بقلم: الأستاذ عبد الجليل الظاهري (باحث جامعي) ب – 2 / المظاهر الوظيفية لدفع الحراك الجهوي الثقافي نحو تحقيق التنمية الثقافية : إن الهيكلة الثقافية الجهوية في حاجة إلى مجموعة من الإجراءات ذات الصبغة الوظيفية من أجل أولا تفعيل الحراك الجهوي ومن ثم توظيفه من أجل تحقيق التنمية الثقافية وهذه الإجراءات تصنف إلى صنفين إجراءات ذات صبغة وطنية (أ) وأخرى ذات صبغة جهوية (ب) ت – أ- 1) الإجراءات الوظيفية ذات الصبغة الوطنية : إن المركز بكل مكوناته «النظامية» أو غير «النظامية» يساهم من خلال بعض الإجراءات الوظيفية في دفع حراك (حراك) الهيكلة الثقافية الجهوية و من هذه الإجراءات : بعث النظم القانونية ذات الطابع التحفيزي : إن الإرادة السياسية الوطنية تلعب دورا كبيرا في توفير الأرضية التشريعية اللازمة من أجل تحفيز النشاط الثقافي بالجهة كإقرار جملة من التشجيعات على «الانتصاب الثقافي» كما ورد بمجلة التشجيع على الاستثمار خاصة فيما يتعلق ببعث مشاريع الصناعات الثقافية بالجهات. إرساء سياسة التشاور والمشاركة مع الهيكل الثقافي الجهوي: إن إرساء سياسة من التشاور و المشاركة ما بين الهيكل المركزي والجهوي هي ضمانة لنجاح المردودية الثقافية الجهوية بما أن أي قرار أو تصور مركزي ناتج عن التشاور والمشاركة سيحمل على أخذ معطيات وحيثيات النص الجهوي وبالتالي يضمن نجاعة الخيارات الوطنية على الساحة الجهوية وأبرز الأمثلة عن هذا التمشي ما يقع اعتماده من خلال الاستشارات الوطنية حول الموسيقى والتي انطلقت في الجهات قصد سبر الرؤى والتصورات الجهوية ثم جمعها من أجل إعداد الوثيقة النهائية في آخر مرحلة وستناقش في إطار الاستشارة الوطنية الشاملة. كما يتوجب الإشارة إلى ما تقوم به بعض الهياكل القطاعية و كذلك الجهوية في مجال بلورة الرؤى والتصورات الجهوية بكل مكوناته ومن بين هذه الهياكل يمكن الاستدلال بالدراسة التي قام بها ديوان تنمية الشمال الغربي سنة 1999 حول السياحة الثقافية و البيئية بولاية سليانة وقد كانت هذه الدراسة منطلقا لتنظيم تظاهرة في الغرض بهذه الولاية يوم 09 مارس 2009 . كما أن المجالس المحلية أو الجهوية للتنمية والتي يشرف عليها والي الجهة و تتألف من عدة لجان تقوم بإحضار تقارير حول مختلف أنشطة الهياكل القطاعية المنتصبة بالجهة مع الإشارة إلى أهم الاقتراحات والتصورات التي ترمي للنهوض بالقطاع مع العلم أن الوالي يقوم بصياغة تقرير سنوي حول التنمية بالجهة ويتضمن أهم التوصيات التي يقع رفعها إلى سلطة الإشراف الشيء الذي يجعل من فرضية «مرور» التصورات و المشاغل الثقافية بالجهة إلى مراكز القرار فرضية متينة. كما أن أهم الإجراءات الوطنية (المركزية) لتحفيز الحراك الجهوي وبالتالي تحقيق التنمية الجهوية عموما وخاصة في الحياة الثقافية تلك المتعلقة بالتحفيز المالي إن كان عن طريق التشجيع المباشر في مجال الإستثمار الجهوي والمحلي ذو الصبغة العامة أو من خلال المساعدة الفنية على القيام بمشاريع التنمية وطبقا للأمر عدد 688 المؤرخ في 16 أفريل 1992. والمتعلق بإعادة هيكلة صندوق القرض ومساعدة الجماعات المحلية فإنه يتعين على هذا الأخير ممارسة نشاطاته طبقا للأهداف المرسومة له من طرف الدولة والرامية إلى تحقيق التنمية المحلية في الميادين الاقتصادية والاجتماعية (ومنها الثقافية) . وتتمثل أبرز مهام الصندوق في التالي: تعبئة الموارد الضرورية للمساهمة في تمويل المخططات الاستثمارية للجماعات المحلية. تقديم المساعدة الفنية (للجماعات المحلية) على مستوى تشخيص ودراسة وتنفيذ ومتابعة مشاريعها . مساعدة الجماعات المحلية على إحكام التصرف في الموارد المتوفرة لديها من خلال التحليل الدوري لموازينها واقتراح الإجراءات العلمية لتنمية مواردها الذاتية والاستعمال الأمثل للموارد المخصصة للتنمية . وتجدر الإشارة إلى أن الصندوق قد قام بعدة إنجازات في المجال الثقافي وخاصة فيما يتعلق بتمويل بناء دور الشباب والثقافة والمسارح إلى جانب القيام بالتبني المالي لبعض التظاهرات الثقافية بالجهات ذات البعد التنموي ولكن تجدر الإشارة إلى أن هذه الإجراءات الوطنية لا تكون ذات جدوى بمعزل عن جوانب وظيفية تكون النتاج الصرف للجهة وفي نفس الوقت تكون فعالة في إحداث حراك دافع للتنمية الثقافية بالجهة . ث – ب – 2) الإجراءات الوظيفية ذات الصبغة الجهوية والدافعة للتنمية الجهوية : تكمن هذه الإجراءات الجهوية ذات الصبغة الوظيفية والتي من شأنها دفع التنمية الثقافية في ما يلي : الإحساس المشترك بترابط المجموعة القاطنة بالجهة فيما بينها معنويا واشتراكها في معطيات ثقافية. لا بد كذلك من إيجاد بلورة لفكرة الثقافة الجهوية وذلك من خلال عملية التقصي داخل المخزون الثقافي والتاريخي للجهة وقراءته في إطار «مجموعة المكونات للنص الجهوي الخاص» الحاضر بتغيراته و تحدياته . لا بد أن تعمل على خلق شبكة من التلاقي بين كل العناصر الفاعلة في رفع الحراك من أجل التنمية الثقافية إن كانوا من ضمن الفاعلين بالهياكل الحكومية أو غير الحكومية (المجتمع المدني) وهذا ما يؤكد ضرورة أن تسوس أخلاقية المشاركة ونبذ كل إقصاء وكذلك السعي الجاد إلى ممارسة خطة لاستيعاب الطاقات الجهوية «المهاجرة» وذلك ما يحتم أن يكون موضوع التلاقي هي ثقافة تسامح وبناء حضاري . لا بد كذلك للجهة أن تعمل على رسم مسار موضوعي ومتواصل لتسويق الثقافة الجهوية وطنيا ودوليا الشيء الذي يجعل من الثقافة عنوانا للجهة. لا بد للجهة أن تعمل على إرساء منهجية تقوم على التقييم الدوري الموضوعي و اتباع سياسة عقود البرمجة عند التنفيذ.