الصداقة كقيمة إجتماعية تختلف من مجتمع الى آخر فهي لدى المجتمعات العربية غير التي لدى المجتمعات الغربية لذلك حرص العرب على تعريفها سواء قديما أم حديثا حيث إن انقضاء الزمن لا يعني انقطاع العلاقة بين ما كان وما هو قائم من عادات وتقاليد وأعراف وأخلاق وقيم، وإنما قد تضعف بعض الشيء ولكن الى حين فهي لا تلبث أن تعود الى ما كانت عليه وذلك لسبب هام وهو أن الأساس الذي قامت وتقوم عليه وهو الدين الذي لا يتغير... فالمعروف أن الإسلام ليس عقيدة فحسب بل تشريع وأخلاق لذلك فإن القيم تقع داخل هذا المثلث... وبإختصار فإن الصداقة علاقة إجتماعية وثيقة تقوم على مشاعر الحب والجاذبية المتبادلة بين شخصين أو أكثر وتميزها عدة خصائص من بينها: الدوام النسبي والإستقرار، التقارب العمري، توافر قدر من التماثل والتناغم والتجانس والتفاهم مع سمات الشخصية والقدرات العقلية والإهتمامات الفكرية والفنية والميولات الرياضية والإتجاهات والظروف الإجتماعية... وتعتبر الحميمية أعلى درجات الصداقة وهي علاقة انسانية أيضا بل إن البعض يعتبرها صداقة من نوع التميز فيقولون عن صديق معين: إنه «أنتيم» بالفرنسية «Intime» وبالأنقليزية «Intimacy» ومعناها ألفة ومودة خالصة ولو أن لغتنا العربية تفوق لغة الغرب في عبارات المشاعر الإنسانية المتدفقة بالحب والحنان والألفة والرقة كما قال الشاعر النبيل حافظ إبراهيم: أنا البحر في أحشائه الدر كامن فهل سألوا الغواص عن صدفاتي وقد قال أبو حيان التوحيدي في الصداقة: الصداقة أذهب في مسالك العقل وأدخل في باب المروءة وأبعد من نوازع الشهوة وأنزه عن آثار الطبيعة وأرمى الى حدود الرشاد... وخير من قال في الصداقة ذلك الأعرابي الذي سئل عن الصديق فقال «هو من ينظر بعينك ويسمع بأذنك ويبطش بيدك ويمشي بقدمك ولا يرى سواك وإن إحتجت اليه كفاك وإن غبت عنه دعاك، يستر فقره عنك لئلا تهتم له ويبدي بشره لتلا تنقبض عنه.... نعم الصديق الصادق الصدوق. عطر الكلام ومسكه ما بادت به قريحة الشاعر السفير أحمد زكي أبو شادي: لي ثلة من الأصدقاء حسبتهم * فوق الجواهر للفقير المعدم لم ينظروا يوما الي بريبة بل * بجلوني كالنبي الملهم دار الزمان ولم يدوروا حوله * وتجمعوا حولي وحول تألمي لي منهم من باع كنز مودتي * وكأنه قد باع عرضي أو دمي تحت النفاق طعامه وشرابه * والكيد مهنته وبارك مأتمي إعداد: عبد الله طليحه الدبابي