منذ أن تطأ قدماك ذلك المكان الهادئ الذي حفر على جدران ذاكرته أجيال من طالبي العلم الذين ركضوا وراء تحقيق أحلامهم بالنجاح والتميز خلال فترة دراستهم بهذا الفضاء الجامعي. بدا المكان حزينا يكاد يئنّ من الصمت ومن نقص الطلبة وفراغ قاعات الدرس، فبعد مرور أكثر من ثلاثة أسابيع على العودة الجامعية لأغلب الكليّات والجامعات فإن الإقبال على مقاعد الدراسة يبدو متراجعا ومنقوصا «الشروق» تجولت في أرجاء المركب الجامعي بمنوبة ورصدت أسباب نقص وتراجع عدد الطلبة. نقلة كانت تقف أمام إدارة المعهد تلوّح للعون الاداري وتلحّ على أخذ ورقة كتب عليها عنوان كبير «مطلب نقلة»، قالت الطالبة «أسماء» باحتجاج: «منذ أسبوع وأنا أحاول الانتقال من فريقي الى فريق آخر وذلك لأسباب شخصية وأكيدة إلا أنّ محاولاتي الانتقال باءت بالفشل نظرا الى تعلة منع أي نقلة كانت وأخيرا فقد ظفرت اليوم بقبول مبدئي للانتقال على أمل الامضاء الرسمي على المطلب ومرورا بهذه الإجراءات وخلال هذه الفترة فإني لم ألتحق بالدراسة ولن ألتحق إلاّ عندما تتضح مسألة النقلة وأجد اسمي مرسّما بقائمة من القائمات». شأنها شأن زميلتها «أسماء» فقد بدت ملامح الغضب والحيرة جلية على الطالبة «نهلة» التي عبّرت عن عدم رضاها وقبولها بالاختصاص التي تحصّلت عليه «لم أطلب هذا الاختصاص وإنّي متأكدة من أن أعدادي ومعدّلاتي تؤهلني الى الظفر باختصاص أحسن من هذا ولا شيء يجبرني على دراسة مجال لا أميل إليه فربّما لن أنجح فيه لذلك أنا أحاول باستمرار الانتقال الى أي اختصاص آخر خاصة أنّ مشكل التخصص في السنة الرابعة أصبح يقلقني فقد أجلت عديد الأمور كالبحث عن موضوع لرسالة ختم الدروس الجامعية وها هو الوقت يضيع في حكاية التخصص التي تشغل أغلب الطلبة كل عام منذ بداية السنة الجامعية». مرض بالانتقال من فصل الصيف الى فصل الخريف يكون العديد من الطلبة معرضين لنزلة برد وهذا المرض يعتبر من الأسباب المباشرة التي جعلت بعض الطلبة يُؤجلون عودتهم الجامعية والقيام بإجراءات الترسيم والالتحاق بالدراسة الى حين تماثلهم للشفاء وذلك خوفا من العدوى العادية ك«Grippe» وهو ما حصل مع الطالبة بالسنة الرابعة صحافة «هيفاء» التي تعرضت الى نزلة برد عادية قبل يومين من العودة الجامعية وهو السبب الذي جعلها تتخلّف عن دراستها وتؤجل عودتها الجامعية الى أن تتعافى تحسبا لأي مضاعفات، قالت «هيفا»: لم أستطع الخروج من المنزل خلال الأيام الماضية فمرحلة الشفاء من نزلة البرد تتطلب راحة وتناول الأدوية لذلك فضّلت البقاء في المنزل». البحث عن سكن علاوة على الانتقال من اختصاص الى اختصاص أو من فريق الى آخر وما يتطلب ذلك من اجراءات ووقت يبقى موضوع السكن هاجسا ومشكلا لبعض الطلبة الذين لا يملكون سكنا جامعيا وحتى بعد العودة الجامعية لم يحققوا ذلك الاستقرار السكني فهم إمّا في انتظار الحصول على قبول طلب التمتع بسكن جامعي وإمّا في بحث متواصل عن سكن أو مبيت خاص، وفي هذا الصدد صرّح طالب الانقليزية: «لقد تعطلت عودتي الجامعية بسبب السكن فلست مستقرا وحتى أغراضي وحاجياتي لم أجلبها معي من المنزل فقد أصبح العثور على سكن بمواصفات معقولة ومتوسطة بالنسبة الى طالب مثلي مهمة صعبة خاصة في خضم العدد الكبير والمتزايد للطلبة والطالبات فنادرا ما أجد طلبي لمنزل يكون قريبا نوعا ما من الكلية التي أدرس فيها اضافة الى السعر المقبول وتوفر أغلب الضروريات خاصة لطلبة متغربين عن أهلهم وبعيدين عن مسقط رأسهم وعائلاتهم وعلى الرغم منه بحثي الدائم، منذ أشهر الصيف الاولى على سكن مقبول فإن السنة الجامعية قد بدأت منذ فترة ولم أظفر بالمنزل المنشود لذلك تأجل التركيز على متابعة الدروس ليتحول تركيزي في الوقت الحالي على العثور على منزل وتحقيق الاستقرار». تأخر الدروس غير بعيد، اجتمع مجموعة من الطلبة الذين تعالت ضحكاتهم وأصواتهم وعن موضوع العودة الجامعية وأسباب تغيب العديد من الطلبة عن مقاعد الدراسة رغم مرور أكثر من ثلاثة أسابيع على العودة الجامعية قال «معتز» لا يوجد العديد من الطلبة لأن نسق الدراسة لم يبدأ في الارتفاع بعد اذ يعلم أغلب الطلبة أنه خلال الأسبوعين الأولين من العودة الجامعية لا توجد دراسة في أغلب الأحيان فالإدارة تكون منهمكة في تنظيم جداول الأوقات وترسيم الطلبة وعمليات الانتقال من فريق الى آخر وبعض الأساتذة يظلون في انتظار قدوم الطلبة الذين نادرا ما يحضر طالب أو اثنان في الحصتين الأولى والثانية من الدرس فعقلية الطالب أصبحت متجهة لا إراديا الى الجزم بعدم وجود دراسة جادة وفعلية منذ الأسبوعين الأولين لذلك ينشغل البعض بترتيب أمورهم بكل أريحية وتكون العودة في ما بعد رغم احتساب عدد الغيابات منذ أول يوم في الدراسة وذلك حسب إعلام المعاهد والكليات». وفي ذات السياق دعّمت «منية» كلام زميلها مضيفة أن غياب بعض الطلبة مبرّر بانشغال البعض في العمل فالعديد من أصدقائها وضعوا برنامجا صيفيا للعمل وشهر سبتمبر هو آخر شهر من المفترض لذلك ومن المنتظر أن تكون العودة الجامعية لهؤلاء الطلبة خلال هذه الأيام الأولى من شهر أكتوبر.