استقبل رئيس الدولة أمس الأمين العام لحركة الديمقراطيين الاشتراكيين، وهو الاستقبال الّذي يتنزّل في إطار اهتمامات سيادته المتواصلة بشأن مختلف الأحزاب السياسيّة والإطلاع على ظروف عملها وقبول مقترحاتها وتصوراتها، إذ يأتي استقبال السيّد اسماعيل بولحية أيّاما قليلة بعد أن استقبل رئيس الدولة الأمينين العامين لحزب الخضر للتقدّم والحزب الاجتماعي التحرّري. ومنذ تغيير 7 نوفمبر 1987 تواجدت في المشهد السياسي الوطني صلة ترابط وثيقة بين مؤسّسة الرئاسة وسائر مكوّنات الحياة السياسيّة ومنها أساسا الأحزاب المعارضة. وكثيرا ما أكّدت هذه الأحزاب أنّها تجد في الرئيس أكبر داعم وأكبر سند لها حتّى تضمن المزيد من الفرص والإمكانيات الّتي بها تكون قادرة على مواصلة الاضطلاع بالمهام الموكلة لها في تمتين التجربة الديمقراطية التعدديّة في البلاد. ولم يعد غريبا على متابع للشأن السياسي التونسي مُلامسة الحرص المتزايد الذي يُوليه رئيس الدولة لتطوير المشهد السياسي ودعم تواجد الأحزاب المعارضة وسطه، وليس بعيدا عن الأنظار العزم والإصرار الذي أقرّه السيّد الرئيس من أجل مواصلة دفع التعددية والديمقراطية والتي جعلها من أولويات برنامجه للخماسية القادمة على درب خطى جديدة تستثمر المنجز وتستشرف آفاقا أرحب لتجربة تونسيّة تُلاقي من يوم إلى آخر التنويه والإشادة. إنّ التعدّدية ماثلة في ذهن الرئيس زين العابدين بن علي وهي بالنسبة له صمام أمان لمزيد تعزيز مكاسب البلاد وإذكاء روح الوفاق الوطني والتجانس بشأن أهمّ الملفات الوطنيّة والعمل المشترك كلّ من موقعه ودون إقصاء لخدمة الشأن العام والمحافظة على مصلحة الوطن والشعب. ولطالما أكّد الرئيس أنّ الحزب الحاكم والمعارضة هما طرفا العملية التعدّدية في البلاد وأقرّ سيادته الاجراءات والمبادرات وهو يعتزمُ إقرار المزيد منها خلال الفترة المقبلة حتّى تنتقل تلك العملية ممّا هي عليه الآن إلى مرحلة جديدة فيها المزيد من الثراء والتنوّع وفرص الحوار والجدل البنّاء والهادف لخدمة البلاد والانتقال بها إلى مسافة أخرى على درب التحديث واللحاق بمصاف الدول المتقّدمة. والتعدديّة في فكر الرئيس ليست منبعا للفوضى والتشتّت بل هي مدخل للتعبيرات والمقاربات المختلفة والمتباينة الّتي تدفعُ إلى الأمام ولا تؤخّر إلى الخلف، مدخل لتعميق الوعي بأهميّة الاختلاف والرأي والرأي الآخر بعيدا عن كلّ مظاهر المزايدات والتصادم وفي إطار من الوفاق الوطني ورعاية مبادئ الجمهورية وقيمها وصيانة مكتسبات البلاد وحفظ استقلاليّتها واستقلاليّة قرارها الداخلي. إنّ الوقائع تدعمُ تطوّرا للمشهد السياسي وتعميقا للنفس المعارض داخلهُ ومن المهمّ أن تتّجه كلّ الأحزاب، خاصة منها المعارضة، الآن إلى استثمار أنجع وأكثر فاعليّة لتلك الإرادة والتوجّهات الرئاسيّة الواضحة لدعم الحياة التعدّدية والديمقراطيّة في البلاد وتحقيق انتقال جديد يخدم الناس وصورة البلاد ويُحقّق الأهداف المرجوّة والمرسومة للفترة القادمة المليئة بالتحديات والرهانات.