نشأت السيدة سعاد الهندي وسط عائلة تهوى الفن وتعشقه فخالها كان من التونسيين الاوائل الذين برعوا في فن الرسم على البلور وكان ذلك خلال الاربعينات. وكان لهذا الرجل الفضل على بنات أخته اللاتي ولعن بهذا الفن منذ الصغر. فقد لازمت السيدة سعاد خالها واتخذته أستاذا لها في هذا المجال في حين كفت اخواتها عن ممارسة هذا الفن. على الرغم من موهبتها الكبيرة في الرسم على البلور لم يتسنّ للسيدة سعاد مواصلة نشاطها الفني بسبب ظروفها العائلية التي حتمت عليها التفرغ للاهتمام ببيتها وأطفالها. وقد دام انقطاعها عن ممارسة الرسم على البلور مدة 18 سنة لكن حبها لفنها ظل يسكنها وازدادت رغبتها في انقاذ هوايتها وصقلها وتطويرها الى ان جاءت الفرصة المناسبة لذلك وهذه المرة بدعم من زوجها الذي شجعها على العودة الى سالف نشاطها قبل الزواج فكان ذلك متزامنا مع دخولها الى الاتحاد الوطني للمرأة التونسية خلال السبعينات حيث تولت منصب مسؤولة عن الدعاية والنشر. وبحصولها على هذه الوظيفة أصبح لديها راتب تعوّل عليه في شراء المواد الاولية التي يقتضيها فنها. وتقر السيدة سعاد انه رغم ضآلة راتبها فقط استطاعت انتاج بعض التحف والاواني التي لاقت اعجاب كل من شاهدها. **عملي فتح أمامي الآفاق مع بداية الثمانينات تمكنت السيدة سعاد من تطوير مشروعها وأصبح اسمها معروفا في مجال الرسم على البلور وقد ساهم عملها في صلب الاتحاد في التعريف بمنتوجها. حيث لعبت شبكة العلاقات الشخصية دورها في تسويق الاواني البلورية التي انتجتها السيدة سعاد الى مختلف الجهات ولعل المؤسسات الحكومية كانت من أهم الاطراف التي سجلت اقبالا مكثفا على ما انتجته. **معارض ونشاطات مختلفة رغم تجاوزها الستين الا ان السيدة سعاد مازالت تنبض نشاطا وحيوية متنقلة بين تحفها الجميلة وأوانيها البلورية الرائعة. فقرابة الخمسين سنة ظلت هذه السيدة محافظة على نشاطها الفني والسياسي في الآن ذاته. وقد ساهمت في تلقين هذه الحرفة (الرسم على البلور) لقرابة 2000 فتاة عندما كانت مسؤولة عن قطاع التكوين في الصناعات التقليدية. أما عدد المعارض التي شاركت فإن عددها بلغ قرابة عشرة معارض جماعية كانت تنظم في اطار عروض الديوان القومي للصناعات التقليدية وكان ذلك اختيارا منها حيث أكدت انها لم تكن في حاجة الى تنظيم معارض فردية رغم انتاجها لأكثر من قطعة بلورية بأحجام وألوان مختلفة وترجع عدم رغبتها في اقامة مثل هذه المعارض التي تخوّفها من تحمل المسؤولية ولإيمانها الكبير ان التسويق مضمون بالنسبة لما تنتجه بفضل جودة منتوجها واتساع شبكة علاقاتها الشخصية والتي كونتها على مدى حوالي 22 سنة من العمل المتواصل. **غلاء أسعار المواد الاولية تنحصر الصعوبات التي مرت بها السيدة سعاد خلال مسيرتها المهنية في بعض المشاكل المادية البحتة المتعلقة سواء بغلاء المادة الاولية للرسم على البلور او بغلاء اليد العاملة التي تستخدم خاصة في تحضير بعض المستلزمات كالفضة والنحاس التي تستعملها في تزويق رسوماتها البلورية. وتضيف السيدة سعاد ان غلاء الطلاء وارتفاع أسعار الفضة والنحاس يمثل مشكلا حقيقيا لكل الرسامين على البلور. كما ان البلور الموجود في الاسواق التونسية لا يتماشى مع الجودة المطلوبة مما يجعل معظم الرسامين يجدون صعوبة في شراء ما يلزمهم من سلع ذات جدوى عالية. أما الصعوبات الحالية فتتمثل بالأساس في ارتفاع مستوى المنافسة في هذا المجال. **الموهبة سر النجاح تؤكد السيدة سعاد الهندي ان نجاح الفرد رهينة تمتعه بالموهبة المتميزة فإيمانها بموهبتها قادها الى الابداع والنجاح ناهيك وانها عصامية التكوين ورغم ذلك استطاعت ان تكون متميزة في مجالها الفني. وتضيف السيدة سعاد ان الاصرار على العمل والتفاني فيه كان وراء نجاحها. وعن حبها لعملها تقول انها تحدت كل الصعوبات وحاولت ان تبذر جذور هذا الفن في الجيل الجديد وذلك من خلال اشرافها على ورشة لتكوين الفتيات في صلب نشاط الاتحاد الوطني للمرأة التونسية حيث بلغ عدد تلميذاتها ألفي فتاة من مختلف المستويات التعليمية. وبرهنت السيدة سعاد الهندي على نجاحها من خلال مساعدتها لبعض تلميذاتها على بعث مشاريع خاصة والعمل الفردي واقامة معارض للرسومات البلورية. * ناجية المالكي