قابس : استكمال ربط محطة النقل البري الجديدة بمختلف الشبكات في وقت قريب    مقتل 25 شخصا بانقلاب حافلتهم غرب كينيا    غوارديولا يستبعد مشاركة رودري بقوة في المباريات الافتتاحية للبطولة الانقليزية    3 وفيات و4 إصابات في انقلاب شاحنة محمّلة بالفحم الحجري بأوتيك    قيس سعيّد: "لا أكاد أصدّق كل هذا النفاق".. #خبر_عاجل    غدا الأحد: غلق هذه الطريق بالعاصمة..#خبر_عاجل    عاجل/ بالأرقام: موسم الحصاد لهذا العام هو الأفضل منذ 5 سنوات    تنفيذ برنامج تنظيف الشواطئ بنسبة 80%.. #خبر_عاجل    عاجل/ وزير اسرائيلي يجدّد الدعوة لتهجير أهالي غزة إلى ليبيا    زيلينسكي: لن نترك أراضينا للمحتل.. #خبر_عاجل    إيران تعلن اعتقال 20 جاسوسا للموساد في طهران ومحافظات أخرى    ترامب يعلن التوصل لاتفاق سلام 'تاريخي' بين أرمينيا وأذربيجان    الأونروا: لا يمكن إيصال المساعدات على نطاق واسع بغزة إلا عبر الأمم المتحدة    عاجل/ خطة احتلال غزة: جلسة طارئة بمجلس الأمن تعارضها واشنطن    بلدية تونس .. مواصلة مقاومة ظاهرة استغلال الطريق العام    الرابطة الأولى: برنامج مواجهات اليوم من الجولة الإفتتاحية    الوكالة الوطنية للسلامة السيبرنية تحذر من انتشار حملات تصيد إحتيالية على شبكات التواصل الإجتماعي    طقس اليوم: الحرارة تصل 40 درجة والبحر مضطرب بهذه الجهة    يتنكّر ويستخدم هويّة مزيّفة: الاطاحة بكهل محكوم بالسجن لاكثر من 200 عام!! #خبر_عاجل    الحكومة السورية تندد بمخرجات مؤتمر الحسكة وتعلن انسحابها من مفاوضات باريس    معالم من بلادي: مقبرة النصارى بتيبار.. شاهد على الحرب العالمية    صيف المبدعين: الكاتبة سعاد الخرّاط: عشت في الحقول الشاسعة والأبراج المُسوّرة وبيتنا كان مزارا    عاجل/ أوّل تعليق من قيس سعيّد على حادثة الإعتداء على مقر اتحاد الشغل    سعيد : '' الأحداث التي تتواتر هذه الأيام بشكل تشير الدلائل كلّها على أنها غير طبيعية بل مرتّب لها ''    أماكن تزورها...الشبيكة (توزر) روعة الطبيعة وسحر الواحات    الجوّ اليوم في تونس: سحب، شوية ريح، والحرارة طالعة    مصيف الكتاب بالقلعة الصغرى.. احتفاء بالإصدار الأدبي «هدير الأمواج» للكاتبة نسرين قلص    إلى شتات أهل وسلات    البحر الأزرق    الفنان مرتضى ... حضور ركحي متميز وطاقة فنية خلاقة أمام جمهور غفير للموسم الثالث على التوالي بمهرجان صفاقس الدولي    على ركح مهرجان الحمامات الدولي 2025: الشاب مامي أمير الراي في تجربة راكمت 45 عاما من العطاء الفني    تاريخ الخيانات السياسية (40): قتل الخليفة المهتدي    استراحة صيفية    مهنة وصيف: بشير برهومي: »مشوي» على ضفاف شط الجريد    احذر البطاطا المقلية: خطر الإصابة بالسكري يرتفع بنسبة 20%    أسعار لحوم الضأن    أحمد الجوادي: هدفي القادم تحطيم رقم قياسي عالمي والتتويج الأولمبي    وزيرا السياحة والتجارة يفتتحان الدورة 18 لمعرض الصناعات التقليدية بنابل الذي يتواصل من 8 الى    حجز كميات كبيرة من الأجبان والبيض والمثلجات في 3 ولايات: تفاصيل المحجوز    رسمي: منحة غذائية لمرضى داء الأبطن من العائلات الفقيرة ومحدودة الدخل    حالة الطقس ودرجات الحرارة هذه الليلة    بطولة العالم للكرة الطائرة للفتيات دون 21 عاما - المنتخب التونسي ينهزم امام نظيره البلغاري 0-3    القمر يضيء سماء السعودية والوطن العربي ببدر مكتمل في هذا اليوم    وزيرالصحة يشرف بولاية منوبة على ملتقى تقييمي وتكريمي لأفراد البعثة الصحية المرافقة للحجيج    كيفاش الذكاء الاصطناعي يدخل في عالم الفتوى؟ مفتى مصري يفسر    خبر محزن: وفاة الفنان المصري سيد صادق عن عمر يناهز 80 عامًا    مناسك الحج 2026: فتح باب التسجيل من 11 أوت إلى 8 سبتمبر    الكاف: إحداث وحدة للسموميات بقسم الإنعاش بالمستشفى الجهوي بالكاف    الوسلاتية: محاولة دهس رئيسة دائرة الغابات    الكورة ترجع الويكاند هذا: مواعيد ونقل مباشر لماتشوات الجولة الأولى    وسط أجواء إحتفالية منعشة ... النادي الصفاقسي يقدم لاعبيه المنتدبين الجدد ويكشف عن أزيائه الرسمية    صندوق النقد العربي يتوقع نمو اقتصاد تونس بنسبة 2ر3 بالمائة خلال سنة 2025    عاجل/ بعد كورونا فيروس جديد يظهر في الصين..ما القصة..؟!    بطولة العالم للكرة الطائرة: المنتخب الوطني ينهزم أمام في المباراة الإفتتاحية    مبوكو تفاجئ أوساكا لتفوز ببطولة كندا المفتوحة للتنس    مهرجان صفاقس الدولي.. الفنان لطفي بوشناق يعانق الإبداع    خطبة الجمعة: القدس تناديكم    الفنانة أحلام: سأغني في قرطاج ولا أريد أجرا ولن أستلم مقابلا من تونس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قراءة في كتاب «كفاك يا قلب» للشاعر نزار السهيلي
نشر في الشروق يوم 08 - 10 - 2009

في أربعين قصيدة يُطوى كتاب نزار السهيلي الثاني بعد تجربته الأولى وهي مجموعة شعرية بعنوان «هل الى الطريد من سبيل» سنة 2006 تقديم الدكتور كمال عمران.
الآن وقد شدّني المدّ الشعري المتطور والمحدث عند نزار في مجموعته الشعرية الثانية التي قدمها الكاتب المسرحي الأستاذ عبد العزيز عكاز الباجي الذي أخذته مغامرة التلميذ الذي بات شاعرا وأستاذا، وذا معرفة واسعة: حيث يدلي عبد العزيز عكاز في تقديم الكتاب.
كان ومازال «يحلم وعيا» فيتراجع أمامه كل يقين في مرحلة تكتسح «الأصنام» كلها وتدمّرها تعصف بالقيم.. إنه وهو يحلم يقتل أو يحاول أن يقتل «نزار» الطفل.
أنا لا أريد أن يقتله!
أراني أحس اليوم حزينا.. حزينا..
لقد تراجع كل شيء الى حدّ الفجيعة!
ثم يرمي الشاعر جناح فراشة أرهف من نسيج العنكبوت وأصفى من ماء المطر على ابنه الجديد خشية أن يؤذيه هذا العالم العكر وخوفا على انسياب الشعر من الشعر: بقوله في نص «الى ولدي عبد الحميد»
أحبّك حبّ يعقوب ليوسف
أو حبّ مريم للمسيح
خوفي عليك من الزمان
وأنا الوحيد بدونك
من قلبي للعين يسيح
لولاك يا ولدي
لكان قلبي من صفيح
حبي لك حب الرسول الحسنين
فإذا هرمت فكن لخالك كالوتد
وكن لخالد ساعدين
إن شاء ربّي أن أكون بلا ولد
فكن الوريث
وكن سند
يترنّم الشاعر حبا خفاقا يغني الحياة التي زاد بهاؤها وكأنها الحياة حياة أخرى غير التي كان يعرفها فبات يقرأ حساب الموت وكأنه يكره أقصى درجات الفرح والسرور في دنيا لا يأمنها أحد رأى منها أبشع أنواع المحن وبالتالي تعجبه إرهاصاتها وكأنها المغذي الأجدر لقريحته الشعرية وزاده الاضافي لتجديده الحداثي فالحزن عند الشاعر شحنة قديس على شيء لن يرضى عنه طالما كان حيا..
كما يأخذني الأستاذ الكاتب عبد العزيز عكاز الباجي في تقديمه مرة أخرى.
إن حزن نزار حجّة على مرحلة، هو حجّة على الاسعاف والتبلّد العاطفي وتراجع قيم الجمال والمعرفة! نحن فعلا محاصرون بالاسعاف. نحن فعلا مصابون بالتبلّد. نحن فعلا متفرّجون على نحر قيم الجمال ونبذ حامل المعرفة. ونزار مكبيّ برداءة العالم ولكن الشاعر الرابض في عمق نزار يطاول. يقول: لا يمانع. يتمرّد الى الأبد.
لا يمكن للمتنبي أن يهجو أخاه وصديقه سيف الدولة إلا حبّا فيه واحتجاجا في حقّه الذي أراد ولم يمنحه إياه فالمحبّ لما يسخط على شيء يحبّه ينعكس من القمّة الى القاعدة فأشار عندي نزار وكأنه يرمي معناه الى كل لبيب يعرف سكناه ومرساه التي احترقت النيل من بنيها والفتك من محبيها، مدينته مدينتنا هي التي قال فيها في نصه «الى مدينةَ»:
هذه المدينة
تكسّر كف ناحتها
وتزرع الشوك في أحداق بانيها
وتوقد النار في أطراف ساحتها
وتسكب السمّ في أكواب حاميها
هذه المدينة..
تقتات قمامتها
وتدني للجيف السّكرى معاليها
هذه المدينة من موت منابتها
وللحرام عناقيد مراميها..
فالشاعر هنا أراد أن يقول ما قاله ولا أزيد على ذلك.
بينما أمشي في نهج هزني فعلا الى معانيه السامية وموقف انساني يحمي الانسان من الانسان ويحمي الزمان من الزمان فأي انسان وأي زمان يا نزار في عالم تعرّى تماما والمكشوفة هي عوراتنا فمن يستحي من نفسه يطبق باب الزمان ويعشق انفراده والشعر طبعا لتأسيس عالمه الأطهر والأرقى والأفضل ثم أمضي الى نص خفيف وأعمق من حجمه بعنوان «بهذا الزمان..»:
بهذا الزمان
أقصّ جذوري وطرف لساني
وأحرق ذاتي
لأحمي كياني
بهذا الزمان..
يشاطرني الرأي أستاذي عبد العزيز العكاز الباجي في تقديمه لهذا الكتاب، في شأن حركات الشاعر اللامعقولة واللامنتظرة فلا تدري أنت ما بمضارعه من كتابات أو ما بامتداده من امتداد آخر فالحيرة التي به تلحقنا: يقول عكاز:
ينكفئ الشاعر وحضنه يتّسع للامتداد ولكل الناس وتبقى عيناه مأهولتين قد تلتمع اليوم وقد لا تلتمع، ولكنه لا ييأس إنه قلق: أي يسأل ويبحث وقدر الشعراء مثله أن يؤنسوا الآتي بالقلق والسؤال وهل الشعر غير نحت لما نعجز عن صنعه في حيواتنا؟
كما يعتمد نزار السهيلي في جلّ قصائده على الثقة في النفس وهذا يرجع الى مكانة الشعر وتمكنه به تمكنه بمعرفة تطلّع عليها حفظا وحفظها معرفة الى حدّ النرجسية المسموحة والمحبّذة لدى الشعراء. وكأنه يميل الى المتنبي في مدح ذاته لما يقول: نزار:
يموت النخيل ولا ينحني
ولا تغرب الشمس قبل الميعاد
سأبقى على الدّهر فوق الحدود
وفوق القيود ككل الأسياد
سأحفظ حريتي في يدي
وأشدو لمن لم ينله الطّراد
نزار السهيلي لا تمنعه رياح من الصمود ولا يتطاول عليه مناخ له طقس أسّسه لوحده وشعر ذو شراع يغدو به نحو المجد الأفضل وساحة كعكاظ يرتع منها وفيها طيفها شاء فلا رقيب يكبح جماحه إنما صهيل نزار صهيل خيل عربي قديم جديد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.