من مبعوث «الشروق» : عبد الرؤوف المقدمي تتفاعل منذ أيام قضية سياسية بين سوريا والحكومة العراقية الجديدة، لم تبلغ بعد الازمة ولا أحد يظن أنها ستبلغها بين الجارين اللدودين قديما والمرتابين حديثا. ولكنها أي الازمة اوعلى الاصح القضية تُمكّن من قراءة سياسية عميقة لنوعية العلاقة التي تربط النظام السياسي في سوريا مع نظيره العراقي! وأصل الحكاية ان اذاعة دمشق الحكومية وجهت انتقادات عبر معلّقها السياسي الى الحكومة العراقية الجديدة بسبب مطالبتها بإبقاء قوات الاحتلال في العراق وذلك عشية وبعد قرار مجلس الامن رقم 1546 الخاص بالعراق. وقالت اذاعة دمشق بأن رئيس الحكومة إياد العلاوي ووزير خارجيته حاولا الايحاء بأن طلب استمرار بقاء قوات الاحتلال هو تعبير عن ممارسة السيادة وكأن السيادة لا تتعارض مع وجود الاحتلال. وقال المعلق السياسي أيضا «الأسوأ من ذلك هو ما تضمّنه بيان حكومة العلاوي في اعتبار اي عمل مقاوم داخل العراق ولاسيما ضد قوات الاحتلال ارهابا تقتضي محاربته وهو ما يعني ان السلطة العراقية الجديدة ستقوم قبل ان تمارس صلاحياتها في ال20 من الشهر الجاري بالنيابة عن قوات الاحتلال بملاحقة المقاومة العراقية»! ولأن هذا التعليق الصادر عن هيئة رسمية اعلامية لا يخلو من قراءة تشير الى عدم الرضا عن حكومة العلاوي وعن برنامجها، سارع الرئيس بشار الاسد مؤخرا الى القول عند سؤاله عن مغزى التعليق : هذا تعليق سياسي وليس موقفا رسميا، فالموقف الرسمي يخرج عن وزارات معينة مثل وزارة الخارجية او الرئاسة وهذا يبقى تعليقا سياسيا فيه هامش وليس بالضرورة ان يتطابق مع رأي الدولة. ومضى يقول موقفنا من الحكومة العراقية أعلنته في اسبانيا حيث قلت إن الموضوع داخل العراق نتعامل معه كأمر واقع، ولكن الشيء الوحيد الذي ندقق عليه هو كلمة الشرعية، فهناك أمر واقع وهناك شرعية ونحن نتعامل مع الحكومة العراقية كأمر واقع خصوصا أن عددا من أعضائها أصدقاء لسوريا، هم أصدقاء من منطلق الصداقة ومن منطلق الامر الواقع ولكن الشرعية ليست مهمتنا ولا هي حق لنا هي حقا للشعب العراقي، أما أننا نهاجم كدولة فنحن لم نهاجم العراق حتى في الماضي عندما كان اسم الحكومة مجلس حكم، فلماذا نهاجمه الآن؟ إن هذا موقف سياسي للإذاعة يختلف عن الموقف الرسمي. وعند سؤال الرئيس كان هناك كلام حول خلافات عميقة مع الحكم العراقي الجديد في ضوء الحملة السورية الاعلامية عليه، قال : لا يوجد خلاف لكن لا يوجد حوار بيننا وبينهم، وبالنسبة لنا كسوريا ابتعدنا منذ البداية عن التفاصيل العراقية وبقينا في العموميات وقلنا كل ما يختص بالعراق هو ملك للشعب العواقي. وسُئل الرئيس ايضا، هل تعتقد أنه من صالح العراق لو انسحبت أمريكا الآن، فردّ إن هذا الموضوع شأن العراقيين وهم من يحدد وليس لنا الحق ان نتحدث في هذا الموضوع وأتمنى أن لا نقحم أنفسنا في أشياء عراقية. ولا شك ان الرئيس بشار الاسد المعروف ببداهته انتقى هذه الكلمات، لكن لا يوجد شك أنه يوجد هامش اعلامي في الصحافة السورية يبرر حديث المعلق السياسي الذي تعتقد فيه الاغلبية الساحقة من العرب، وربما لهذا السبب ولأسباب أخرى صمتت الحكومة العراقية التي تعلم جيدا انه لابد لها من التعامل مع سوريا بهدوء، فاللعبة هناك معقّدة جدا، ومن صالح كل اللاعبين العراقيين ارضاء سوريا حتى داخل ضرورة ارضاء الولاياتالمتحدةالأمريكية بدرجة أولى، انها مفارقة ولكن لا حل غير هذه المعادلة الصعبة.