«سافر معنا الى نهائيات كأس العالم.. لقد فزت معنا برحلة الى جنوب افريقيا واقامة مدتها 20 يوما»، «نقترح عليك شراء سيارة بسعر رمزي للغاية بعد ان أفلست الشركة المصنعة لها في ظل الازمة العالمية..». عينات من رسائل تتهاطل هذه الايام على العناوين الالكترونية وعلى الهواتف الجوالة تبشر بتحقيق أحلام مختلفة... هذه النوعية من رسائل الاحتيال الالكتروني ليست بغريبة على مستعملي الانترنات والهواتف الجوالة، بما ان الاغلبية في شتى دول العالم بما فيها تونس تلقت في أوقات سابقة رسائل الكترونية او ارساليات قصيرة من نوع «مبروك، لقد فزت معنا بمبلغ (...) وعليك مدّنا برقم حسابك البنكي لنودع لك الاموال» او «عندي ثروة مالية هامة وغير قادر على اخراجها من بلدي وارجو منك مدي برقم حسابك البنكي لأودع به المبلغ ثم نقتسمه معا» وهو ما جعل الجميع تقريبا يتفطن الى حقيقة الامر ويتجاهل هذه الرسائل تماما.. لكن الجديد في هذه الرسائل هو تركيزها على ما يدور هذه الايام من احداث في مختلف انحاء العالم على غرار انفلونزا الخنازير ونهائيات كأس العالم لكرة القدم والازمة المالية العالمية وهو قد يضفي نوعا من الصبغة الرسمية على رسالة الاحتيال ويجعل متلقّيها يقع في شراكها بسهولة. فالسفر لحضور نهائيات كأس العالم حلم يراود الجميع وتأثيرات الازمة المالية العالمية على قطاع صناعة السيارات لا غبار عليها وداء انفلونزا الخنازير حديث القاصي والداني في كل الدول... وهو ما يدفع الى تصديق ما يرد في هذه الرسائل والرد عليها وهو ما يريده اصحابها.. جنوب افريقيا تحتوي الرسائل الواردة هذه الايام على البريد الالكتروني لبعض التونسيين ما يفيد انه وقع الاختيار على بريدك الالكتروني عن طريق الاختيار العشوائي لتفوز بتذكرة سفر ذهاب وإياب الى جنوب افريقيا وبإقامة هناك طوال نهائيات كأس العالم فضلا عن الحصول على تذاكر دخول للمباريات.. وما عليك الا التعجيل بإرسال كل بياناتك الشخصية عبر نموذج مرفق (formulaire) يحتوي من ضمن ما يحتويه على رقم الحساب البنكي الخاص حتى يودعوا لك الاموال اللازمة لتحوّلها في بلدك الى الدولار. اختيار متحيلي الانترنات لحدث كأس العالم ليس اعتباطيا حسب الاخصائيين النفسانيين ذلك ان هذه التظاهرة هي الآن حديث هواة كرة القدم، وعددهم كبير في مختلف الدول وكلهم يحلمون بحضور النهائيات الاولى في افريقيا، ومن الطبيعي ان يغرهم العرض ويقعوا في الشراك بسهولة. أنفلونزا الخنازير في بعض الدول الاوروبية تلقى بعض مستعملي الانترنات رسائل على البريد الالكتروني تعلمهم بانتشار فيروس انفلونزا الخنازير «في المنطقة التي تقطنها» (دون تحديد المنطقة بالضبط) وتضيف الرسالة ان احدى المؤسسات الخاصة ستتولى بتعليمات من الدولة رش مبيدات في الشوارع وفوق السطوح وفي مداخل العمارات وانه عليك ايداع مبلغ مالي في حساب بنكي للغرض كمساهمة منك في هذه العملية. وقد استجاب كثيرون لهذه الدعوة في اطار شعورهم بضرورة مكافحة هذا الفيروس بشكل جماعي ومتضامن ليتضح فيما بعد ان الحكاية مجرد عملية تحيل. ومؤخرا أصدر مركز الاعلام لمنظمة الاممالمتحدة في العاصمة النيجيرية أبوجا، نقلا عن مسؤولي الانتربول، بيانا يحذر فيه مواطني ومسؤولي الدول النامية واصحاب مؤسسات بيع الدواء من موجة تحيل الكتروني يزعم اصحابها انهم بصدد بيع أدوية ولقاحات وأمصال مضادة لأنفلونزا الخنازير ويحصلوا تبعا لذلك على تحويلات بنكية عن طريق الدفع الالكتروني دون ان يوفروا الدواء فعلا...وقد استغلوا في هذا الاطار «فوبيا» انفلونزا الخنازير ورغبة الدول والمؤسسات الصحية والاستشفائية العمومية والخاصة في الفوز بالادوية والتلاقيح المضادة للفيروس في اسرع وقت وتحقيق مرابيح مالية من وراء ذلك. وقد وقع للأسف كثيرون ضحية هذا التحيل «الحديث» وفق ما أعلنته الشرطة الجنائية الدولية «الانتربول» مؤخرا مما دفعها الى احداث وحدة خاصة لمكافحة الظاهرة والتأكيد على ضرورة تبادل المعلومات بين الدول للتصدي لها. حلم سيارة فاخرة اضافة الى كأس العالم وانفلونزا الخنازير استغل متحيلو الانترنات الازمة المالية العالمية للركوب على الحدث، حيث تدّعي بعض الرسائل الالكترونية ان شركة معروفة في صناعة السيارات الفاخرة أفلست وانها قررت بيع اسطولها بأسعار رمزية وعلى الراغب في ذلك ارسال بريده الاكتروني فيه كل البيانات ثم يقع في ما بعد ترتيب موعد الدفع الالكتروني وتسلم السيارة الفاخرة... وقد وقع البعض ضحية هذا التحيل ودفعوا أموالا دون الحصول على السيارة الموعودة. مساعدة مشهور من بين طرق التحيل الاخر التي انتشرت هذه الايام هي انتحال صفة مشهور او مشهورة من خلال فتح بريد الكتروني او حساب على موقع الفايس بوك او اي موقع اخر باسمه، ثم الادعاء انه يمر بأزمة صحية او مالية خانقة وفي حاجة الى مساعدة «وكل قدير وقدرو»...وعادة ما تكون اسماء هؤلاء المشاهير الوهميين لفنانين او لاعبين او ممثلين يعشقهم الجمهور لحد الجنون ويكونوا متقدمين في السن او ممن يعانون فعلا من البطالة الفنية.. وطبعا يندفع كثيرون نحو مساعدتهم عبر حسابات بنكية ويحصل المتحيل بذلك على مبالغ كبرى. حذر حسب المختصين فإن الوسيلة الوحيدة للتوقي من هذا الخطر هو عدم الاجابة عن هذه الرسائل الالكترونية وخاصة عدم مدّ باعثها برقم الحساب البنكي وعدم الاتصال بالرقم الهاتفي المذكور وعدم الادلاء بأية معلومة شخصية من شأنها ان تساعدهم على الوصول الى الحساب البنكي او البريدي او رقم البطاقة البنكية. وهذا الحذر من مستعمل الانترنات مطلوب خاصة في ظل عدم امكانية التصدي الكترونيا لهذه الرسائل او الارساليات من قبل مشغلي شبكتي الانترنات والهاتف الجوال.