تونس تحتفل بعيد الشغل العالمي وسط آمال عمالية بإصلاحات تشريعية جذرية    دوري ابطال اوروبا.. التعادل يحسم مباراة مجنونة بين البرسا وانتر    شهر مارس 2025 يُصنف ثاني الأشد حرارة منذ سنة 1950    يظلُّ «عليًّا» وإن لم ينجُ، فقد كان «حنظلة»...    الاتحاد يتلقى دعوة للمفاوضات    تُوّج بالبطولة عدد 37 في تاريخه: الترجي بطل تونس في كرة اليد    زراعة الحبوب صابة قياسية منتظرة والفلاحون ينتظرون مزيدا من التشجيعات    قضية مقتل منجية المناعي: إيداع ابن المحامية وطليقها والطرف الثالث السجن    رحل رائد المسرح التجريبي: وداعا أنور الشعافي    القيروان: مهرجان ربيع الفنون الدولي.. ندوة صحفية لتسليط الضوء على برنامج الدورة 27    الحرائق تزحف بسرعة على الكيان المحتل و تقترب من تل أبيب    منير بن صالحة حول جريمة قتل المحامية بمنوبة: الملف كبير ومعقد والمطلوب من عائلة الضحية يرزنو ويتجنبو التصريحات الجزافية    الليلة: سحب مع أمطار متفرقة والحرارة تتراوح بين 15 و28 درجة    عاجل/ الإفراج عن 714 سجينا    عاجل/ جريمة قتل المحامية منجية المناعي: تفاصيل جديدة وصادمة تُكشف لأول مرة    ترامب: نأمل أن نتوصل إلى اتفاق مع الصين    عاجل/ حرائق القدس: الاحتلال يعلن حالة الطوارئ    الدورة 39 من معرض الكتاب: تدعيم النقل في اتجاه قصر المعارض بالكرم    قريبا.. إطلاق البوابة الموحدة للخدمات الإدارية    وزير الإقتصاد يكشف عن عراقيل تُعيق الإستثمار في تونس.. #خبر_عاجل    المنستير: إجماع خلال ورشة تكوينية على أهمية دور الذكاء الاصطناعي في تطوير قطاع الصناعات التقليدية وديمومته    عاجل-الهند : حريق هائل في فندق يودي بحياة 14 شخصا    الكاف... اليوم افتتاح فعاليات الدورة العاشرة لمهرجان سيكا جاز    السبت القادم بقصر المعارض بالكرم: ندوة حوارية حول دور وكالة تونس إفريقيا للأنباء في نشر ثقافة الكتاب    عاجل/ سوريا: اشتباكات داخلية وغارات اسرائيلية وموجة نزوح..    وفاة فنانة سورية رغم انتصارها على مرض السرطان    بمناسبة عيد الإضحى: وصول شحنة أغنام من رومانيا إلى الجزائر    أبرز مباريات اليوم الإربعاء.    عملية تحيّل كبيرة في منوبة: سلب 500 ألف دينار عبر السحر والشعوذة    تفاديا لتسجيل حالات ضياع: وزير الشؤون الدينية يُطمئن الحجيج.. #خبر_عاجل    الجلسة العامة للشركة التونسية للبنك: المسيّرون يقترحون عدم توزيع حقوق المساهمين    قابس: انتعاشة ملحوظة للقطاع السياحي واستثمارات جديدة في القطاع    نقابة الفنانين تكرّم لطيفة العرفاوي تقديرًا لمسيرتها الفنية    زيارات وهمية وتعليمات زائفة: إيقاف شخص انتحل صفة مدير ديوان رئاسة الحكومة    إيكونوميست": زيلينسكي توسل إلى ترامب أن لا ينسحب من عملية التسوية الأوكرانية    رئيس الوزراء الباكستاني يحذر الهند ويحث الأمم المتحدة على التدخل    في تونس: بلاطو العظم ب 4 دينارات...شنوّا الحكاية؟    ابراهيم النّفزاوي: 'الإستقرار الحالي في قطاع الدواجن تام لكنّه مبطّن'    القيّمون والقيّمون العامّون يحتجون لهذه الأسباب    بطولة إفريقيا للمصارعة – تونس تحصد 9 ميداليات في اليوم الأول منها ذهبيتان    تامر حسني يكشف الوجه الآخر ل ''التيك توك''    معرض تكريمي للرسام والنحات، جابر المحجوب، بدار الفنون بالبلفيدير    أمطار بكميات ضعيفة اليوم بهذه المناطق..    علم النفس: خلال المآزق.. 5 ردود فعل أساسية للسيطرة على زمام الأمور    بشراكة بين تونس و جمهورية كوريا: تدشين وحدة متخصصة للأطفال المصابين بالثلاسيميا في صفاقس    اغتال ضابطا بالحرس الثوري.. إيران تعدم جاسوسا كبيرا للموساد الإسرائيلي    نهائي البطولة الوطنية بين النجم و الترجي : التوقيت    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة ولن يتم اللجوء إلى التوريد    في جلسة ماراتونية دامت أكثر من 15 ساعة... هذا ما تقرر في ملف التسفير    ديوكوفيتش ينسحب من بطولة إيطاليا المفتوحة للتنس    رابطة ابطال اوروبا : باريس سان جيرمان يتغلب على أرسنال بهدف دون رد في ذهاب نصف النهائي    سؤال إلى أصدقائي في هذا الفضاء : هل تعتقدون أني أحرث في البحر؟مصطفى عطيّة    أذكار المساء وفضائلها    شحنة الدواء العراقي لعلاج السرطان تواصل إثارة الجدل في ليبيا    الميكروبات في ''ديارنا''... أماكن غير متوقعة وخطر غير مرئي    غرة ذي القعدة تُطلق العد التنازلي لعيد الأضحى: 39 يومًا فقط    تونس والدنمارك تبحثان سبل تعزيز التعاون في الصحة والصناعات الدوائية    اليوم يبدأ: تعرف على فضائل شهر ذي القعدة لعام 1446ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اليوم ذكرى رحيل عرفات: في الليلة الظلماء ...
نشر في الشروق يوم 11 - 11 - 2009

خمسة أعوام تمرّ اليوم على رحيل الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات... خمسة أعوام غاب خلالها جسد «أبو عمار»... رمز القضية الفلسطينية وعنوانها ولكن طيفه لم يغب لحظة عن الفلسطينيين الذين يحيون اليوم ذكرى وفاة «الختيار» ولسان حالهم يردد «في الليلة الظلماء يفتقد البدر»..
نعم رحل أبو عمار... ولكنه بقي وسيبقى روحا خالدة في الاجيال.. بقي أبو عمار فكرا وأسلوب نضال.. ورمزا لقضية فلسطين التي حملها طوال مسيرته الثورية..
خمس سنوات منذ ان «أزاحت» الأقدار «العقبة» التي روّج لها بوش وشارون وغيرهما ممن ادعوا ان عرفات يقف امام السلام... فما الذي تحقق بعد 5 سنوات من رحيل أبو عمار ما عدا استمرار نفس التسويف والتسويق «لأوهام السلام».. و«طبخات» التصفية والاستسلام..
5 سنوات والفلسطينيون أبعد ما يكون عن «تلك العتمة الشديدة التي تسبق انبلاج الفجر الشديد» كما وصف الشاعر الفلسطيني الكبير الراحل محمود درويش المرحلة في تأبينه لعرفات آنذاك.. فالوضع الفلسطيني يبدو اليوم في أسوإ مراحله.. وفي أحلك فتراته في ضوء تصاعد العدوان على القدس والأقصى بشكل غير مسبوق وفي ضوء الرفض الاسرائيلي لتجميد الاستيطان وذلك بمباركة واضحة من الادارة الأمريكية التي أثبتت حتى قبل انقضاء العام الأول من ولايتها، عجزها حتى عن إدارة الصراع وتنفيذ وعودها بهذا الخصوص.
كذلك، لا يقل الوضع الفلسطيني الداخلي سوداوية في ظل استمرار حالة الانقسام بين الفرقاء الفلسطينيين الأمر الذي يطرح تساؤلات حارقة حول مستقبل القضية الفلسطينية.
أبو عمر
عبّاس زكي ل «الشروق»: إسرائيل مورّطة في تسميم «أبو عمّار» بنسبة مليون بالمائة
تونس «الشروق»: حوار: النوري الصلّ
دعا السيد عبّاس زكي، القيادي البارز في حركة «فتح» وأحد رفاق الزعيم الراحل الفرقاء الفلسطينيين إلى الوفاء لعرفات واستلهام الوحدة والحوار من «الختيار» في الذكرى الخامسة لرحيله...
السيد عبّاس زكي أكّد في حديثه ل«الشروق» أنّ إسرائيل مورطة في تسميم عرفات بنسبة مليون بالمائة:
وفي ما يلي هذا الحديث:
تحلّ اليوم ذكرى رحيل ياسر عرفات... بماذا توحي لكم مثل هذه المناسبة من حيث دلالاتها ورمزيتها؟
ياسر عرفات بدأ مسيرته وانتهى وهو يردّد الوحدة... الوحدة.. واللقاء على أرض المعركة... ودع ألف زهرة تتفتح كلما جاء فصيل ولكن في بستان الثورة.
الوفاء لعرفات ليس الاحتفال وليس كل الشعارات التي تفتقر إلى التطبيق... كلّنا من فتح إلى حماس إلى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين إلى الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين... إلى كل الفصائل نحيّي ياسر عرفات الغائب ونشعر بحضوره المتألق.
في هذه الذكرى، كيف تُشخصون الوضع الفلسطيني وإلى أي مدى لازالت «ثوابت عرفات» تملك مواصفات «الصمود» في ظلّ الوضع القائم اليوم؟
آن الأوان أن نترجم عملا... ما معنى الوفاء لياسر عرفات الذي هو محلّ تثمين وتقدير من كل الشعب الفلسطيني... فلنكن مرّة صادقين مع أنفسنا... ننتقل من الشعارات والمبررات إلى تطبيق عملي جاء في معنى الاحتفال بمناسبة ذكرى رحيل ياسر عرفات.. وليكن أبو عمّار هذه المرة موحّدا لنا... ولنتجاوز خصوصية كل فصيل لأنه ليس هناك أي شيء نلتقي عليه سوى هذا الرجل العملاق والقائد أنا في اعتقادي أنّه لو استلهم شعبنا من «الختيار» ثوابت الوحدة والحوار لصنع المعجزات.
ولنا في تاريخنا دروس وعبر... وليذكر الجميع الانتفاضة الأولى في عام 1987 حين اتسمت هذه الانتفاضة الكبرى بالشمولية والتكافل الأسري صنعت معجزة وأعادت الأمور إلى المربع الأوّل.
وبدا الفلسطيني عصيّا على الموت والتصفية.. وأثمر صمود الشعب في مؤتمر مدريد الذي لو استمرّ لكانت الأمور قد تغيّرت أكثر ولكن جاءت أوسلو وكان إعلان مبادئ واستفادت إسرائيل من فرض كل قوتها وجبروتها وبدعم أنصارها في العالم أن يُضعف الطرف الفلسطيني إلى حدّ أنها باتت تتحدث الآن عن يهودية الدولة وتهويد القدس واقتحام المسجد الأقصى والاستخفاف بمشاعر الفلسطينيين وعقيدتهم.. ومن هنا نحن نقول أن عرفات ينادي من العلياء كل فلسطيني وكل فصيل تمايزوا يا قوم وقد آن الأوان أن نكون على طريق الرواد ولسنا دهماء كي نبقى نقتتل لتكون إسرائيل بذلك المستفيد الوحيد من هذا الوضع.
ماذا عن التحقيق في رحيل «أبو عمار» إلى أين وصلتم في هذا الموضوع؟
بالنسبة إلى هذا الموضوع هناك من يتابعه وأعتقد أن المحاولات جارية ولكن إن كان هناك غموض فإنه سيُكشف كما كشفت القضايا السرية الكبرى التي تُكشف فيما بعد مثل اغتيال أبو جهاد.
هل معنى ذلك أنكم تتهمون إسرائيل بتسميم عرفات؟
نسبة تورط إسرائيل في جريمة اغتيال عرفات هي بنسبة مليون بالمائة ولو كان هناك طرف آخر بخلاف إسرائيل يقف وراء اغتيال الزعيم الرّاحل ياسر عرفات لتمّ الكشف عنه في ساعات.. ولكن لأن إسرائيل هي من نفّذت هذه الجريمة فقد أصبح الأمر معقّدا لدرجة عجز عنها الجميع بما في ذلك باريس عن كشف ملابسات الاغتيال.
لكن ماذا عن الوثيقة التي كشفها أبو اللطف مؤخرا... فهل كشف التحقيق الذي باشرتموه في فتح جانبا من ملابسات الاغتيال هذه؟
هذا الأمر تجاوزناه ولكن نحن نتحدث عن هذا الأخطبوط.. هذا اللوبي... هذا الإيباك المسيطر على تدوير زوايا العالم وأن يبقى هو خارج نطاق العقوبة رغم أنه وحش مفترس.
من الواضح أن غياب عرفات أثّر بشكل كبير على حركة «فتح» وأضعف خياراتها في التعاطي مع الاستحقاقات الوطنية الفلسطينية... فإلى أي مدى وفقتم في سدّ هذا الفراغ؟
نعم كانت فتح بعد غياب ياسر عرفات وخسارة الانتخابات نتيجة خلافاتنا ونتيجة عملية غير مقبولة أو تجريبية في حركة تاريخية وصلت إلى التنافس على المقعد دون السؤال على الوطن لأن الذي يقود شعبا وله أعضاء في البرلمان يجب أن يكون قادرا على خدمة الشعب... نحن في حركة فتح انهزمنا في انتخابات 2006 انهزمنا لأن حركتنا كانت تعاني من فوضى ضاربة أطنابها وعدم قناعة الناس ببعضهم البعض.
وحتى أنا شخصيا لم أشارك في الانتخابات ونأيتُ بنفسي عن الدخول في الهرولة الانتخابية.. هذا عامل أمّا العامل الثاني فيكمن في أن خسارتنا هذه تسببت في انسداد العملية السياسية رغم أن «أبو مازن» يعرف بأنه رجل السلام... لكن رغم ذلك إسرائيل أقفلت كل الأبواب... فلا التسوية ولا الحكومة تقدّمت ولا التنمية تحققت مما أفضى إلى تعطّل المشروع الفلسطيني بأكمله وبالتالي ذهبنا إلى مؤتمر بيت لحم الأخير لننتقل من الغيبوبة «Coma» إلى الإنعاش ثمّ إلى الانطلاق في العمل.
أنور الرجا ل «الشروق»: نعم نفتقد عرفات... وغيابه ترك فراغا كبيرا
تونس (الشروق): حوار: النوري الصل
أكد السيد أنور الرجا، المسؤول في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة في حديث ل «الشروق» عبر الهاتف من دشمق أن الساحة الفلسطينية تفتقد الى الرئيس الراحل ياسر عرفات في الذكرى الخامسة لاستشهاده مشيرا الى أن غيابه يتخذ معنى خاصا حين ينظر المرء الى سياسات من خلفوه في السلطة.
وأضاف: «نحن أمام الوقائع المتناقضة في الساحة الفلسطينية لا يخفى عنّا أن سياسة أوسلو في كل مقدماتها ونتائجها تعبر عن نهج لا نتفق معه بالمطلق... هذا النهج الذي تسللت من خلاله بعض الرموز لتذهب بعيدا في ملاقاة العدو... تلك الخطوط الحمر التي وقف أمامها أبو عمار منبّها الى مدى خطورتها الاستراتيجية خاصة حق اللاجئين والقدس وهويتها العربية الفلسطينية».
وأوضح أن الذاكرة تسجل اليوم للراحل ياسر عرفات وقوفه وراء المقاومة والسلام مزاوجا بذلك بين خيارين.
وتابع: «نحن الآن أمام وضع يفرض علينا قراءة خاصة تأخذ بعين الاعتبار الوقوف عند المسائل الايجابية التي تمثلت في الخطوات النهائية للشهيد ياسر عرفات والتي تمثلت بشكل أساسي في مواقفه الوطنية الواضحة من قضايا الحل النهائي التي تصادمت مع الاملاءات الصهيونية.
وأضاف: «نحن لا نجزئ المسائل ولا نسقط قراءتنا لطبيعة ومكونات النهج السياسي الذي مثلته اتفاقيات ومفاوضات أوسلو ولكن نتعامل بحيوية مع المسائل المتحركة مذكّرا بأن الجبهة الشعبية أجرت اتصالات مع عرفات في الفترة الاخيرة من حياته وأكدت وقوفها الى جانبه من أجل الدفاع عن القضية وتابع أن أبا عمار دفع ثمن موقفه هذا حصارا مرّا وقاسيا أدى الى استهداف شخصه وتسمّمه على يد الصهاينة وما وصفها ب «الأدوات العميلة التي تسللت الى خبزه ومائه ودوائه».
وأضاف في سياق ردّه عن أسئلة «الشروق»: «إننا لا نغفل تصريحات القدومي التي وضع فيها اصبعه على تفاصيل هذا الملف الجارح الذي مازال غامضا رغم الاشارات الخفية والواضحة أحيانا والتي تشير الى تورط بعض المقرّبين من عرفات في جريمة اغتياله...
واعتبر أنور الرجا أن ثمّة عناصر كثيرة تعزّز ما ذهب إليه القدومي لعلّ أبرزها عدم التحقيق في وفاة عرفات وتابع أن ياسر عرفات ترك فراغا كبيرا في الساحة الفلسطينية لم يقدّر على سدّه الذين حلّوا مكانه وذلك بالرغم من مرور خمسة أعوام على رحيله موضحا أن عرفات يظلّ متقدما، بمواقفه ونظرته وفلسفته لإدارة الصراع على كل من خلفوه والذين كما يقول فرّطوا في كل أسباب القوة الجزئية التي كان ممكنا أن يستفيدوا منها بل انه اتهمهم بحرق ورقة المقاومة..
وشدّد على أن المشهد الفلسطيني الذي ظلّ مشبعا بالدراما السياسية على امتداد السنوات الماضية «يحتّم على أصحاب الرأي والرؤية والذين يشاركون في تشكيل الرأي العام الفلسطيني أن يستفيدوا من كل ما مضى للعودة الى أصول وينابيع العمل الوطني» وأضاف: «علينا أن نتخذ اليوم من النهاية التراجيدية التي انطوت فيها مرحلة عرفات عبرة مهمة بكل دلالاتها مشيرا كيف أن ياسر عرفات الذي منح جائزة نوبل للسلام لم تشفع له كل نواياه ومراميه السلمية ولم تنقذه من السمّ الصهيوني رغم التنازلات التي قدمها من أجل تحقيق السلام.
وتابع «إذا كان عرفات قد لقي هذا المصير ممّن ادّعوا أنهم صناع السلام في أمريكا وإسرائيل «بعد أن تخلّى عنه النظام الرسمي العربي» فإنّ ذلك يستدعي الوقوف أمام حقيقة أن معادلة السلام هي معادلة أن نفهم أن ما نخوضه مع العدو هو صراع وجود.
كل الطرق تؤدّي إلى... التّسميم
تونس (الشروق) أمين بن مسعود
كما أنّ حياته كانت حبلى بالمغامرات والمفاجآت كانت وفاته محور تساؤلات كثيرة وشكوك عديدة, ذلك أنّ مسألة تسميم الشهيد ياسر عرفات لا تزال وإلى حدّ اللحظة الراهنة محلّ جدل كبير لدى الأوساط السياسية الفلسطينية والدولية, بل إنّها تزداد تعقيدا كلّما ابتعدنا زمنيا عن ميقات رحيله
بالأمس القريب كانت أصابع الاتهام تتجه إلى إدارة جورج بوش الابن ووكيلتها في المنطقة إسرائيل, وتتحدّث الألسن همسا ومن طرف خفيّ عن ضلوع بعض الأطراف الفلسطينية في تصفية الختيار، أمّا اليوم فإنّ جهات سياسية كبيرة في «فتح» و«منظمة التحرير الفلسطينية» أصبحت تتهمّ جهرا فريقا اخر من نفس الحركة بالوقوف وراء اغتيال ياسر عرفات .
وكما أنّ اللحظة الراهنة، حوّلت السرّ إلى جهر فإنّها أيضا حوّلت شكوك «مؤسسة عرفات» التي تعكف على تقصي ملابسات وفاة الرئيس ياسر عرفات إلى حقائق قطعية تؤكد أنّ وفاة عرفات لم تكن طبيعية وأنّ فرضية التسميم باتت أقرب إلى اليقين .
هي إذن 5 سنوات كاملة انتظرها رئيس «مؤسسة عرفات» ياسر القدوة للإعلان عّما أعلن عنه سويعات وأيّاما قليلة وأشهرا معدودة بعد الاستشهاد وقبله أيضا.
فقبل 11 يوما كاملا من وفاة عرفات خرج رئيس الوزراء الصهيوني انذاك إريال شارون داعيا الفلسطينيين إلى اختيار قيادة جديدة يكون نهجها مغايرا لنهج عرفات.. مشيرا الى أنه «حتى لو مات عرفات سأرفض أي طلب لدفنه في القدس». وأضاف شارون: «ما دمت هنا وأنا لا أنوي الرحيل قريبا فلن يدفن عرفات في القدس».
وقبل ذاك التاريخ طلب شارون من جورج بوش خلال مكالمة هاتفية أن يسمح له بإعطاء دفعة قويّة للرغبة الإلهية في تصفية ياسر عرفات وإزالته من المشهد السياسيّ العامّ بعد أن أصبح عبئا على مسار تفاوضي أرادتاه أبيب وواشنطن بروح صهيونية وتوقيع فلسطيني .
وبين مغادرة ياسر عرفات لمقاطعة رام الله في 29 أكتوبر 2004 وارتفاع روحه إلى بارئها في 11 نوفمبر جدّت ظواهر على الحالة الصحية للرئيس الفلسطيني (القيء المستمر، تكسر الصفائح في الدم، الغثيان، الإرهاق الشديد..) تشير إلى أنّ الرئيس قد سمّم بمواد عجزت حتّى المخابر الفرنسية المتطوّرة على رصدها وتحليلها، ليصدر المستشفى العسكري الفرنسي تقريرا طبيا يشرح كل التفاصيل ماعدا أسباب الوفاة وأدوات الجريمة.
بيد أنّ إرهاصات الحق ومقدمات الحقيقة عصية علي التخفي حتى ولو حيكت الجريمة بكل دقة، فداخل صفحات كتاب «الحرب السابعة» من تأليف الصحفيين عاموس هرئيل المراسل العسكري لصحيفة «هآرتس» وآفي يساسخاروف مراسل الاذاعة الاسرائيلية العامة للشؤون العربية، تحدث الكاتبان عن تعرض عرفات للتسميم وذلك بسبب الأعراض المتعلقة بتدهور حالته الصحية بشكل سريع وحالات الاسهال والتقيؤ ومشاكل تخثر الدم وتوقف الكبد عن القيام بوظائفها».
ونقل الصحفيان عن طبيب متخصص اسرائيلي اطلع على التقرير الطبي الذي أعده المستشفى الفرنسي تأكيده أن عرفات توفي نتيجة إدخال سمّ من نوع «ريسين» الذي استخدم في الماضي كسلاح بيولوجي».
وأوضح الطبيب أن هناك أنواع سموم غير معروفة للفرنسيين مثل «ريسين» الذي لم يتم فحصه لأنه مجهول للفرنسيين أصلا ويمكن إدخاله للجسم عن طريق الطعام ويسبب الأعراض ذاتها التي كانت لدى عرفات.
نفس الموقف تقريبا ذكره أطباء كثيرون منهم طبيبه الخاص أشرف الكردي والمناضل السياسي مصطفى البرغوثي وغيرهما، بيد أنه لا يزال الى حدّ اللحظة في حاجة الى براهين علمية وحجج واقعية تثبت أن «يدا إسرائيلية ساعدت» الارادة الإلهية على إتمام قضائها في الأرض.
والى أن تتحول الاحتمالات القوية الى يقينيات مطلقة حيال تسميم عرفات إسرائيليا وبدعم أمريكي مكشوف، تبقى استرداد قضية تصفية القائد الذي أعطى الكثير للسلام ولم يأخذ منه سوى القليل، مسألة بالغة الأهمية في السياق السياسي الفلسطيني الراهن.
فتحذيرات صائب عريقات كبير المفاوضين الفلسطينيين لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس من إعادة إسرائيل نفس سيناريو «الختيار» معه جاءت لتدلّل على أن الكيان الصهيوني ينظر للقادة الفلسطينيين على أنهم ذكران نحل يؤدون مهمة التوقيع والتنازل المستمرة واللامشروطة فحسب.. وأن معارضة المطالب الصهيونية المخزية والاستبسال في الموقف التفاوضي قادران على تصيير المفاوض الفلسطيني من «رجل سلام» الى «عنصر تخريبي إرهابي متطرّف» وعلى الانتقال بالأشقاء والحلفاء الفلسطينيين والعرب من حضن وطني وإقليمي الى أداة من أدوات الحصار الخانق.. والأكثر من ذلك كلّه أن مواصلة التشبث بالحدّ الأدنى من الحقوق الوطنية يمثل تبريرا صهيونيا لمواصلة مسلسل التصفية والاغتيال حتى وإن كانت حلقاته بإخراج محلي صرف..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.