصفة عامة واقتصارها على انتداب وتأطير العناصر الرجالية التي تكون أكثر فاعلية في التصورات السياسية السائدة فضلا عن عوامل العنف الموجه ضد النساء والتي تعرف أشكالا أخرى من السطو والنشل والمضايقات الجنسية لفظيا وجسديا. ولفتت الدراسة التي استهدفت عينة ب20 فاعلة وناشطة بالمنطقة إلى "ضعف المشاركة التعاقدية المدنية والسياسية بصفة عامة وفقدان الثقة في التغيير بالوسائل السياسية باستثناء المشاركة في الانتخابات وانخراط النساء في ممارسة المواطنة المحكومة بالانتظارية والمشاركة الاحتجاجية المطلبية التي نمتْ منذ 2011 وهروب بعض النساء إلى المشاركة الوطنية أو الجهوية خارج منطقة سكناهن بما يوفره القرب من العاصمة من سهولة التنقل واحتمائهن باللااسمية للإفلات من ضغط عوائق القرب والعقلية الذكورية الموروثة والمعزًّزة بعلاقات الهيمنة السائدة في الأحياء الشعبية ذات العلاقات الجندرية الرافضة لاقتحام المرأة لمجال السلطة". وبين صاحب هذه الدراسة الباحث جلال التليلي ان نسب مشاركة الرجال في الانتخابات الرئاسية لسنة 2014 بمنطقة دوار هيشر كانت 4ر57 بالمائة مقابل 6ر42 بالمائة للمرأة نتيجة "التهديد الذي تعرضت له المكاسب النسوية والمدنية وتنامي الظاهرة السلفية بنتائجها الإرهابية المهددة خلال حكم الترويكا"، وفق تقديره. كما دعا ضمن محور المشاركة والتمكين في الدراسة، الى "ضرورة الارتقاء بحضور المراة السياسي الفاعل وتجاوز أدوار الديكور وملء الفراغات الشكلية التي يفترضها التناصف الأفقي والعمودي في القانون الانتخابي الخاص بالانتخابات البلدية القادمة مع الترفيع في تقدير ذاتها ودعم ثقتها بالنفس وتطوير قدرتها على اتخاذ القرارات الخاصة والعامة وتشجيعها على ممارسة الأنشطة الكفيلة بتحقيق دخل دائم يضمن الاستقلالية الاقتصادية والكرامة الإنسانية وتحسين معارفها ووعيها السياسي بما يكسبها القدرة على تحليل الوسط الاجتماعي وتوظيفه من أجل إحداث التغيرات لتحقيق فرص متساوية في الانتفاع من البرامج والخطط".