مرّة أخرى تبرز الارادة الرئاسية عزما لتعزيز المسار التعددي ودفعه لكي يُعانق أفقا جديدا. إجراءات سياسية هامة تلك التي أعلن عنها رئيس الدولة في خطاب 7/11/2010، إجراءات أكّدت من جديد تطلّع السيد الرئيس إلى رؤية مشهد سياسي أكثر تعدّدا وأكثر ثراء وأكثر توحّدا في خدمة مصلحة البلاد. ملتقى الاحزاب الذي سيضمّ في تركيبته الاحزاب البرلمانية، أي الحزب الحاكم وأحزاب الشعبية والتحرري والوحدوي وح.د.ش والخضر للتقدّم والتجديد، سيكون لبنة اضافية إلى درب تكريس التعددية وتوسيع دائرة المشاركة السياسية، ذلك أنه من المؤكد أن تنوّع تركيبة الملتقى ودورية رئاسته من قبل أعضائه على قدر المساواة سيمنح الحياة السياسية والحزبية أبعادا جديدة ستقطع مع التصنيفات والتوصيفات التي درجت أوساط المتابعين للشأن السياسي والحزبي على وضعها في الكثير من الأحيان. حزب حاكم ومعارضة سيجلس ممثل الحزب الحاكم مع ممثلي سائر الأحزاب البرلمانية المعارضة وفي ذلك توجّه رئاسي رائد الى التقريب بين الضفتين وتجميع كل العائلات السياسية في فضاء واحد، كما يُوفّر الملتقى لكل أحزاب المعارضة الالتقاء على طاولة واحدة وهي التي عجزت ولسنوات طويلة عن انجاح مبادرات متعددة ومتتالية للتقارب وتطارح الملفات والقضايا المشتركة. جاءت الإرادة الرئاسية لتحقّق مساواة بين مختلف الاحزاب، ستنتفي مقولات الاحزاب الكبرى والأحزاب الصغرى والأحزاب ذات الشعبية الواسعة والأحزاب النخبوية ذات الامتداد الجماهيري المحدود. وستُلغى كل الفوارق وستجلس كل الاحزاب الى طاولة واحدة وسيكون الرهان حينها متّجها الى المضامين والمقاربات والقدرة على تقديم المقترحات والتوصيات والدفاع عنها لبلوغ رؤى ومنهجيات عمل جماعية تكون محل وفاق بين كل الاطياف السياسية والحزبية الوطنية. حكمة وتبصّر ومن المحسوم فيه أن الحصاد نصف السنوي لهذا الملتقى سيُرفع الى رئيس الدولة للاستئناس به ولاجراء المزيد من الاصلاحات والاجراءات مستقبلا. الإرادة الرئاسية بما لها من حكمة وتبصّر وما تملكه من استشراف عميق تنأى بهذه المبادرة الجديدة بالمشهد السياسي عن منطق الصراعات الهامشية والتجاذبات الجانبية لتدفعه دفعا نحو التقارب والتوحّد في فضاء حواري يجمع الكل ولا يُقصي أحدا ويضع المصلحة الوطنية فوق كل المصالح الحزبية الضيّقة. امكانات وفرص الى ذلك، أقرّ رئيس الدولة الترفيع في منحة الدولة لأحزاب المعارضة وصحافتها وذلك ايمانا من سيادته بأن العمل السياسي اليوم أصبح يقترب بل يجب أن يلامس الآليات والوسائل الحديثة والعصرية من تجهيزات ووسائط اعلامية وتكنولوجية وطرق اتصالية ذات فاعلية، كما أن هدف الاقتراب من المواطنين والحرص على تأطيرهم الايجابي وتحفيزهم للعمل الحزبي والسياسي يتطلّب امكانات مادية تفاعلا مع روح العصر الذي فرض منطقا جديدا في التواصل والاتصال والتبليغ والدفاع عن الرأي. كما أذن رئيس الدولة بمزيد فتح الفضاءات الحوارية في وسائل الاعلام الوطنية أمام مختلف الاحزاب السياسية بما من شأنه أن يوفّر هوامش للجميع للتعريف بأنشطتهم وتقديم برامجهم وتصوراتهم ومخاطبة الناس والسعي الى اقناع الرأي العام بطروحاتهم الفكرية والسياسية والايديولوجية. مسار تعددي جملة هذه القرارات تستهدف مزيد التمكين للمسار التعددي في البلاد، إذ هناك حزب حاكم وأحزاب معارضة على قدر المساواة في خدمة مصلحة البلاد. وهناك امكانات مادية للعمل الفاعل والناجع وهناك فرص للحضور الاعلامي للجميع. ومن المهم ونحن نقرأ هذه الاجراءات الجديدة أن نقول ان الارادة الرئاسية وبحكمتها تقدّم للأحزاب ما تطلبه وما تحتاجه دوريا وما على هذه الاحزاب الا البرهنة على القدرة على الفعل الايجابي والاستثمار الجيّد لما توفّره إرادة السيد الرئيس من امكانات وفرص وهوامش للتحرّك والفعل.