معلم تطبيق سيدي عامر الاخلاق الاسلامية تتسم بسمة الثبات: وثبات الاخلاق من ثبات القيم العليا التي قدمها الاسلام في إطارات واسعة، ولم يسمح بتجاوزها. ويبدو ثبات القيم الاخلاقية في قواعد الحلال والحرام والخير والشر، والحق والباطل، ويتجلى ثبات القيم في العلاقة بين الرجل والمرأة، وبين الاسرة والابناء ويخضع لقانون الثبات: الانسان نفسه في طبيعته وتدرّجه من الطفولة الى الشباب الى الكهولة. إن أبرز مفهوم الاخلاق في الاسلام: «الالتزام الخلقي» الذي يتمثل في الدعوة الى اتباع القواعد العامة، التي أمر الله بها، مع ترك حرية التصرف والاختيار للمرء في نطاق التفاصيل التي تعرض تبعا لتغيّر ظروف الحياة. قال الله تعالى مخاطبا نبيّه الكريم عليه أفضل الصلوات وأزكى التسليم: {وإنك لعلى خلق عظيم} (القلم: 4). قال سيد العالمين صلى الله عليه وسلم: «أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا، وخياركم خياركم لنسائهم» الترمذي. فالمرأة هي أكبر مربية للرجل، فهي التي تعلمه الفضائل وأدب السلوك ورقة الشعور. قال سيد الأنام صلى الله عليه وسلم: «خصلتان لا يجتمعان في مسلم: البخل وسوء الخلق». عن عبد الله بن عامر رضي الله عنه قال: جاءنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا صبي صغير، فذهبت لألعب، فقالت أمي: يا عبد الله تعال أعطيك. فقال رسول الله: «وما أردت أن تعطيه؟ قالت: تمرا» فقال: أما إنك لو لم تفعلي لكُتبت عليك كذبة». فمن هذا الحديث نلمس عناية الاسلام بأن جعل الأم قدوة حسنة لابنائها وللمحيط العائلي المجاور لها. فأساس السلوكيات تقع على المنزل وقد اهتم الاسلام بالاسرة: وإن أول نواتها الزوجة الصالحة. فأمامنا في التاريخ: زوجات الرسول الأكرم وبناته وأسماء بنت أبي بكر، والشفاء العدوية، والخنساء... وعزيزة عثمانة... فهن مثلا يحتذى في السلوك النبيل والاخلاق الفاضلة والتفاني في خدمة الصالح العام وخدمة الاوطان... وحصيف قول الشاعر: وما خاب بين الله والناس عامل له في التّقى أو في المحامد سوق إذن يمكن القول إن الاسلام دين الحضارة الراقية بمفهوم الرقي: بناء وتشييد، تصنيع وإبداع، خلق وتجديد، سلام وأمان، نقاء وطُهر، صدق وإخلاص في العمل، إسعاد للبشرية كلها بكل وسائل الخير والبر. قال اللطيف الخبير: {فأما الذين آمنوا بالله واعتصموا فسيدخلهم في رحمة منه وفضل ويهديهم اليه صراطا مستقيما} (النساء: 175). قال أحد الفلاسفة: «إذا علّمت ولدا فقد علّمت فردا وإذا علّمت بنتا فقد علّمت أمة». فعلى المرء أن يتصف بالصدق وأن يتحلى بالاخلاق الفاضلة ويمدّ يد المساعدة للآخرين وبذلك تتوطد أواصر المحبة ويسود الوئام. قال صلى الله عليه وسلم: «إذا لقي أحدكم أخاه فليسلّم عليه فإن حالت بينهما شجرة أو جدار أو حجر ثم لقيه فليسلّم عليه». رواه أبو داود عن أبي هريرة. قال أحد الحكماء: الادب يزين غنى الغنيّ، ويستر فقر الفقير. وسديد قول أحد الشعراء: ترك النفوس بلا علم ولا أدب ترك المريض بلا طبّ ولا آس وتحبيبا للعلم، وغيرة على بثّ المبادئ الاخلاقية والاجتماعية في النشء الصاعد، خصّ أحمد شوقي الاحداث بقسم وافر من أوائل منتوجاته الشعرية فنظّم لهم أدعية مختلفة المواضيع: دعاء الصباح، دعاء النوم، دعاء العمل، وأناشيد وطنية ومدرسية تمتاز في الغالب برشاقة الاوزان وعذوبة الالفاظ وجمال الغنّة الموسيقية. وقد ألف لهم أيضا في أول حياته بالشعر ما يربو على الخمسين أسطورة بين قصيرة وطويلة من مشاهير أرباب الامثال القدماء كصاحب «كليلة ودمنة ولافونتين». ولهذه الاساطير قيمة أخلاقية لا تنكر: فهي تتناول الاغراض التي يتناولها الشعر التعليمي عادة من حضّ على الفضائل ولاسيما النشاط في العمل، وحفظ الوفاء في الصداقة، وتدبّر الامور قبل وقوعها، وتقبيح الرذائل: الغدر والخمول والتهاون والتقاعس في العمل... قال أمير الشعراء: أعلمت أشرف أو أجلّ من الذي يبني وينشئ أنفسا وعقولا قال الرسول الاكرم صلى الله عليه وسلم: «إن الله لم يبعثني معنّفا ولكن بعثني معلما ميسّرا». قال وهب بن منبّه: «العلم خليل المؤمن، والحلم وزيره، والعقل دليله، والصبر أمير جنوده، والرفق أبوه، واللين أخوه».