كانت تونس دائما، وستظل دوما، منارة ثقافية، هكذا أراد لها الرئيس بن علي وضمّنه في مشروعه المجتمعي التقدّمي وعمّقه في البرنامج الرئاسي لرفع التحديات. الاهتمام بالثقافة والابداع في تونس خيار قديم قامت عليه دولة الاستقلال، وربما قبله مع حركة روّاد الاصلاح قبل قرون مضت، وهو خيار ثابت ويتطوّر بتدرّج مدروس بالتوازي مع تطوّر خيار الاستثمار في المعرفة وتكوين العقول. وترفد تونس هذا الخيار بتخصيص استثمارات مهمّة من دخلها ومن جهد ابنائها لا تقل عن 1.5٪ من ميزانية الدولة، وهو مبلغ لا ينفق مثله الا في بلدان قليلة جدا في محيطنا وبين الاقطار التي تقاربنا من حيث الموارد المالية والطبيعية. نصف هذا المبلغ سيتم تخصيصه للتنمية الثقافية أو بلغة أوضح لدعم الابداع ودفع الانتاج الثقافي في كامل البلاد وفي كل صنوف الابداع والفنون. وقد تتفرّد تونس بخاصية لا تتوفّر الا في بلدان قليلة في العالم، إذ أنها وان وفرت حريّة ومناخ الابداع فإنها تعهّدت بتمويل وصناعة الابداع الثقافي في كل المجالات من خلال تخصيص ميزانيات سنوية لدعم الانتاج المسرحي والسينمائي والموسيقي والأدبي... وضمان تسويقها وترويجها في الداخل والخارج. ولا تكتفي الدولة بدعم الانتاج بل انها تدعم أيضا المنتج أو المبدع من خلال تمتيعه بعطلة خالصة الأجر ليتفرّغ لسنة أو سنتين لانتاج ثقافي أو ابداعي، وتمكّن الذين لا تتوفر لهم التغطية الاجتماعية أو منح التقاعد من جرايات عمرية دائمة تقيهم غوائل الدهر وتضمن لهم الحياة الكريمة. وتحرص الدولة على استشارة مثقفيها ومبدعيها وتشريكهم في اتخاذ القرارات والمشاريع الثقافية... وإذا كان المثقفون والمبدعون راكموا خلال العشريتين الاخيرتين عديد المكاسب وتحققت لهم عديد الامتيازات فإن السنوات الخمس القادمة ستكون حبلى بالانجازات ولعلّ ابرزها انطلاق نشاط مدينة الثقافة كفضاء جامع لأبرز الفنون وأصناف الابداع. وستكون الخماسية القادمة خماسية الثقافة بامتياز إذ ستشهد وضع برنامج سنوي لكل فن ووضع استراتيجية للنهوض بالصناعة السينمائية تقطع مع ضآلة الانتاج ومع غياب التمويلات الضرورية التي تدفع بالمنتجين والمخرجين الى البحث عنها في الخارج مع ما يكتنف ذلك ويصاحبه من الخضوع الى بعض الاملاءات او التوجهات التي تتقاطع أحيانا مع قيمنا وقناعاتنا. الخماسية القادمة ستزف البشرى وتبث طمأنينة في صفوف المبدعين من خلال تحيين قانون الملكية الفكرية والأدبية ليتماشى مع المقاييس الدولية وهو ما سيحمي منتوجاتهم وأفكارهم ويضع حدا لأعمال النهب والاتجار وبأعمال الآخرين أحياء وأمواتا. ووعد البرنامج، ووعود الرئيس دائما تتحوّل الى افعال، بمواصلة الاحاطة بالمثقفين والمبدعين وبتشجيع الثقافي وتعزيز مكانة المبدع وبتأهيل دور ومركبات الثقافة وتعميمها على كامل انحاء البلاد، ونفس الشيء لشبكة المكتبات العمومية مع تعميم ربطها بالانترنات ذات التدفق العالي. إن تونس مقبلة على طور جديد من الصناعة والتنمية الثقافية يتمتع به كل التونسيين بنشاط ثقافي متعدد الألوان على مدار العام وتتحقق فيه للانتاج الوطني نقلة نوعية تجعله مطلوبا في الداخل والخارج.