«اكتوبر الموسيقي» «موسيقات» ، «موسيقيون من تونس» ... «المسرح الأنثوي» عناوين لتظاهرات ثقافية احتضنتها بلادنا هذا العام بعدة فضاءات ثقافية بالعاصمة. هذه التظاهرات اختلفت عناوينها لكنها التقت في المحتوى والسؤال المطروح هنا «ماذا اضافت في هذه التظاهرات الموسيقية الى الساحة الثقافية؟ الاجابة جاءت عن طريق مجموعة من الفنانين موسيقيين ومسرحيين وفاعلين في الساحة الثقافية فاختلفت تحليلاتهم وتقاربت غاياتهم وهو ما جاء في الملف التالي. اعداد: نجوى الحيدري وسام المختار المخرج المنصف ذويب: نعم للتّنويع.. لا للتكرار... هذه الظاهرة ايجابية من وجهة نظري، فالكثرة تعني عادة المضرّة عندما تكون فوق الطاقة بمعنى جرعة زائدة قد تقتل، لكن لا أظنّ أن تضاعف التظاهرات قد يحمل على هذا المعنى. إلا إذا تكرّرت هذه التظاهرات بمعنى أن نجد مثلا 6 تظاهرات تعنى بالموسيقى الصوفية وتتركّز جميعها بالعاصمة. فذلك يحمل على كونه مزاحمة و«تكسير» لبعضها البعض (التظاهرات) لكن إذا كان هذا العدد يتوزع على جهات مختلفة من الجمهورية أي نجده في قفصة وفي تونس وفي سوسة.. مثلا. عندئذ تعمّ الفائدة. ثم إن التنويع مفيد وأقصد بالتنويع التخصيص أي أن توجد تظاهرة للموسيقى الطربية وأخرى للموسيقى الصوفية وأخرى للشعبية ونفس الشيء بالنسبة للمسرح والسينما وبقية القطاعات الثقافية. فهذا التنويع يعطي للمتلقي أو المتقبل حرية الاختيار وهذا الاختيار مفيد، اختيار حسب تفكير هذا المتلقي وإمكانياته. لذلك أعتبر أن ظاهرة تضاعف عدد التظاهرات ببلادنا ظاهرة إيجابية. السينمائي رشيد فرشيو: ظاهرة سلبية بالنسبة إلي هذه الظاهرة ليست إيجابية لأن الكمّ ليس مقياسا للجودة والكيف ولا يضيف لهما شيئا. فالمهم هو المقدرة الابداعية والكيف. فتراثنا غزير رغم كلّ شيء لكن ثمّة من يلهث وراء المال وينسى أو يتناسى الابداع والابتكار. لذلك يجب أن ينسى هؤلاء الكمّ ويهتمّوا أكثر بالكيف حتى نكون حاضرين بمستوى عال وعالمي. فكلّ الظروف متاحة في تونس وخاصة الدّعم، لكن ثمة تسارع ومزاحمة، في حين أنه لدينا الامكانيات والمبدع بإمكانه الوصول إلى القمّة في صورة حضور ضميره المهني. وأعود إلى التاريخ فأقول تونس أنجبت أبو القاسم الشابي وعلي الدوعاجي وغيرهما كثير. وأودّ الإشارة إلى أنه ثمّة مهرجان سينمائي لم أسمع عنه قطّ، سمعت عنه في إرسالية قصيرة (SMS)، لذلك أقول إنه ثمة ارتجال لا يشرّك المثقفين والمسؤولين وفي نهاية المطاف تكون النتيجة ضعيفة، فنحن لسنا ضدّ الكثرة وإنما من الضرورة بمكان إعطاء الأولوية للكيف ثم يأتي الكمّ. المسرحي «محمد ادريس»: الكمّ... حتى يتوفر الكيف تعدّد التظاهرات الثقافية وتضاعفها، هو ظاهرة صحية، لأنه لكي يوجد الكيف والنوع يجب أن يتوفر أو يتواجد الكم، وتواجد هذا الكم، يدفع المسؤولين في القطاع الثقافي لاتخاذ التدابير والقرارات اللازمة لتحسين الثقافة وتطويرها في البلاد التونسية. وقديما كنا نشتكي من قلّة التظاهرات الثقافية، أما اليوم فإن هذه الكثافة تعتبر مناسبة تمكّن من ايصال الابداع والمبدعين الى الجمهور، وتحقّق بذلك الرهانات ويتحقق معها الحلم الجماعي. هذه الظاهرة جاءت مثل الغيث النافع، يجرّ المسؤولين الى إيجاد المادة من أجل ترتيب البيت الثقافي وحينئذ نستبشر ونأمل أن تتواصل هذه الظاهرة. فعندما تزور عواصم عالمية تجد في اليوم الواحد قرابة 700 عرض ثقافي في تظاهرات مختلفة وهذا يعطي فكرة عن حيوية المجتمع أو الأمة التي لن تكون دون إبداعات المبدعين من شعراء وفنانين. الفنانة أمينة الصرارفي: تبادل الحوار الموسيقي ما يبعث على التفاؤل هو أن هذه التظاهرات الموسيقية هي ذات صبغة ثقافية تقطع مع توجه المهرجانات التي تكتسي طابعا تجاريا، الى جانب أن هذه التظاهرات أحيت الساحة الثقافية من خلال تلك المنافسة بين مديري الفضاءات الثقافية الذين أصبحوا يبحثون عن المادّة الجيدة والدسمة التي تخوّل لهم البروز بطريقة مختلفة عن الآخر. والحمد & الاختيارات كانت صائبة فمثلا في «موسيقيات» جاء فنانون من العالم وهو ما يساعد على تبادل الحوار الموسيقي وبالتالي تطوّر وتقدّم هذا المجال... وما نأمله فعلا هو تأصيل هذه الفرضيات في الواقع وليس بالكلام فقط. المطرب حسن الدهماني: تنشيط الساحة الفنية هذه التظاهرات الموسيقية تساهم في تنشيط الساحة الفنية وبالتالي يجد الفنان الفضاء المريح الذي يمكّنه من العمل لكن للأسف هذه التظاهرات اقتصرت على أسماء وأنماط موسيقية معيّنة مثل مهرجان المدينة الذي بات يكرر نفس الأسماء منذ سنوات. لماذا لا تعطى الفرصة لكل الفنانين دون استثناء وتتم دعوتهم لمثل هذه التظاهرات ويكون النشاط على مدار السنة من شهر نوفمبر الى ماي ونحن نعلم أن تونس بلد الفرح الدائم ومثل هذه المهرجانات تضيف للفنان بصفة خاصة والساحة الفنية بصفة عامة. المسرحي حمادي المزي: ظاهرة صحية هذه التظاهرات بمختلف مُتُنها هي ظاهرة صحية تستجيب لرغبات الجمهور بمختلف مشاربه، فالتظاهرة الثقافية موسيقية كانت أم مسرحية أم سينمائية تسلّط الضوء على أهم التجارب الفنية في هذه المجالات وهي تضع تجربة الفنان في الواجهة كما أنها تضع تلك التجربة في مقارنة فنية مع غيرها من التجارب والتظاهرات التي تأخذ بعدا عالميا وهي تظاهرات تفتح أبواب الاكتشاف والمعرفة والمقارنة، إذ لاحظنا من خلال تجربتنا المتواضعة أن بعض الأعمال المنفردة والتي تبرمج في شكل عروض فردية لا تستقطب الجمهور ولا تثير اهتمامه، والجمهور يقبل على التظاهرات لأنه يريد أن يشاهد وأن يشاهَد وهي سمة الاحتفال التي تصطبغ بها هاته التظاهرات. ولا أعتقد أن مثل هذه التظاهرات لها جوانب سلبية لأنها تدرس وتحاط بمختلف التساؤلات لتخطي النجاح.