حوار وإعداد: فاطمة بن عبد ا& الكرّاي في الحلقة الماضية، توقف «سي أحمد بن صالح» عند الملف الأول الذي واجهه واتخذ فيه قرارات، وأعني ملف المرأة الريفية. فبوصفه وزيرا للصحة وبعد أشهر ألحقت له بوزارته هذه وزارة الشؤون الاجتماعية، كشف «سي أحمد» كيف كان مستوى التعاون والتنسيق بين وزارة الصحة ومنظمة من المنظمات الوطنية المختصّة في مجال المرأة وأقصد الاتحاد النسائي. وقع الاختيار على عدد من الكفاءات النسائية، تبيّن يقول أ. بن صالح أنهن كنّ من قيادات اتحاد المرأة، حتى يتصلن بالمرأة الريفية ويعلّمنها بل ويحسّسنها بطريقة الوصول إلى جودة الحياة، فمن الرعاية الصحية إلى العناية بالنظافة مرورا بأساليب الوقاية حتى لا نصل إلى مرحلة المرض والعلاج. ولكن ذلك لم يكن سوى ملفّ، استذكره «سي أحمد»وقد بدا الموضوع آنيا.. سألت صاحب هذه المذكرات، وقد بدأ الحديث والتذكر بشأن مرحلة تأسيسية من حياة تونس: حكومة الجمهورية، أي ما بعد 25 جويلية 1957، وما هي كبرى الملفات التي طرحت، خاصة وأن «سي أحمد» أضحى مسؤولا في الحكومة المشار إليها، فقال: «إضافة إلى ملف الصحة الذي سنتناوله بالاضاءة والحديث، هناك ملف استراتيجي يهمّ التعليم.. وهنا أذكر أنه وفي عهد حكومة بورقيبة سنة 1956 (أي عهد الباي) كان الأمين الشابي وزيرا للتعليم، وكنت كاتبا عاما للاتحاد العام التونسي للشغل. وقد دعيت إلى اجتماع يرأسه بورقيبة حول التعليم.. طبعا، الموضوع يهمني، خاصة وأن مسيرتي النقابية انطلقت من التعليم.. وكان موضوع الاجتماع وقتها حول التعريب، تعريب التعليم.. وكان القرار الذي سبق الاجتماع، هو تعريب التعليم في مستوى العامين الأولين من التعليم الابتدائي. وكان إلى جانب الوزير الأمين الشابي، العابد مزالي وهو من كبار الموظفين في التربية والتعليم.. وهو أستاذ مبرّز في الصادقية، إلى جانب محمود المسعدي، وقد كان رئيس قسم التعليم الثانوي في وزارة التربية التي كان الشابي (الأمين) على رأسها. وكان إلى جانب هؤلاء ، الباهي الأدغم الذي حضر الاجتماع بوصفه أمينا عاما للحزب الحر الدستوري. خلال الاجتماع، كنت أنا والعابد مزالي ضدّ تعريب العامين الأولين من الابتدائي، وحجّتنا كيف يكون أمر العلوم في مستوى الابتدائي، أي ما بعد العامين المعنيين بالتعريب. فقد قلنا، أنا ومزالي (العابد) لا نعرّب عامين.. ولكن، ومع الأسف، استقرّ الرأي على أن يكون الأمر كما قرّروه قبل الاجتماع.. والنتيجة أنه ولما وصلت أنا إلى وزارة التعليم سنة 1968 / 1969، جاءني عدد من الأساتذة (الجامعيين) وقالوا لي كوزير، إن الطلبة لا يفهمونهم عندما يتكلمون الفرنسية.. وبعد أن سمعت هؤلاء الأساتذة، الذين يؤكدون أن الحاصل على الباكالوريا، لا يستطيع أن يفهم المواد بالفرنسية، اتخذنا قرارا صلب وزارة التربية بأن تعود الفرنسية لتدرّس من السنة أولى ابتدائي. من جهة أخرى، كانت ملفات التنمية حاضرة بقوة سواء في حكومة المفاوضات 55/56 أو في حكومة الاستقلال أو كذلك في حكومة الجمهورية، ففي حين كان لتونس هيئة اسمها هيئة التخطيط Comité du Plan عهد الاستعمار، فإنه وفي آخر 1955 بداية 1956، وقعت دعوتنا كقيادة في الاتحاد حول ذات الموضوع، وضمن هيئة التخطيط، وكان عندنا صلب الاتحاد برنامج الوسط والجنوب، كنّا نحضر كاتحاد في الجلسات ونشارك في خطة التنمية... ومن نتائج هذا العمل، أنه وبعد الاستقلال مباشرة كان أول معمل تشيده تونس (المستقلّة) هو معمل الورق (الحلفاء) بالقصرين، وقد قصصت ظروف إنشائه وما أمكن للنقابيين الأمريكان (التقدميين) فعله في هذا المستوى. كما أن معمل الرخام بسبيطلة كان أيضا من أول المعامل زمن الاستقلال (الأول) وهذا يهم الوسط، أمّا الجنوب فكان أن أممنا شركة فسفاط قفصة التي كان مكتبها الرئيسي siége Social في باريس، فحولناه إلى مدينة قفصة...