البطلة التونسية أميمة البديوي تحرز الذهب في مصر    من بينهم أجنبي: تفكيك شبكتين لترويج المخدرات وايقاف 11 شخص في هذه الجهة    مارث: افتتاح ملتقى مارث الدولي للفنون التشكيلية    تحذير من هذه المادة الخطيرة التي تستخدم في صناعة المشروبات الغازية    حريق بوحدة تصدير التمور يُخلّف خسائر مادية بدوز الشمالية    وزيرة التربية : يجب وضع إستراتيجية ناجعة لتأمين الامتحانات الوطنية    تونس تحتل المرتبة الثانية عربيا من حيث عدد الباحثين    سيدي بوزيد: انطلاق فعاليات الدورة التاسعة للمهرجان الدولي الجامعي للمونودراما    كرة اليد: الترجي في نهائي بطولة افريقيا للاندية الحائزة على الكؤوس    سليانة: أسعار الأضاحي بين 800 دينار إلى 1100 دينار    كاردوزو: سنبذل قصارى جهدنا من أجل بلوغ النهائي القاري ومواصلة إسعاد جماهيرنا    وفد "مولودية بوسالم" يعود إلى تونس .. ووزير الشباب والرياضة يكرم الفريق    هطول كميات متفاوتة من الامطار خلال الاربع والعشرين ساعة الماضية    باجة: تهاطل الامطار وانخفاض درجات الحرارة سيحسن وضع 30 بالمائة من مساحات الحبوب    قيس سعيّد يتسلّم أوراق اعتماد عبد العزيز محمد عبد الله العيد، سفير البحرين    صادم في المنستير: مناوشات في مطعم تتطوّر الى اقتحام منزل وإطلاق النار على سكّانه!!    الڨصرين: حجز كمية من المخدرات والإحتفاظ ب 4 أشخاص    الرئيس الفرنسي : '' أوروبا اليوم فانية و قد تموت ''    عاجل/ انتشال نحو 392 جثمانا من مجمع ناصر الطبي ب"خان يونس" خلال خمسة أيام..    جريمة شنيعة: يختطف طفلة ال10 أشهر ويغتصبها ثم يقتلها..تفاصيل صادمة!!    قبلي : اختتام الدورة الأولى لمهرجان المسرحي الصغير    جندوبة: 32 مدرسة تشارك في التصفيات الجهوية لمسابقة تحدي القراءة العربي    تتويج السينما التونسية في 3 مناسبات في مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة    الداخلية تشرع في استغلال مقر متطور للأرشيف لمزيد إحكام التصرف في الوثائق    روح الجنوب: إلى الذين لم يبق لهم من عروبتهم سوى عمائمهم والعباءات    لعبة الإبداع والإبتكار في رواية (العاهر)/ج2    الحمامات: وفاة شخص في اصطدام سيّارة بدرّاجة ناريّة    Titre    التونسي يُبذّر يوميا 12بالمئة من ميزانية غذائه..خبير يوضح    خدمة الدين تزيد ب 3.5 مليارات دينار.. موارد القطاع الخارجي تسعف المالية العمومية    قضية سرقة وتخريب بمصنع الفولاذ بمنزل بورقيبة: هذا ما تقرر في حق الموقوفين..#خبر_عاجل    المهدية : غرق مركب صيد على متنه بحّارة...و الحرس يصدر بلاغا    رئيس الجمهورية يجدّد في لقائه بوزيرة العدل، التاكيد على الدور التاريخي الموكول للقضاء لتطهير البلاد    الكيان الصهيوني و"تيك توك".. عداوة قد تصل إلى الحظر    بطولة مدريد للماسترز: اليابانية أوساكا تحقق فوزها على البلجيكية غريت    الترجي يطالب إدارة صن داونز بالترفيع في عدد التذاكر المخصصة لجماهيره    كأس ايطاليا: أتلانتا يتغلب على فيورينتينا ويضرب موعدا مع جوفنتوس في النهائي    اليوم: عودة الهدوء بعد تقلّبات جوّية    شهادة ملكية لدارك المسجّلة في دفتر خانة ضاعتلك...شنوا تعمل ؟    شهداء وجرحى في قصف صهيوني على مدينة رفح جنوب قطاع غزة..#خبر_عاجل    ماذا يحدث في حركة الطيران بفرنسا ؟    لا ترميه ... فوائد مدهشة ''لقشور'' البيض    كتيّب يروّج للمثلية الجنسية بمعرض تونس للكتاب..ما القصة..؟    أكثر من نصف سكان العالم معرضون لأمراض ينقلها البعوض    "تيك توك" تتعهد بالطعن على قانون أميركي يهدد بحظرها    الجزائر: هزة أرضية في تيزي وزو    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    سعيد في لقائه بالحشاني.. للصدق والإخلاص للوطن مقعد واحد    "انصار الله" يعلنون استهداف سفينة ومدمرة أمريكيتين وسفينة صهيونية    اتحاد الفلاحة ينفي ما يروج حول وصول اسعار الاضاحي الى الفي دينار    وزارة الصناعة تكشف عن كلفة انجاز مشروع الربط الكهربائي مع ايطاليا    تونس: نحو إدراج تلاقيح جديدة    اسناد امتياز استغلال المحروقات "سيدي الكيلاني" لفائدة المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية    في أول مقابلة لها بعد تشخيص إصابتها به: سيلين ديون تتحدث عن مرضها    دراسة تكشف عن خطر يسمم مدينة بيروت    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    مصر: غرق حفيد داعية إسلامي مشهور في نهر النيل    خالد الرجبي مؤسس tunisie booking في ذمة الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



6 سنوات.. على رحيل عرفات: رمزية الذكرى... «وجع» الذاكرة.. والقضية: شخصيات وطنية فلسطينية تحلّل ل «الشروق»
نشر في الشروق يوم 10 - 11 - 2010

يصادف يوم غد الخميس الذكرى السادسة لرحيل الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات.. هذا الرجل البطل والرمز الذي أمضى حياته مناضلا.. ومؤمنا بعدالة قضيته فتمكن من رفعها إلى صدارة الأحداث في العالم..
لقد مرّت ستّ سنوات على غياب الرجل الذي قاد أطول ثورة في تاريخ البشرية والذي ضحى من أجل أن يعيش شعبه كريما.. ومن أجل أن تبقى قضيته حاضرة وحيّة في وجدان وضمير كل أحرار العالم وشرفائه.. لقد كانت فلسطين حاضرة في كل مواقفه وخطاباته.. وكانت القدس واللاجئين عناوين ذات أولوية لمشروع عرفات التحرّري..
في هذه المناسبة تتذكّر الذاكرة رجلا كان استثنائيا في زمن استثنائي.. ويحيي الشعب الفلسطيني في الضفة وغزّة وفي المخيمات ذكرى استشهاد قائده التاريخي ولسان حاله يردّد «في الليلة الظلماء يفتقد البدر».. لأن ما تشهده الساحة الفلسطينية في هذه المرحلة يثير القلق ويدق ناقوس الخطر حيال مستقبل المشروع الوطني الفلسطيني الذي ناضل واستشهد من أجله «أبو عمار».. ويثير الخوف بشأن مصير الثوابت الوطنية التي رسمها «الختيار».. فالانقسام لا يزال ينخر الجسم الفلسطيني منذ نحو أربع سنوات.. والحقوق الوطنية الفلسطينية أصبحت في «المزاد».. و«غول» الاستيطان يزحف على الضفة ويلتهم القدس.. وحق العودة أصبح مهدّدا بالتصفية في ضوء المشاريع الصهيونية العنصرية التي يطبخها الصهاينة بتواطؤ أمريكي ودولي..
ملفات ومواضيع كثيرة إذن تثيرها ذكرى غياب عرفات أو بالأحرى تغييبه.. ومنها بالخصوص موضوع تسميمه لكن السؤال الكبير.. هو سؤال المصير.. مصير القدس واللاجئين.. مصير الوحدة الوطنية.. مصير القضية.. فهل تضع القيادات الفلسطينية هذه الأسئلة على طاولة المراجعة والنقاش.. قبل أن تُحال القضية على «المعاش»؟.. وهل يتنادون إلى المصالحة والحوار.. ليقيموا بذلك أفضل تكريم ل«الختيار»؟
«الشروق» تستضيف في هذا العدد الجديد من الملف السياسي ثلة من الشخصيات الوطنية الفلسطينية في ذكرى رحيل القائد ياسر عرفات.
في الليلة الظلماء... يفتقد البدر
بسام أبو شريف (مستشار عرفات): فرضية تسميم «أبو عمار» مؤكدة... لكن مطلوب التحقيق حول من ساعد اسرائيل في الجريمة
تونس (الشروق):
أكد الأستاذ بسام أبو شريف، مستشار الرئيس الراحل ياسر عرفات في لقاء مع «الشروق» عبر الهاتف أن الساحة الفلسطينية تفتقد الشهيد الرمز «أبو عمار» مشيرا الى أن تغييبه منذ 6 سنوات قاد الى تراجعات خطيرة في المشروع الوطني الفلسطيني. الأستاذ بسام أبو شريف قال انه لا يساوره أدنى شك في أن اسرائيل هي من سمّمت «أبا عمار» لكنه دعا الى التحقيق حول من ساعدها في هذه الجريمة وفي ما يلي هذا الحوار:
ما رمزية ذكرى استشهاد الرئيس الشهيد أبو عمار وما دلالاتها بالنسبة إليكم، أستاذ بسام، والى أيّ مدى تفتقدون «الختيار» في هذه المرحلة الدقيقة من مراحل القضية الفلسطينية؟
في ذكرى استشهاد القائد ياسر عرفات نقول في الليلة الظلماء يفتقد البدر كما نذكّر الجميع بأنه عندما كان يتحدث عن القدس كان دائما يقول سترفع زهرة من زهراتنا أو شبل من أشبالنا علم القدس.. علم الحرية علم فلسطين على مآذن القدس وكنائسها.. هذه الأرض المقدسة والقدس الشريف يتعرّضان اليوم الى أبشع هجمة تستهدف طرد الفلسطينيين من أرضهم وإحلال المستعمرين..ونحن نقول بغض النظر عما تفعله القيادة من تكتيكات نرى أنها لا تفيد.. نقول إنه لا طريق للحفاظ على عروبة القدس وفلسطين إلا بالدفاع المستميت.. الدفاع الهجومي ضد المستعمرين الفرنجة الجدد.. لا سبيل سوى استخدام ما لدينا من وسائل بسيطة في وجه المستعمرين.
كنتم أول من أثار موضوع تسميم «أبو عمار».. هل توضحون لنا ملابسات ما حصل؟
هذا العدو الصهيوني العنصري الماكر الذي يرى في اغتيال من ليس يهوديا أمرا مشروعا والذي يرى في سرقة غير اليهودي أمرا حلال.. تقوده عصابة ابتزاز واغتيال وبطش مدعومة من الغرب هو الذي تمكن من اغتيال القائد الرمز ياسر عرفات من خلال دسّ السمّ له ومتابعة لهذا الموضوع الذي كنت أول من حذّر عرفات من اغتياله ولكن للأسف تمكّنوا من دسّ السمّ له.. هذا السمّ إسمه ثاليوم.. وهو لا طعم له ولا رائحة له.. ولهذا أرى أن من واجب القيادة الفلسطينية اليوم متابعة هذا الموضوع للوصول الى الحقيقة.. نحن لا نشكّ لحظة في أن العدو الصهيوني هو من اغتاله ولكن كيف وصل له السمّ.. هل هناك من ساعد العدو الصهيوني.. هذا ما يجب أن نعرفه..
بعد 6 سنوات من غياب عرفات.. أية آفاق وأية خيارات ترون أنها قد تشكّل مخرجا من المأزق القائم؟
نحن نقول بأنه لا سبيل أمامنا سوى استخدام ما لدينا من وسائل بسيطة في وجه المستعمرين للحفاظ على عروبة الأرض كما أنه لا خيار أمام الشعب الفلسطيني اليوم سوى الاستمرار في العمل من أجل السلام العادل الذي يأتي بدولة مستقلة على الأرض التي احتلتها اسرائيل عام 1967.. نقول هذا ونحن على يقين بأن صنع السلام قد يحتاج الى حرب ضروس.. فهذا العدو الذي يتآمر على شعبنا وعلى قضيتنا لن يتوانى في شنّ حروب جديدة وفي اغتيال القادة الذين يراهم خطرا على مخططاته.. وبالتالي علينا أن نهبّ جميعا لمنع هذا المخطط.. ونقول لهم إذا مات ياسر عرفات فإن هناك شعبا بأكمله يقاتل من أجل الحرية.. إننا هنا نقاتل من أجل الحرية.. الحرية ليس لنا فقط بل لكل العرب...
كان زعيما في زمن ليس امتيازا أن تكون فيه زعيما! كان الرئيس الشهيد ياسر عرفات قائدا وليس نبيا او ملكا او رسولا، فقد أصاب وأخطأ لأنه بشر وإنسان، فمسيرة الآلام والمرارات لثائر جال بين حقول النفط، والألغام على خارطة سايكس بيكو بكل مخلفاتها ونفاياتها محال ان تقاد بملك لا بثائر يعوم بين تلك الحقول و(يحاول مُلكا أو يموت فيعذرا).
لم يكن منظّرا... لم يزعم يوماانه علاّمة أو فيلسوف كل ما كان لديه ثوابت وبندقية وكوفية طافت بها رياح الثورة كل شوارع العالم فباتت رمزا لكل حالم ومظلوم وثائر، كان يؤمن بأن الرحلة طويلة ومضنية... وأن الألم كلما تعاظم كانت الحرية أبهى وأعذب... كان يؤمن بان الحرية تولد من الأصفاد ودماء الشهداء، وأن أحدا لا يستطيع تحريف درب القدر وإن طالت الرحلة وتعالت أشواكها والنصر هو القدر! كان متقشفا، سخيا في الحفاظ على كرامات رفقائه وأبناء شعبه.
٭ ٭ ٭
كان زعيما وطنيا يحرص على التنوّع لتحشيد الشعب بكل منابره وفئاته الاجتماعية وتعبيراتها السياسية على درب التحرير، فهو مندوب جرح وطني وهو زعيم ثورة لكل فلسطيني مصلحة في انتصارها، فالوطن لكل أبنائه.. لكل فلسطيني دانيا كان أم قاصيا،مؤمنا هذا الفلسطيني بالمواطنة وما لها وعليها في مجرى الكفاح، او مذعنا هذا الفلسطيني (لدور الزنوج) في (المدينة الفاضلة).. لكل فلسطيني مهمة في مشروع الثورة (والأيادي التي تصنع حتى أكاليل الشوك أقدس من الأيادي العاطلة)... كان في مقدمة أولوياته.. التعليم والصحة لأن المزيد من القوة يتطلب المزيد من العلم والمعرفة ولأن العقول الخلاّقة الحوامل هي في الأجسام السليمة... كان الشهيد (عجينة الورد) المهدئة بين اخوانه وما أكثر التوترات في صراع متعرج و(رحلة) شائكة الدروب مضطربة الريح غامضة الأقدار.
٭ ٭ ٭
كان الشهيد مدرسة في (فن الاحتواء) (دع ألف زهرة تتفتح في بستان الثورة)، تعايش مع الرأي الآخر (فكلهم فلسطينيون وفلسطين بلدهم) إن لم يصغ إليهم فمن يصغي إليهم إذن، إن لم يفتح لهم قلبه وعقله فلمن يتوجهون هل ستمضي الرحلة الطويلة، هل سيقيم الدولة على ساق واحدة ولطالما ترك الشهيد لرفقائه أخشابا للعودة الى شاطئ الشراكة دون ابتزازهم او إرهابهم.
٭ ٭ ٭
كان مدرسة في (فن الاحتواء)... في عملية فدائية مشرفة انبرى احد المساعدين: هذه العملية ستشوش على جهودنا السياسية في الساحة الدولية، أسكته الأخ الشهيد مرددا على مسامعنا قولة هارون الرشيد في الغيمة: أمطري حيث شئت فإن خراجك لي!
٭ ٭ ٭
كان مدرسة في الصمود يواجه الضغوط والأعاصير العاتية ولا ينكسر بشعار شعبي بالغ البساطة يدخل به الطمأنينة الى قلوب اخوانه: يا جبل ما يهزّك ريح!
وإذ تتجمع سحب المؤامرات لتقذف المطر الأسود، والنبال، كان يزدهر أكثر في مقاومتها (وكان يزدهر اكثر في الأزمات) كما كان يقول عنه شاعرنا الكبير محمود درويش... كان يرى في الثورة أسطورة (الهيدرا) مؤمنا باستحالة إطفاء جذوتها لأن قضيتها عادلة (الهيدرا كائن أسطوري بسبعة رؤوس كلما قطعت رأس له نبت رأسان).. واجه طوفان الهزيمة عام 67 بجبروت (المحارب، العوام) وثأر مع الأبطال من اخوته ومقاتليه وأشقائه للكرامة العربية الجريحة في الكرامة الأبية الخالدة.
٭ ٭ ٭
حين (انتزع) اعتراف العالم بمنظمة التحرير الفلسطينية عام 73.. حين فتحت مكاتبها في عشرات الدول الشقيقة والصديقة، كان هذا الاعتراف ثمرة صمود شعبه وكفاحه البطولي ودون اية خسائر سياسية او مساس بثوابت لا تقبل التأويل ولا التعديل لأنها غير قابلة للتصرف... حين وقف على منصة الامم المتحدة في ذلك العام لم يُسقط البندقية من يده وحين استشعر (الكمين الأمريكي) في كامب ديفيد ومحاولة المساس بحقوق شعبه رفض الإذعان باسم هذا الشعب وحقوقه وارثه النضالي وقوته الوراثية بل رفض الوقوف بين الإذعان والبطولة... عاد الى أحضان وطنه... عاد الى أرض أديمها من رفات أجداده، حوصر وبقي صامدا شامخا كجبل الكرمل (فإذا كان الصمود في الشهادة فمرحبا بها).
٭ ٭ ٭
كان وفيا لرفاقه القدامى حين دالت دولهم وحلت بهم النائبات والعوادي... حين دقت ساعة النهاية (للاشتراكية) وزمانها الذهبي وأطاحت بريسترويكا غوربتشوف بصروحها وتوالى تساقط قلاعها ومضى من بقي حيا من قادتها وكوادرها نحو النهايات الحزينة... سفراء باتوا مترجمين لما يتيسر من أفواج سياحية... سياسيون كبار سرحوا او هاجروا مثقفون ومبدعون وفنانون هاموا على أرصفة الدانوب والفولغا... حين دقت تلك الساعة وأمام ذلك المشهد الوجيع وعلى ضوء تقارير سفرائنا خصص القائد الشهيد (رغم الضوائق التي كان يمر بها) موازنات متواضعة لتقديم العون ما أمكن (فهم أصدقاؤنا ولن ننسى ما قدموه لنا) قال الأخ الشهيد في لقاء مع سفرائنا في تلك الدول وكنت مشاركا فيه.
٭ ٭ ٭
كان زعيما عربيا يسعى الى بناء المجد لامته، كان مؤمنا بدورها في معركة التحرير... كان ملجأ آمنا لكل عربي شقيق أغلقت دونه الأبواب في بلده بسبب آرائه ومعتقداته... لكل عربي مناضل في صفوفنا ما لنا وعليه ما علينا بل كان يحرص على رعايته واستقباله في (الأدوار العليا) قبل (رفقائه الأدنون).
٭ ٭ ٭
وفي ذروة خلافه مع الرئيس الراحل حافظ الأسد ترامى الى أسماعه دعوة نفر من قادة الأحزاب في لبنان لاستقدام قوات فرنسية بهدف ارغام القوات السورية على الانسحاب من لبنان، استنكر الأخ الشهيد أبو عمار هذه الدعوة قائلا للزعيم الوطني الكبير المرحوم كمال جنبلاط والمتطابق معه في الموقف من هذه الدعوة: مقدور على خلافنا مع الاخوة في سوريا في إطار الجامعة العربية او قمة عربية ولكن ليس مقدورا على القوات الأجنبية ان نزلت في لبنان وبالتأكيد فإن المستفيد الاول من قدومها هي اسرائيل ونحن لا نخطئ في حسابنا السياسي وأولوياتنا وتمنى على الزعيم الكبير كمال جنبلاط بما له من وزن ونفوذ وعلاقات بذل جهوده المخلصة لإفشال تلك الدعوة في مهدها وقد نجح فعلا في إفشالها.
٭ ٭ ٭
كان زعيما متوجا في وجدان الشعوب الشقيقة والصديقة... تسنى لي المشاركة في تشييع جنازة الشهيد «أبو عمار» في القاهرة، تقدم مني رجل جليل المظهر لا أعرفه كان يشاهدني على التلفزيون الأفغاني (حين كنت سفيرا هناك أيامها) في مناسبات وطنية فلسطينية ولقاءات مع المسؤولين في كابول آنذاك كما قال، وقبل ان يعين وزيرا في حكومة الرئيس حامد قرضاي وقد قدم الى القاهرة للمشاركة في تشييع الزعيم الشهيد «أبو عمار»... وفي تصريح صحفي، قال الوزير الأفغاني: جئت على رأس وفد لتقديم واجب العزاء (بالشهيد رئيس دولة فلسطين) و(البيت المقدس) ولو تخلفنا ربما يقوم الشعب الأفغاني علينا فبيت المقدس قبلة الأفغان ورئيس دولة فلسطين هو (ابو المجاهدين) مهما قال فينا!
٭ ٭ ٭
في آخر قمة افريقية شاركت بها ضمن وفد فلسطين (المراقب) وكانت في مدينة سرت بتاريخ 991999 (وقبل شهور من انتفاضة الأقصى)، دخلت الى جناح الأخ الشهيد أبو عمار في (الضيافة)، سألته عن خلاصة تجربته بعد العودة الى الوطن كانت اجابة الأخ الرئيس الشهيد مختصرة ولكنها تنطوي على دلالات ربما تصل حد التأمل ان كانت اتفاقية أوسلو خطأ قد وقع: كنت في الماضي أواجه الصهيونية وإسرائيل، بعدما لمسته على أرض الواقع وبعد نكوثهم وعبثهم بالاتفاقيات من بدايتها أنا الآن أواجه... وهم فعلا كما عهدناهم وما قيل فيهم!!
٭ ٭ ٭
في الذكرى السادسة لرحيل القائد الشهيد ياسر عرفات، ذكرى رحيل زمن المحبة والوعد والوحدة والأحلام السخية.. زمن حافل ليس ثمة صفحة منه الا وللشهيد بصمة عليها... زمن الملاحم الوطنية الكبرى... زمن غُرست (أزمنته) في تربة الشهداء والثورة وأديم الوطن فأورقت وأينعت وأزهرت أشبالا وأجيالا لا تزال تردد رغم العتمة والغزوة والحصار أعذب أنشودة محببة للشهيد:
أنا يا أخي آمنت بالشعب المضيّع والمكبل
وحملت رشاشي لتحمل بعدنا الأجيال منجل
وجعلت جرحي والدما للسهل والوديان جدول
دين عليك دماؤنا والدين حق لا يؤجل!
أنور رجا (مسؤول الجبهة الشعبية القيادة العامة): على «فتح» فتح تحقيق عربي في استشهاد عرفات
تونس «الشروق»:
دعا أنور رجا، المسؤول في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة الى فتح تحقيق في استشهاد الرئيس الراحل ياسر عرفات تحت مظلة الجامعة العربية.
وأكد أنور رجا في لقاء مع «الشروق» عبر الهاتف أن عرفات سمم مشيرا الى أن هذه الجريمة الصهيونية الموصوفة تستدعي من حركة فتح وقادتها عدم السكوت عنها وتستوجب اجراء تحقيق واسع في ملابسات وفاته وشدد مسؤول الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة على أن تغييب عرفات أدى الى تراجعات كبيرة وخطيرة على مستوى الوضع الفلسطيني.
وأضاف «لو ان القيادة الفلسطينية الحالية بدأت من حيث انتهى عرفات في مواقفه التي رفض فيها الذهاب بعيدا حين أعلن أنه لا يمكن أن يوقع في موضوع عودة اللاجئين والقدس لكان الظرف أفضل...»
ورأى القيادي الفلسطيني أن السلطة الفلسطينية تفتقد اليوم الى الجانب السياسي أو الاخلاقي الذي يتعلق بالاخلاص حتى لعملية المفاوضات التي كان الراحل أبو عمار يزاوج بينها والبندقية دون أن يتزحزح عن الثوابت والمبادئ الفلسطينية التي كان يعتبرها خطوطا حمراء غير مسموح المساس بها أو الاقتراب منها...
واعتبر أنور رجا في هذا الصدد أن السلطة الفلسطينية تخلت عن أوراق عديدة داعمة لها وارتضت الرضوخ الى الاملاءات الامريكية حاملا عليها بالخصوص عقدها مؤتمر فتح في أوت عام 2009 في حضن الاحتلال وبموافقة أمنية من العدو الصهيوني.
ورأى أن حركة «فتح» غادرت بهذه الخطوة موقع التحرر الوطني الذي يقتضي العمل على اجتراح الأساليب التي تؤكد على حيوية هذه الحركة وجدارتها في أن تتبوأ المراكز التي تكون فيها مخولة من الشعب.
وتابع ان فلسطين ليست ورقة في جيب السلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس محذرا من أن الوضع الفلسطيني الراهن لم يعد يحتمل مزيدا من التراجعات والانهيارات التي قادت اليها مواقف السلطة وتنازلاتها في لعبة المفاوضات.
وحذر بالخصوص من التصريحات الاخيرة التي تم التلميح فيها الى الاعتراف بيهودية اسرائيل معتبرا أن هذه التصريحات تمثل أكثر خطورة من وعد بلفور...
ماهر الطاهر (مسؤول الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بالخارج): الوحدة أكبر «تكريم»... ل«الزعيم»
تونس (الشروق) :
أكد الدكتور ماهر الطاهر، مسؤول الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في الخارج ان أهم تكريم للرئيس الشهيد أبو عمار في ذكرى رحيله أن يطوي فرقاء القضية مسلسل الانقسام وأن يعيدوا توحيد صفوفهم في مواجهة الاحتلال وتهويد القدس.
وقال ماهر الطاهر في لقاء عبر الهاتف مع «الشروق» من دمشق انه ليس هناك أدنى شك اليوم في أن الكيان الصهيوني هو الذي أقدم على اغتيال القائد الشهيد الرمز بعد محاصرته في المقاطعة اثر فشل كامب ديفيد عندما رفض عرفات التوقيع على تصفية حق العودة وعلى السيطرة الاسرائيلية على القدس.
وأضاف حتى نكون أوفياء لهذا الرمز الذي دفع دمه ثمنا لفلسطين علينا اليوم أن نتمسك بالثوابت الوطنية التي طالما نادى أبو عمار الى الالتزام بها والتي رفض التنازل عنها رغم الحصار الذي فرض عليه...
وتابع «عرفات رفض التوقيع على كل الحلول التي كانوا يطبخونها وقال بالحرف الواحد اذا وقّعت على هذه الحلول ستخرجون بجنازتي بعد 24 ساعة لأن الشعب الفلسطيني لا يمكن ان يقبل بها».
وأكد أن خطورة المرحلة ودقتها تقتضي ان نستخلص الدروس والعبر من هذه المواقف وأن ندرك أن الوصول الى حل سياسي مع اسرائيل أمر مستحيل.
وأوضح «نحن اليوم أمام كيان عنصري استيطاني مجرم يريد السيطرة على كل فلسطين... يريد أن يعطينا كيانا شكليا.. وكيانا لا يسيطر على سمائه ودولة دون أرض ودون سيادة لكي يعيش الشعب الفلسطيني كعبيد.
وأضاف «من هنا نحن نقول ان علينا ان نقوم بعملية تقييم والخروج من كل مجرى المفاوضات العقيمة واستعادة الوحدة واعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية».
وأكد ان الشعب الفلسطيني يواجه في هذه المرحلة عدوا لا يسعى الى السلام والى منح الطرف الفلسطيني حقوقه المشروعة بل إنه يسعى فقط الى كسب الوقت من اجل مزيد من الاستيطان والتهويد والتصفية الكاملة لقضية فلسطين.
وتابع : «إنه بان بالكاشف اليوم ان اسرائيل لم ولن تقدّم شيئا وأن السلطة الفلسطينية ما زالت تراوح ضمن دائرة المراهنة على الحلول التي ثبت فشلها داعيا في هذا الاطار الى العمل باتجاه رسم نهج سياسي جديد يعيد للقضية الفلسطينية اعتبارها ويشكل نقطة تحول حقيقية في المعركة مع الاحتلال الصهيوني».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.