بمعدّل 344 سائحا يوميا يدخلون بلادنا بغية العلاج تدخل تونس مرحلة مهمة لتتحول في المدى القريب الى وجهة اقليمية للخدمات الصحية المتطوّرة... بفضل الكفاءات الطبية العالية في مختلف الاختصاصات من جهة وارتفاع عدد المؤسسات الصحية الخاصة والمتخصصة الى 115 توفر 2747 فراشا من جهة أخرى. السياحة الطبية وعلى مدى السنوات القليلة الماضية أدخلت تونس مرحلة تصدير الخدمات الصحية في مجال المصحات الخاصة والأدوية والاختبارات العلاجية والعلاج الطبيعي بمياه البحر لتحتل بذلك المرتبة الثانية عالميا بعد فرنسا في مجال السياحة الاستشفائية والمعالجة بمياه البحر التي تستقبل وحدها حوالي 200 ألف سائح سنويا، مقابل 125 ألفا و500 سائح دخلوا بلادنا (2008) للعلاج في الجراحات المتخصصة في العظام والقلب والشرايين والعيون وطب الأسنان... هذه القبلة على العلاج الطبي بتونس شملت نسبة هامة من مواطني القطر الليبي والجزائر فيما توزعت جنسيات بقية الوافدين على عدد من الدول الاوروبية. تطور قطاع خدمات السياحة الطبية واجه في المقابل تطورا على مستوى الخدمات المسداة ضمن هذا الاطار، فالسائح العربي أو الاوروبي والى جانب رغبته في الخضوع للعلاج داخل البلاد التونسية لعدة اعتبارات أساسية أوّلها تموقع تونس وقربها الجغرافي لعدة دول وثانيها انخفاض تكلفة العلاج والتدخل الجراحي مقابل التكلفة بالعملة الصعبة وثالثها الكفاءة الطبية للأطباء والجراحين والمتخصصين في شتى المجالات فإن السائح الراغب في العلاج يخيّر الحصول على خدمات سياحية أثناء اقامته المؤقتة كمريض قبل الوصول الى تونس، يرغب في طرف ثان يتعهد بكل تلك الاجراءات التي تتطلبها فترة العلاج من تذكرة السفر الى وسيلة التنقل التي تتكفل بمرافقته من المطار الى النزل ومنه الى عيادة الطبيب ومخابر الصور بالأشعة ومن ثم المصحة والتدخل الجراحي مع تأمين عودته الى أرض الوطن... كل هذه الخدمات أضحت متوفّرة اليوم عن طريق وكالات للخدمات ووكالات للأسفار... الا أنها ما تزال غير مقننة وما تزال كراس الشروط المنظّمة لها في لمساتها الاخيرة وهي تندرج ضمن الخطة الوطنية التي تسعى لتنظيم مسالك علاج المرضى السيّاح. تنظيم شامل لقطاع الخدمات «وكالات تصدير الخدمات الصحيّة اسم مستقبلي لنصوص في طور الانجاز تسعى لتنظيم مسالك علاج المرضى الاجانب لتطوير الخدمات الصحية من جهة وللمحافظة على سمعة القطاع الطبي وتحديد المسؤولية من جهة أخرى هكذا تحدث الى الشروق مصدر مسؤول بوزارة الصحة العمومية السيد هشام تريمش مدير ادارة التراتيب والمهن الصحية اذ عرج في حديثه على الدور الذي اضحت تضطلع به القطاعات الصحية ببلادنا في مجال السياحة الطبية حتى تتحول الى وجهة اقليمية للخدمات المتطورة والى جانب وضع خطة للرفع من نسق الاستثمارات في البنية الأساسية والموارد البشرية ذات الكفاءات العالية في مختلف الاختصاصات فقد تم وضع خطة لتصدير الخدمات الصحة والتي اقرها رئيس الدولة بعد الاجتماع الوزاري في سبتمبر 2008 هذه الخطة ستكون ضمن نصوص ستشمل كل من يخضع لهذا القطاع خاصة الوكالات (وكالات الأسفار) وشركات الخدمات التي تسعى لتقديم خدمات للسياح الوافدين للعلاج واضاف السيد هشام في خضم اجابته عن اسئلة الشروق أن حوالي 40 شركة (بين وكالة اسفار وشركة خدمات) يعملون في هذا المجال اليوم وقد بادروا بتقديم الخدمات الصحية الا ان التراخيص النهائية والقانونية لم تمنح بعد من طرف وزارة الصحة العمومية اذ قال : «هذه النصوص وكراس الشروط التي نعمل عليها ستكون جاهزة قريبا بحيث يمكن لكل مؤسسة ترغب في الخضوع لنشاط السياحة الطبية ان تطّلع على بنود كراس الشروط والنصوص المقننة لها. وذلك لتنظيم مسالك توزيع المرضى الأجانب ... تقنين هذا المجال سيجنبنا الفوضى أو حدوث مشاكل كما انه سيحدد المسؤولية ويضمن سمعة هذا القطاع». 80 % من حرفائنا فرنسيون السيد عمر الدهيسي صاحب وكالة أسفار صنف أ يشتغل بهذا القطاع تأمين السفر مع الخدمات الطبية منذ ما يزيد عن الخمسة أعوام اعتبر بدوره تقنين «الخدمات في المجال الصحي» أمرا ضروريا ومهما جدا اليوم لمزيد الدفع بالقطاع والمحافظة على السمعة التي يحتلها عالميا - مؤكدا ان 80% من حرفائه هم من الفرنسيين القادمين الى تونس للعلاج على حسابهم الخاص . اذ يقول : «منذ سنوات وأنا اعمل في هذا القطاع كل حرفائي دون استثناء يخيّرون الاتفاق مع وكالة الأسفار لتوفير كل الخدمات على اصطحاب مرافق .. فالمريض الأجنبي اليوم يريد من يعتني بكل تفاصيله خاصة عندما يتعلق الأمر بعملية جراحية خارج الوطن .. فهو يريد سيارة تنقله الى الفحص الطبّي ومواعيد دقيقة لمقابلة الطبيب وغرفة عمليات جاهزة للعملية وهو ما اعتبره شخصيا متابعة نفسية للمريض قبل ان تكون خدمات ... نقدم النصيحة ونوجه المريض الذي يكون عادة بمفرده بعيدا عن عائلته ونؤمّن تنقلاته معنويا وماديا. ومن ثمة كسبنا ثقتهم .. ومؤخرا ساهمنا في استشارة كراس الشروط .. ومثل كل الراغبين في الاختصاص في هذا المجال ندعم فكرة تقنين هذا القطاع لأن ما يوفره للسياحة الطبية اكبر من مجرد خدمات وتنقلات فهو الواجهة الأمامية ... وأغلب الوافدين يخضعون للتدخلات الجراحية المتخصصة. وكالات أسفار أو وكالات متخصصة ومقننة في القطاع السياحي الطبي ضرورة حتمية اليوم فرضتها المتغيرات خاصة وان تونس أضحت قبلة للسياح الراغبين في العلاج بيننا ... سمعة اطبائنا وجراحينا الجيدة وتطور نسق الاستثمار في البنية الأساسية في مختلف الاختصاصات الطبية وراء تقدم تونس لتكون في يوم ما قطبا حقيقيا لتصدير الخدمات الصحية.