هو واحد من أحلى الأصوات التونسية التي تسعى لأن تكون لها بصمة خاصة يشقّ طريقه بثبات بعيدا عن المزاجية والاعتباطية متضامن مع أصحاب التجربة والذوق الرفيع فثبتت قدماه على سلم الفن الرفيع.. جمع بين نقاوة الصوت وثراء الثقافة الفنية والحضور المتميز وهو ما بوّأه للقب الفنان المطرب. هذا هو أنيس الخماسي الذي التقته «الشروق» في زيارته الأخيرة إلى مدينة سوسة في حوار حول واقع الأغنية التونسية ومواضيع أخرى. هل بالإمكان القول أن ما قدمته في مهرجان المدينة تظاهرة تناسب أنيس الخماسي؟ هو عمل يضمن تحضيرا خاصا صحبة الفنان عادل بندقة الذي تجمعني معه فكرة المشروع الفني. قطعت في حضورك مع الاعادات واحتراز أغاني السابقين.. هل هذا اختيار منك؟ لست ضدّ القديم ولكن لا بدّ من إبراز عمل الجيل الحاضر. أعتقد أنه حان الوقت لتجاوز البكاء على الأطلال فإلى متى سنبقى نتحدث عن القدماء مع احترامي الكبير لهم. لا بدّ من تثمين جهد الجيل الجديد فتاريخ الأغنية التونسية لم يقف عند فترة معيّنة فمثلما أسّس الجيل القديم هناك أيضا جيل آخر بصدد التأسيس وتطوير الأغنية التونسية. أجمع العديد على تميّز طاقتك الصوتية وقدرتك على أداء عدّة أنماط ولكن لم تجسّمها بالقدر المناسب إلى حدّ الآن؟ أنا بصدد تجريب عدّة ألوان وحقيقة لو انتهج مسلكا واحدا إلى حدّ الآن. ما الذي يمنعك من ذلك؟ الأمور مرتبطة بأغنية الحظ كاظم الساهر نجح بالقصائد مثلا، ومازلت أدقّق في أي لون أجد نفسي. البعض يراك في القصائد؟ أنا بطبعي أميل إلى ذلك ولك أن تتحدّث مع عادل بندقة في هذا الأمر. هل تخامرك فكرة الانتشار العربي؟ لا يوجد فنان لا تخامره هذه الفكرة.. هذا طموح مشروع ولكن الرغبة الذاتية لا تكفي فالفنان لا يبني مسيرته بمفرده.. لا بدّ من دعم شركات الانتاج وتحصين الفنان ضدّ العقلية السائدة التي يطغى عليها الفن الرديء في ظل تكاثر المتطفلين على هذا الميدان واعتمادهم على أساليب أخرى للشهرة كالعراء وغيرها. الانتاج يتطلب أموالا طائلة، ذهبت إلى مصر والتمست ذلك.. لا أريد التحدث عن المال ولكن أحببنا أم كرهنا.. هو من أهم العوامل المساعدة على الانتاج الجيّد. ألا يمكن أن توظف علاقاتك للتركيز على الانتاج التونسي قبل الانتشار العربي؟ هذا ما شرعت فيه ولازلت والدليل التجارب العديدة مع عادل بندقة، فالأغنية التونسية هاجسي ولا يمكن أن أنسلخ عنها. كيف تعتبر اكتساح الفن الشعبي للساحة الغنائية؟ لست ضدّ الفن الشعبي متى كان مهذّبا.. أكبر الفنانين غنّوا الشعبي كأم كثلوم، عبد الحليم وغيرهما، هذه مسألة أذواق، المهم عدم تجاوز الحدود. عادة أنت من الذين يحرصون على غناء انتاجات الآخرين أم انتاجك الخاص؟ حضرت بعض حفلاتي والأكيد أنك لاحظت حرصي الشديد على التعريف بانتاجي.. حتى عندما تواجدت بدولة الكويت غنيت إنتاجي ما عدا أغنية واحدة للمرحوم الهادي الجويني، فأنا ضدّ من يعتلي الركح ليقدم انتاج غيره. كيف ترى واقع الأغنية التونسية؟ نعيش عصر الرداءة وأصبح الناجح هو الذي يروّج الابتذال.. للخروج من عنق الزجاجة لا بدّ من التميّز والابداع الأصيل.. والاقتداء بالتجربة الجزائرية فهم وصلوا إلى العالمية ليس بالاعتماد على المصريين ولا اللبنانيين.. فما الذي ينقصنا نحن لبلوغ العالمية فالأغنية التونسية قادرة على إثبات وجودها شريطة التصرف في الألحان من حيث التوزيع. ألا ترى أن ذلك قد يفقد الأغنية التونسية خصوصياتها؟ لا أظن ذلك.. أنا لا أنادي بتغيير اللحن التونسي ولكن بإلباسه كساء آخر. هل ألبومك الجديد من هذا الصّنف؟ ألبومي يتضمن مجموعة من الأغاني بإمضاء مبدعين تونسيين كلطفي بوشناق وحمادي بن عثمان وآدم فتحي وحنان ڤم ونوفل المانع وحاتم الڤيزاني وخالد الوغلاني.. وهي اجتهادات أرجو أن تجد النجاح المأمول. من يطربك في تونس؟ عدّة أصوات: لطفي بوشناق وصابر الرباعي الذي اعتبره «un bon technicien» وعدنان الشواشي وشكري بوزيان والشاذلي الحاجي ومحمد الجبالي ودرصاف الحمداني وآمنة فاخر ودرة الفورتي إضافة إلى أسماء الجيل السابق مثل نعمة وسلاف وغيرهما. بمن تأثرت من هؤلاء؟ التأثر يلغي بصمة الفنّان.. لكل فنان أن يتميز بشيء يخصه ولا يشبه غيره.. هذا ما جعل بوشناق وصابر وغيرهما يتميزان ويتألقان.. لقد رفضا أن يكونا ظلا للآخرين خلافا لحسن الدهماني مثلا هو صوت رائع ولكن متأثر جدا بالآخرين إلى درجة التشابه كذلك ثامر عبد الجواد، لا بدّ للفنان حسن أن يعوّل على طاقته الصوتية وخصائص صوته ولا يكون نسخة من الآخرين.