تونس - الصباح افتتحت السنة الجامعية هذا العام بشكل غير معهود وفي وقت عد جدّ مبكرا حيث فتحت جل الكليات والمعاهد العليا والجامعات أبوابها أمام الطلبة منذ 12 سبتمبر الجاري بعد أن أتمّوا إجراءات الترسيم عن بعد... فلأول مرة تقريبا في تاريخ الجامعة التونسية يكون انطلاق الدروس قبل العودة المدرسية ولأول مرة تقريبا يتمّ تسجيل مثل هذه العودة المبكرة التي كانت في السنة الماضية يوم 15 سبتمبر وكانت قبل ذلك في أوائل أكتوبر. هذا العام، تقريبا كل المؤسسات الجامعية من كليات وخاصة معاهد عليا انطلقت في سنتها الجامعية يوم 12 سبتمبر وحتى قبل ذلك بالنسبة للمعاهد التكنولوجية.. وهذه العودة التي تزامنت مع شهر رمضان لم تكن بالعودة الطبيعية حيث - وباستثناء يوم الافتتاح الذي استكمل فيه الطلبة إجراءات الترسيم - كانت أقسام ومدرجات وساحات أغلب المؤسسات الجامعية فارغة دون حركية تذكر أمام غياب الطلبة وكذلك غياب الاساتذة الذين واصل بعضهم عطلته ولعدة أسباب أما مزيدا للراحة أو التواجد في تربصات خارجية أو للتأكد من غياب الطلبة وعدم عودتهم للمدارج والقاعات على الاقل خلال الاسبوع الاول من العودة وربما تطول هذه العودة هذا العام بسبب رمضان والدفء العائلي في رمضان... فالأجواء داخل المؤسسات الجامعية والأحياء المحيطة بها والشوارع المؤدية لها تذكر بأيام الصيف الحارة والعطلة... فلا طلبة ولا حافلات خاصة بالطلبة ولا حركة أمام الكليات (ممن لهم علاقة وممن ليس لهم علاقة بالكلية)... ولا محلات النسخ مفتوحة. المأوى والمطعم زيادة عن ذلك وبعيدا عن الكليات فإن المبيتات الجامعية ظلت طيلة هذا الاسبوع شبه شاغرة فالبعض تمكن من التسجيل والحصول على غرفة في المبيت أقفلها وعاد إلى مسقط رأسه في انتظار العودة الفعلية للدراسة والبعض الآخر فضّل البقاء لدى أحد الاقارب خاصة أن أغلب المطاعم الجامعية لم تفتح أبوابها بعد وهو ما شجع عدد من الطلبة على العودة إلى مدنهم وعائلاتهم لتجنّب الانفاق في الاكل داخل المطاعم الشعبية وغيرها. وإذا كان البعض محظوظا بالحصول على المبيت فإن عدد من الطلبة والطالبات هجروا كلياتهم وآثروا المرابطة في ممرات دوواين الخدمات الجامعية على أمل الحصول على إقامة داخل احدى غرف أحد المبيتات فدواوين الخدمات الجامعية تشهد هذه الأيام حركية كبرى وتواجد كبير للطلبة الذين رفضت مطالب إقامتهم في المبيت والذين استوفوا حق الإقامة.. هذا إلى جانب مشاكل المنحة والقرض وغير ذلك... هذا الوضع العادي والمعهود زاد في هجر مقاعد الدراسة.. فالأولوية بالنسبة للطالب هو الاستقرار المادي والمعنوي... وهذا الاستقرار لا يتم إلا بالتأكد من حصوله على المبيت وعلى المنحة - اذ كان ذلك من حقه طبعا وفق التراتيب والمقاييس المعمول بها - ومن المستبعد أن يذهب الطالب إلى كليته للدراسة وهو غير مستقر... ويبدو أن عديد الملفات مازالت على مكاتب مسؤولي دواوين الخدمات الجامعية الذين فاجأت بعض موظفيهم العودة الجامعية المبكرة خاصة أن أغلبهم كانوا في العطلة الصيفية... المبيتات الخاصة والمحلات المسوّغة نفس الشيء بالنسبة للمبيتات الخاصة، فأغلبها لم يجهز بعد... كما أن بعض أسعار هذه المبيتات عدت مرتفعة.. لذلك ترى الطلبة هذه الأيام يطوفون من مبيت إلى آخر في محاولة لتحقيق المعادلة الصعبة بين القرب من مؤسسة الدراسة والسعر المعقول والتجهيزات والخدمات المتوفرة في المبيت الخاص... أما المنازل والشقق المعدّة للتسويغ فهي تبقى بدورها أحد الحلول أمام الطلبة.. لكن البعض لا يراعي الحالة المادية لهؤلاء الطلبة ويحاول استغلالهم أقصى ما يمكن بالترفيع في ثمن معينات الكراء واشتراط أشهر مسبقة... والبعض الآخر يعمد إلى تقسيم منزله إلى غرف في شكل «ستوديوهات» صغيرة ويخصصها للطلبة... ونفس الشيء يبقى الطالب في حالة بحث عن معادلة القرب من المؤسسة الجامعية وسعر التسويغ ويظل في حالة بحث قد يطول على حساب الدروس والعودة إلى مدارج الجامعة.