سوسة: لدغة "وشواشة" تتسبّب في إيواء شاب بقسم الكلى بمستشفى سهلول    عاجل/ رئيس الجمهورية يفجرها ويكشف فساد بعض المسؤولين واضرارهم بالشعب التونسي..    موسم الأمطار قرب! شوفوا وزارة الفلاحة شنو حضّرت باش تحمي البلاد    عندك ورثة بش تقسموها : شنوّة الحكاية وشنوّة المعاليم اللازمة ؟    بعد اعتصام أستاذة حامل بمندوبية التربية: تسوية الإشكال ونقابة التعليم الثانوي تدعو للتحقيق    عاجل/ تدهور الحالة الصحية لهذا القيادي بحركة النهضة داخل السجن…    صابة التين الهندي تنهار أكثر من 40%.. شوف السبب...وهذه المنطقة تطلق نداء عاجل    البنك التونسي للتّضامن: نحو إعادة جدولة ديون الفلاحين الذّين يمرون ببعض الصّعوبات الظّرفيّة    عاجل: فرنسا تغلي.. 94 إيقافاً في أولى ساعات الإضراب...شفما؟    شهداء وجرحى بينهم أطفال في قصف الاحتلال عدة مناطق في قطاع غزة..# خبر_عاجل    أمريكا تستخدم حقّ النّقض لإسقاط مشروع قرار في مجلس الأمن يُطالب بوقف إطلاق النّار في غ..زة    الرابطة الأولى: تعيينات حكام مباريات الجولة السابعة    عاجل: قرار صادم من الفيفا يهدد''البافانا بافانا''.. من المستفيد؟    تاجيل تصفيات شمال افريقيا المؤهلة الى كأس الأمم الإفريقية تحت 17 عاما الى شهر مارس القادم مع منح المنطقة مقعد اضافي    بطولة العالم للكرة الطائرة رجال الفلبين: تونس تواجه منتخب التشيك في هذا الموعد    الملعب التونسي يتعاقد مع المهاجم السنغالي بوبكر جونيور كامارا    كيف سيكون طقس الجمعة 19 سبتمبر؟    هذه الشركة تفتح مناظرة هامة لانتداب 60 عونا..#خبر_عاجل    محرز الغنوشي يزّف بشرى للتوانسة: ''بعض الامطار المتفرقة من حين لاخر بهذه المناطق''    النفيضة: إصابات في حادث اصطدام بين عدد من السيارات    جريمة مروعة/ رجل يقتل أطفاله الثلاثة ويطعن زوجته..ثم ينتحر..!    طقس اليوم : سحب عابرة وحرارة بين 29 و 35 درجة    في أحدث ظهور له: هكذا بدا الزعيم عادل إمام    تصدرت محركات البحث : من هي المخرجة العربية المعروفة التي ستحتفل بزفافها في السبعين؟    عاجل : شيرين عبد الوهاب تواجه أزمة جديدة    المعهد الوطني للتراث يصدر العدد 28 من المجلة العلمية "افريقية"    افتتاح شهر السينما الوثائقية بالعرض ما قبل الأول لفيلم "خرافة / تصويرة"    شيرين عبد الوهاب أمام القضاء من جديد على خلفية هذه التّهمة    نتنياهو يتهم بن غفير بتسريب تفاصيل من اجتماعات الحكومة    الحماية المدنية.. إخماد 75 حريقا خلال ال24 ساعة الماضية    كيم يشرف على اختبار أداء مسيرات هجومية تكتيكية    الحوثيون يعلنون تنفيذ 3 عمليات عسكرية في إسرائيل    مصالح المراقبة الإقتصادية بأريانة تحجز خمسة أطنان من مشتقات الحبوب لدى مخبزة مصنفة    الكرة الطائرة ..المنتخب في الدور ثمن النهائي لبطولة العالم    تأكيد على خدمة المحاماة .. عميد المحامين الجديد بوبكر بالثابت يتسلّم مهامه    الهنشيري: قرابة 30 سفينة راسية قبالة ميناء سيسيليا في انتظار تحسن الأحوال الجوية    وخالق الناس بخلق حسن    خطبة الجمعة .. أخطار النميمة    التسامح أساس من أسس التعايش بين الناس    عاجل/ مقتل 4 جنود خلال معارك في رفح جنوبي غزّة    المهرجان الجهوي للمسرح بدور الثقافة ودور الشباب ببن عروس من 27 سبتمبر الى 5 أكتوبر 2025    الرابطة المحترفة الأولى: فوز مستقبل المرسى على مستقبل سليمان    صادرات القطاع الصناعي ترتفع ب1,9% خلال النصف الأوّل من 2025    هذا هو موعد انتهاء أشغال المدخل الجنوبي للعاصمة    حجز مواد غذائية غير صالحة للاستهلاك قرب إحدى المؤسسات التربوية..    قصر النظر عند الأطفال: الدكتور فهمي نافع يحذر ويقدم نصائح مع العودة المدرسية    عاجل : وزير النقل يضع مهلة ب15يوما لضبط روزنامة برامج عمل    اجتماع بمعهد باستور حول تعزيز جودة وموثوقية مختبرات التشخيص البيولوجي    آلام المفاصل عند الأطفال مع العودة المدرسية: أسباب وطرق الوقاية    عاجل/ تقلبات جوية وأمطار بداية من هذا التاريخ..    الملعب التونسي يفسخ عقد هذا اللاعب..#خبر_عاجل    الموت يغيب هذه الإعلامية..#خبر_عاجل    في بالك الى فما مكوّن سرّي في زيت الحوت... شنوة يعمل في جسمك؟    بلعيد يؤكد خلال الدورة 69 للمؤتمر العام للوكالة الدولية للطاقة الذريّة حرص تونس على مواصلة التعاون مع الوكالة    يا توانسة: آخر أيام الصيف قُربت.. تعرف على الموعد بالضبط!    اللجنة الوطنية للحج والعمرة تعقد اجتماعا للاستعداد لموسم الحجّ 1447 هجري    القمة العالمية للبيوتكنولوجيا: وزير الصحة يعلن بسيول إطلاق مركز وطني للتدريب البيوطبي لتعزيز قدرات إفريقيا في إنتاج الأدوية واللقاحات    سورة تُقرأ بعد صلاة الفجر لها ثواب قراءة القرآن كله 10 مرات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الهمس الصاخب: من يعرف مترجم رائعة أم كلثوم «حديث الروح»؟
نشر في الشروق يوم 25 - 10 - 2009


E-Mail : [email protected]
لا يكاد يوجد شخص لم يسمع رائعة أم كلثوم «حديث الروح» التي ينسبها الجميع إليها وربما عرفوا ملحنها رياض السنباطي وكاتبها بلغتها الأصلية محمد إقبال، غافلين عن مترجمها إلى العربية وكاتب كلماتها التي تتغنى بها كوكب الشرق، والقليل منهم يعلمون أن إقبال، فيلسوف مسلم يكتب الشعر بلغته الأردية ويكتب الأبحاث العلمية باللغة الإنقليزية، إن ما نسمعه من أم كلثوم حينما تتغنى بهذه القصيدة هو كلام مترجم صاغه تلك الصياغة العربية الجميلة، شاعر مغمور لا يكاد يعرفه قليل من المثقفين، فمَن هو صاحب ذلك الكلام الرائع؟
حديثُ الروح للأرواح يَسْري
وتدركه القلوب بلا عَناءِ
هتفتُ به فطار بلا جناحٍ
وشقّ أنينُه صدرَ الفضاءِ
ومعدِنُه تُرابيٌّ، ولكنْ
جرتْ في لفظه لغة السماءِ
لقد فاضت دموع العشق مِني
حديثا كان عُلْوِيَّ النداءِ
فحلّق في رُبَى الأفلاك حتى
أهاج العالَمَ الأعلى بكائي
تُرَى كم من المثقفين سمعوا باسم مترجم هذا الكلام من الأردية إلى العربية، إنه الشاعر الصاوي علي شعلان، والذي لا نعرف من أعماله الشعرية إلا الشيء القليل، إذ لم يترجم له أصحاب معاجم الأعلام، فهذا خير الدين الزركلي صاحب الأعلام لم يعرف به، وقد كتب عنه محمد خير رمضان يوسف كلمة موجزة في كتابه «تتمّة الأعلام» الذي تدارك به ما فات صاحب الكتاب الأول، ولا نجد عنه سوى أربعة أسطر نقلها كامل سلمان الجبوري عن الكتاب الثاني في كتابه «معجم الشعراء من العصر الجاهلي حتى سنة 2002» لا وجود فيها لتاريخ ميلاد هذا الشاعر، أما وفاته فقد ذكر أنها كانت في 12 أكتوبر 1982.
أغنية «حديث الروح»، نقل معانيها إلى العربية نثرا محمد حسن الأعظمي من علماء الأزهر والجامعة الأعظمية بالهند وعميد كلية اللغة العربية بكراتشي ومؤسسها، وهو أستاذ سابق بجامعة القاهرة ولاهور بالهند، نقرأها في الترجمة النثرية التي ترجمها الأعظمي عن اللغة الأردية الأصلية ترجمة نثرية حرفية خالية من الموسيقى الشعرية هكذا:
كل كلام يصدر عن القلب يترك أثره في القلوب،
والأفكار الصادقة لا أجنحة لها ولكنها تسبق الطيور.
وكل قدسيِّ المنبع فهو أبدا يتّجه إلى العَلاءِ،
ومِن عجبٍ أنه نَجَمَ من الترابُ،
ومتى صعد كان أولَ منازله السحابُ.»
إن الترجمة الشعرية الموفقة لأصل هذا المعنى أشعرتنا بأننا نقرأ شعرا عربيا لم ينقل عن لغة أخرى لخلوه من التكلف أو الالتزام بأساليب اللغات الأخرى، وبذلك أحسسنا كأن المترجم فنّّدَ ما ذهب إليه الجاحظ في مقدمة كتاب الحيوان حين قال: (والشعر لا يستطاع أن يترجم، ولا يجوز عليه النقل، ومتى حُوِّل تقطع نظمه، وبطل وزنه، وذهب حسنه، وسقط موضع التعجب منه، وصار كالكلام المنثور. والكلام المنثور المبتَدَأ على ذلك أحسن وأوقع من المنثور الذي حُوِّل عن موزون الشعر.)
فقد استطاع هذا الشاعر أن يحافظ على المعاني بقدر المستطاع، وصاغها نظما بحيث لم يبطل وزنها ولم يُذهب حسنها، ولم يُسقط موضع التعجب منها، ولم يجعلها كالكلام المنثور المبتَدإ على النثر، فقرأنا ذلك النص شعرا كأنه قد كُتب باللغة العربية الفصحى مباشرة، ولاشك أنه ضحى في سبيل ذلك ببعض مميزات النص الأصلي وحرفيته.
ونلاحظ أن الأبيات التي غنتها أم كلثوم من هذا الشعر مأخوذة من قصيدتين طويلتين لإقبال الأولى بعنوان «شكوى»، وهي على شكل خماسيات وكلها معربة على البحر الكامل مع تغيير القوافي والروي، وسأكتفي بذكر البيت الأول من كل مقطع منها:
1) شكواي أم نجواي في هذا الدجَى ونجوم ليلي حُسَّدي أم عُوَّدي؟...
2) قيثارتي ملئتْ بأنات الجوى
لا بد للمكبوت من فيضان ِ...
3) مَن قام باسم ذاتك قبلنا مَن كان يدعو الواحد القهّارَا؟
وأما القصيدة الثانية فهي بعنوان «جواب شكوى» وقد وضعها المترجم في خماسيات على البحر الوافر أولها:
حديثُ الروح للأرواح يَسْري
وتدركه القلوب بلا عَناءِ
والملاحظ أنه قد وقع تغيير لفظة كلام فأصبحت «حديث»، ولعل ذلك من تدخلات أم كلثوم التي يُقال إنها كانت تغير كثيرا من كلمات الشعراء عندما يعرض عليها نص فصيح أو عامي قبل تلحينه في غالب الأحيان، لأنها تراها أوقع في النفس وأكثر استجابة للتلحين، والملاحظ أن كلمتي: (حديث وكلام) متقاربتان في المعنى ويمكن أن تأخذ هذه مكان تلك. كما أن الملحن قد قدم «جواب الشكوى» على «الشكوى» لأسباب لعل اللحن فرضها. وهذا هو المقطع الثاني منها كاملا في صورته الموزونة المقفاة:
تَحاورتِ النجوم وقُلْن: صوت
بقرب العرش موصولُ الدعاءِ...
وجاوبَتِ المجرَّةُ: عَلَّ طيفًا
سرى بين الكواكب في خَفاءِ
وقال البدرُ: هذا قلبُ شاكٍ يُواصِلُ شدوهُ عند المساءِ
ولم يَعرفْ سوى رَضْوانَ صوتي
وما أحراه عندي بالوفاءِ
أ لمْ أكُ قبْلُ في جنّات عدْنٍ فأخرجني إلى حينٍ قضائي؟
فهل نحبذ الترجمة النثرية الأمينة للشعر، رغم خلوّها من التوقيع والموسيقى، أم الترجمة الشعرية التي تعتبر إبداعا على الإبداع لِمَا يتوفر فيها من وزن وإيقاع، أم نطالب بالجمع بينهما كما فعل الأعظمي وشعلان في كتاب «الأعلام الخمسة للشعر الإسلامي» الذي منه هذه المختارات مما ترجم من شعر إقبال؟
وأخشى ما أخشاه، في هذه الحالة، أن يعمد قراء تلك القصائد إلى مقارنتها بالترجمة النثرية مقارنة حرفية فيفقدوا حلاوة النص الشعري، أما الذين يعرفون اللغة الأردية فإن مقارنتهم للترجمة الشعرية بالأصل ستُدخلهم في متاهة يتعذر عليهم الخروج منها. فلنقرأ كل عمل أدبي على أنه خلق أدبي جديد حتى نظفر فيه بالمتعة الشعرية الرائقة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.