سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
دول الاتحاد من أجل المتوسّط تبحث إستراتيجية مشتركة للحد من تأثير التغيرات المناخية على المياه: أسوأ السيناريوهات ستحدث لا محالة... ولا بدّ من اتخاذ التدابير العاجلة
الشروق القاهرة (مصر): من مراسلنا خالد الحداد: واصل أمس فريق خبراء متخصّص من دول الاتحاد من أجل المتوسّط مناقشاتهم من أجل وضع التصورات الممكنة لتفعيل إستراتيجية مشتركة للحد من تأثير التغيّرات المناخية على المياه والاستفادة من مصادر المياه المتعدّدة ، وهي الإستراتيجية الّتي ستُعرضُ على الاجتماع الوزاري المتوسّطي المقرّر لشهر أفريل سنة 2010 بلشبونة الاسبانيّة. وقامت وزارة الموارد المائيّة والري المصرية بعقد المؤتمر المشترك بين مصر وهولندا لدراسة أسس هذه الاستراتيجيّة ووضع الإطار العام لتنفيذها، وقد تمّ للغرض دعوة العديد من الخبراء العالميين وممثلي دول حوض البحر الأبيض المتوسّط خلال الفترة من 2 إلى 3 نوفمبر لتعميق النقاش بشأن مواضيع هامة تتصل اتصالا مباشرا بالحفاظ على مصادر المياه مثل الحوكمة الرشيدة وإدارة الطلب على المياه والتغيّرات المناخيّة وآثارها البيئيّة وكذلك الدعم المالي المطلوب لتمويل قطاع المياه في مختلف دول المنطقة. ويأتي هذا المؤتمر استكمالا لما تمّ من أنشطة تتعلّق بمبادرة الشراكة الأوروبيّة المتوسطيّة والمعروفة سابقا باسم مسار برشلونة والّتي أعيد انطلاقها في سنة 2008 تحت مسمّى «الاتحاد من أجل المتوسّط وذلك خلال مؤتمر قمّة باريس من أجل المتوسّط في جويلية 2008». أطراف مختلفة وهم مشترك هذا وقد حضر المؤتمر المتوسطي من أجل المياه عدد من الوزراء وسفراء دول حوض البحر الأبيض المتوسّط وممثلي الهيئات العالميّة الدولية الحكوميّة وغير الحكوميّة بالإضافة إلى أكثر من 200 مشارك من مصر ومختلف دول الحوض والدول الأوروبيّة، ويتشكّل المشاركون وينحدرون من أطياف متعدّدة منها البرلمانيّون وكذلك ممثلي الجمعيات المدنية ومنظمات مستخدمي المياه والإعلاميين. وعند افتتاحه المؤتمر أفاد الدكتور محمّد نصر علاّم وزير الموارد المائيّة والري في الحكومة المصريّة أهميّة المواضيع الّتي تمّ تناولها مع ضرورة الأخذ في الحسبان سهولة التطبيق عند وضع أيّ استراتيجيّة كما شاركت السيّدة Huizinga Heringa نائب وزير الموارد المائيّة بهولندا بكلمة افتتاحيّة. وشهد المؤتمر إشادة بالتجربة التونسيّة حيث تعرّض عدد هام من المتدخلين خلال الجلسات الرسميّة وورشات العمل إلى عيّنات من التجربة التونسيّة في عدّة مجالات تهمّ المياه واعتبر آخرون أنّ التجربة التونسيّة رائدة وتمكّن من تقديم عدد هام من الدروس ويُمكن اعتبارها نموذجا متميّزا يُمكن تطبيقه في بلدان أخرى مع الملاءمة والتكيّف مع خصوصيات وظروف كلّ جهة. كما نوّه المؤتمرون بآلية التشاور بخصوص المياه بين تونس والجزائر وليبيا والّتي تنظّم التصرّف في الحوض المائي المشترك واستغلال المائدات المائيّة الجوفيّة الصحراويّة دون نزاعات. وقد أبرز المؤتمر أنّ قطاع الموارد المائية يواجه العديد من التحديات مثل تفاقم التلوث والتنافس على توزيع المياه بين القطاعات المختلفة ورغم كل هذه التحديات وبرغم أنّ معظم البلدان في المنطقة قد بدأت الإصلاحات المؤسسية والإدارية في قطاع المياه في محاولة لتعزيز الإدارة المتكاملة للموارد المائية فإنّه لا يزال الكثير الذي يتعين القيام به وخاصة عبر التعاون والشراكة. فقد ازداد على مدى العقود القليلة الماضية الطلب على المياه العذبة بسبب النمو السكاني وتحسن مستويات المعيشة، وأبرزت بيانات صادرة عن المؤتمر أنّ هذه الزيادة لا تتناسب مع الموارد المائية المتاحة في الكثير من البلدان الأورومتوسطية ممّا أدّى إلى ازدياد أزمة نقص المياه وظهور العديد من التحديات مثل تدهور نوعية المياه بسبب التلوث الناجم عن النفايات والملوثات الصناعية والزراعية، وتزايد الفجوة بين العرض والطلب والارتفاع الكبير في تكاليف إنشاء وتشغيل شبكات المياه. تحديات حقيقية وآثار حاصلة لا محالة وأكّد متدخلون خلال المؤتمر أنّ هذه التحديات ساهمت في جعل إدارة موارد المياه أكثر تعقيداً وتتطلب مزيداً من الإستثمارات وكذلك تعزيز الترتيبات المؤسسية لمواكبة الطلب المتزايد على المياه وتيسير الإجراءات المشتركة بين مختلف القطاعات. هذا إلى جانب ما يستحوذ على نطاق واسع من اهتمامات الحكومات تجاه معضلة التغيرات المناخية باعتبارها المشكلة البيئية الرئيسية التي تواجه العالم ألا وهي التي تمثل تحديات كبيرة للدول والمنظمات والمؤسسات والمجتمعات المدنية والأفراد، وستكون البلدان النامية اشد الدول معاناة من الآثار الضارة من التغيرات المناخية ممّا سيجعل العبء ثقيلا على الأجيال المقبلة . إن الملاحظات المستخلصة من مؤتمر القاهرة حول المياه تؤكد أنه في ضوء ارتفاع معدلات الإنبعاثات الغازية فإن أسوأ السيناريوهات المتعلقة بالآثار المترتبة على التغير المناخي سوف تحدث لا محالة وستمسّ قطاع المياه بمختلف تفرّعاته ، كما أن المجتمعات ستكون عرضة بشكل كبير لخطر التغيرات المناخية وخاصة في الدول الفقيرة. وفي ضوء هذا فقد أقرّ المؤتمر ضرورة اتخاذ إجراءات فعالة وسريعة ومستدامة في إطار من التعاون الدولي والإقليمي يعد بمثابة خطوة هامة لتجنب آثار التغيرات المناخية على قطاع المياه وهو ما تهدف إليه الإستراتيجية المتوسطّية للمياه. الاتحاد من أجل المتوسّط يُذكر أنّ مبادرة الاتحاد من أجل المتوسّط حدّدت 6 مشاريع كأولويّة هي الحد من التلوّث في شواطئ البحر الأبيض المتوسّط وإنشاء الطرق البحرية والبرية ومبادرات الحماية المدنيّة ومكافحة الكوارث الطبيعيّة وكذلك الكوارث الناجمة عن التدخلات البشرية ووضع خطّة للاستفادة من الطاقة الشمسيّة والجامعة الأورومتوسطيّة بسلوفينيا. وخلال شهر ديسمبر 2008 بالأردن تمّ خلال مؤتمر وزاري هدف إلى إعداد استراتيجيّة طويلة المدى للمياه بمنطقة البحر الأبيض المتوسّط وتتضمّن هذه الإستراتيجية أربعة محاور هي: تفعيل برنامج حوكمة المياه للتوصل إلى إدارة متكاملة للموارد المائية والصرف الصحي وكذلك زيادة الوعي لدى جميع العاملين بهذه المجالات بالإضافة إلى بناء قدراتهم والتنسيق بينهم وبين أصحاب المصلحة من المواطنين متابعة تأثير التغيرات المناخية على إدارة الموارد المائية من خلال إتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة لإدارة الجفاف والفيضانات والتخفيف من أثارها. التمويل الأمثل لمشاريع القطاع المائي مع التركيز على آليات مبتكرة لهذا التمويل. إدارة الطلب على المياه واستخدام الموارد المائية الغير تقليدية. المدير العام للموارد المائية ل»الشروق»: التصرّف في المخاطر عوضا عن التصرّف في الأزمات مع تعميق رؤية الإنتاج الأكثر بمياه أقل الشروق القاهرة (مصر): في تصريح ل»الشروق» قال السيّد المكي حمزة المدير العام للموارد المائية بوزارة الفلاحة والموارد المائيّة إنّ تونس منخرطة في التوجّه الّذي تستهدفُهٌ الإستراتيجية المتوسطيّة المشتركة للحد من تأثير التغيّرات المناخية على المياه وأكّد أنّ هذه الإستراتيجية ستكون لها فوائد عديدة على كلّ المنطقة. وأضاف السيّد حمزة الاعتزاز بالتجربة التونسيّة الّتي لقيت الإشادة خلال هذا المؤتمر من قبل أكثر من مُشارك واعتبر أنّ تونس كانت سباقة إلى وضع العديد من الخطط والبرامج الاستراتيجيّة مثل الدراسات الّتي بحثت كيفية تأقلم القطاع الفلاحي التونسي مع التغيّرات المناخيّة والّتي مكّنت من وضع نماذج لما يُمكن أن يكون عليه الوضع في علاقة بارتفاع درجات الحرارة وكذلك كميات الأمطار وفترات الجفاف وما إلى ذلك من المسائل والقضايا. وقال المتحدّث إنّ الجهود بين الدول المتوسطيّة الآن تنصبّ نحو ما يجب اتخاذه من إجراءات وتدابير لمواجهة السنوات الجافة المرتقبة والسنوات الممطرة وكذلك التوقي من التأثيرات المناخيّة على القطاع المائي ومجمل القطاع الفلاحي خاصة وأنّ مياه البحر سترتفعُ وأنّ هناك مناطق سيغمُرُها الماء وأخرى وخاصة منها المسطحات المائية ستتملّح، وهذا ما يقتضي تعميق التشاور والحوار والتنسيق بين دول لها نفس الاشكاليات مثل محدودية الموارد المائية المعرّضة للاستغلال المفرط والتدهور. وأفاد السيّد حمزة أنّ أهداف الإستراتيجية المتوسطيّة المشتركة للحد من تأثير التغيّرات المناخية على المياه تتّجه إلى كيفية تدعيم وتطوير الحوكمة في القطاع المائي وتطوير المنظومة حول المعرفة بالمياه من حيث القياسات والمياه ونظام المعلومات العام، إضافة إلى ما يتعيّن على كلّ بلد أن يتّخذهُ من إجراءات للتقليص من تأثيرات التغيّر المناخي وإيجاد آليات للتأقلم معها. وأضاف المتحدّث أنّ هذه الاستراتيجيّة تحثّ على اللجوء إلى التصرّف في المخاطر عوضا عن التصرّف في الأزمات وذلك لإعطاء الجانب الوقائي درجة عالية من الفاعليّة والنجاعة وهو ما يتطلّب توافقات حول توفير الاعتمادات اللازمة والاقتصاد في الماء واستعمال المياه غير التقليديّة وتعميق رؤية الإنتاج الأكثر بمياه أقل.