المتأمل في المحور المتعلق بمجال الثقافة الوارد بالنقطة 18 من البرنامج الانتخابي لسيادة الرئيس زين العابدين بن علي " معا لرفع التحديات" يلاحظ دون شك التواصل الذي تنتهجه سياسة الدولة في قطاع الثقافة وجعلها تسهم إسهاما مؤثرا وفاعلا في إثراء العمل الإبداعي لجعل تونس منارة ثقافية على الدوام من خلال حفز المبدعين على الخلق والإبداع والارتقاء بأعمالهم الثقافية لتشع في جميع بلدان العالم بتمكين القطاع من الوسائل والآليات الكفيلة بتفعيل دوره وحضوره كأحسن ما يكون في المحافل الوطنية والدولية. وستحتل الثقافة مكانة خاصة خلال الخماسية المقبلة بدعم الميزانية المرصودة لها لتبلغ نسبة 1،5 % من ميزانية الدولة سنة 2014 وتعزيز الإصلاحات و دعم التنمية الثقافية بجميع جهات البلاد بهدف تنوع المنتوج، وهنا يتأكد حرص سيادته على مزيد تعميق اللامركزية وتثمين مرجعياتنا الثقافية وخصوصياتنا الحضارية وتأمين حق كل تونسي في الاستمتاع بالنشاط الثقافي. كما حرص الرئيس بن علي في برنامجه على ضمان مكانة المبدع من خلال التعهد بحماية حقوق الملكية الفكرية المرتبطة بالثقافة والتراث وهو ما سيحفز على مزيد دعم طاقات الإبداع والإضافة في المسيرة التنموية الشاملة للبلاد. وينفرد المشروع الثقافي في تونس بخاصية قل توفرها وتتمثل في أن الدولة لا تصنع الثقافة بل عهدت بها إلى المبدعين كل في اختصاصه ومجال نشاطه. كما تنفرد تونس بأنها البلد الوحيد في المنطقة وربما في العالم التي ترعى المبدعين وتمول أنشطتهم وتدعم إنتاجهم وترافقهم في توزيعه في الداخل والخارج. وتسند الدولة سنويا مئات ملايين الدينارات لتمويل وتسويق المشاريع الثقافية في مجالات السينما والمسرح والموسيقى والعروض الثقافية. فالدولة وحدها تمول صناعة ثقافية وطنية وان كانت تشرك المبدعين في شتى أشكال الإبداع في رسم التصورات والأفكار دون التدخل في مضمون إنتاجهم مجسمة حرية الإبداع وإلغاء كل أنواع الرقابة المسبقة أو اللاحقة وهو ما يعني أن الثقافة في تونس فعل ديمقراطي حر يتمتع فيه المبدع ليس فقط بالحرية والأمان والدعم بل وأيضا بإمكانية الحصول على عطلة خالصة الأجر من عمله لمدة عام كامل للتفرغ للإبداع بعنوان رخصة مبدع. ولا شك أن الخماسية المقبلة ستكون حبلى وواعدة بالانجازات الثقافية وفي طليعتها مدينة الثقافة التي ستكون محركا للمشهد الثقافي ليس فقط في العاصمة بل في كامل أنحاء البلاد وستتيح تخصيص سنوات للموسيقى والسينما والكتاب والفنون التشكيلية الفرصة للمبدعين لرسم خارطة طريق تطور الإنتاج الثقافي وتوسع تسويقه في الخارج. ولأن الثقافة سند التغيير وتمثل ركنا أساسيا في المشروع المجتمعي لتونس الغد فإن كل المبدعين مطالبون وبعد أن توفر لهم مناخ العمل وأرضية الإبداع بتجويد منتوجهم والارتقاء بمضامين فكرهم لخدمة مصالح البلاد وإنشاء صناعة ثقافية في مستوى التحديات والرهانات المطروحة.