ليس من باب المجاز القول بأن ما حققه هذا الشاب هو انجاز يلامس الاعجاز، الى بلاد الشمس وأرض الامتياز سافر محمد الشاب التونسي المتحصل على الأستاذية في الدراسات المسرحية محمّلا بطموحات يفوق عددها جزر هذا الأرخبيل مدركا ان النجاح هناك اكثر صعوبة من تشعّب مجال وتضاريس المكان لكنه بالارادة والعزم ليس بعيدا عن الامكان. بعد حصوله على شهادة ختم دروس اللغة اليابانية بتونس واصل التعمق في اليابانية بتونس لغة ورسما مازجا بين تعلمها وتعلّم فنون القتال التقليدية أوكيناوا منبه ومعقل هذه الرياضة تحت إشراف أبطال عالم سابقين. هذا المزج لم يكن وليدا للصدفة بقدر ما هو ذكاء ودهاء من هذا الشاب الذي باكتسابه لسلاح اللغة وبممارسته لرياضة متأصلة في تراث هذا البلد يكون أكثر قدرة وجرأة في الغوص في أعماق هذا المجتمع وفي سبر أغواره وفهم خفاياه. ولعلّ جدية محمد وصبره اوصلاه بعد وقت قصيرا الى التألق في المجالين معا ليتحصل على الحزام الأسود في الكاراتيه والدرجة الثالثة في فنون القتال التقليدية متوّجا نشاطه الرياضي بانتزاع شهادة مدرب في فنون القتال سنة 2007 متخصصا في تدريب الأجانب الوافدين الى أوكيناوا باعتبارها المدينة الأم لهذه الرياضة. هذا التفوّق في ميدان الرياضة تبعته انجازات في مجال الخط واللغة فمن احرازه درجة أولى في فن الخط الياباني الى شهادة تدريس لهذا الفن علما وأنه يدرّس حاليا فن الخط الياباني (الكاليغرافي) ويدرّس أيضا اللغة اليابانية للأجانب بهذا البلد وذلك بجامعة Teikyo بالعاصمة طوكيو وتعدّ هذه الجامعة أكبر وأهم جامعات اليابان. ولعل أكثر ما يؤكد اتقانه لهذه اللغة وتمكّنه منها تفوقه الساحق في المناظرة الوطنية للغة اليابانية سنة 2005 والتي غطتها أغلب وسائل الاعلام السمعية والبصرية والمكتوبة ليتم اختيار محمد المرتدي آنذاك ل «جبّة وشاشية» كأفضل أجنبي متقن للغة اليابانية. امبراطور «السانشين» : موسيقي مبتكر وسوبرستار «السانشين» آلة موسيقية يابانية تقليدية تشبه في شكلها الربابة وبالتحديد آلة «البزق» العراقية سيما وأن عزفها يكون باستعمال الريشة ولكونها كذلك استفزّت محمد الذي بدأ بمداعبتها حتى تمكّن من ترويضها ليصبح عازفا متمرّسا ومن ثمّ موسيقيا مطوّرا بعد ان قرّر ادخال تغييرات على هذه الآلة في احد زياراته لتونس وذلك باستبدال جلد الثعبان الذي تصنع منه «السانشين» بجلد السمك خاصة وأنه اصيل جزيرة قرقنة معوّضا اوتارها بأوتار العود العربي. هذه النقلة النوعية في آلة تقليدية يابانية استرعت اهتمام وسائل الاعلام التي تناولت التحويرات الطارئة على الآلة وحاولت رصد التغييرات المستجدة في الأصوات والنغمات، ولأنه لا يقنع بالقليل في عالم المعرفة طور امكاناته الموسيقية بالحصول على شهادة الدراسات المعمقة في أصول علم الموسيقى. وبما ان هذا الشاب اختار من الشعارات شعار التحدي قرّر ان يزاوج العزف بالغناء وأي غناء؟ التراث الياباني الذي يتطلب مساحة صوت كبيرة وتدريبات Vocalise الى جانب حنجرة غير عادية وموهبة فذّة وهو ما قد لا يتوفّر في اليابانيين أنفسهم ليكتشفوا بعد سماع أدائه أنه أكثر يابانية منهم وأنه ليس بمغن بقدر ما هو مطرب يشنّف الأسماع ويدغدغ الروح! نعم صدقوا وتأكدوا ان محمد مطرب ياباني وسوبر ستار بعد ان تم تتويجه بالجائزة الاولى ليصبح نجما غنائيا مشهورا يتنقل بآلته من مهرجان الى آخر يحصد الجوائز والاعجاب وتلاحقه المعجبات ولا تسغربوا ان محمد حينما يغني وقد ظهر ذلك جليا في أقراص بعض الحفلات التي قام بها يتعالى صراخ الفتيات بل وبكاؤهن في أحيان كثيرة. ونظرا لإبداعه المذهل في موسيقى تقليدية يابانية وهو الأجنبي حديث العهد ببلاد الشمس أسند له لقب شرفي «سفير الأغنية اليابانية» وهو ما أكده لنا من خلال اتصال هاتفي السيد أونو السفير الياباني السابق بتونس.