يولد الطفل صفحة بيضاء لكن المحيط الخارجي بكل مكوناته هو المسؤول على تشكيل شخصيته فيساهم مساهمة فعالة في نحت ذاته ويستطيع ان يجعل من تلك الصفحة البيضاء منطلقا لكتابة مدونة نافعة او يجعل منها فقط مسودة تلقى في سلة المهملات . ومن بين العناصر الاساسية المؤدية الى تشويه مسيرة الطفل وتنشئته في ظروف سيئة نجد العنف باشكاله المتعددة فالطفل المعنف هو بالضرورة حامل لعديد العقد النفسية . مرصد الإعلام والتكوين والتوثيق والدراسات حول حماية حقوق الطفل نظم صباح امس بالتعاون مع منظمة الاممالمتحدة للطفولة «اليونيسيف» ندوة وطنية حول البرنامج الوطني لمقاومة العنف ضد الطفل ونشر ثقافة اللاعنف تحت اشراف وزارة شؤون المرأة والاسرة والطفولة والمسنين وذلك لتسليط الضوء على هذه السلوكات الخطيرة في مجتمعنا واستشراف المستقبل لاسيما وأن مجتمعنا يعيش عديد التحولات التي قد يكون لها انعكاسات سلبية لا يحمد عقباها. وسألت «الشروق» على هامش الندوة الوطنية السيدة سلوى التارزي عطية كاتبة الدولة المكلفة بالطفولة حول دوافع إعداد هذا البرنامج في الوقت الراهن وهل يعني ان العنف المسلط على الطفل ارتقى الى مستوى الظاهرة فردت قائلة: في الحقيقة جاء البرنامج استجابة لتأكيد سيادة الرئيس زين العابدين بن علي حول ضرورة العناية بالطفل التونسي وتمكينه من جميع حقوقه وتنشئته في ظروف جيدة لأنه عماد المستقبل ولم يرتق العنف الى مستوى الظاهرة ولكن التحولات السريعة التي يعيشها المجتمع التونسي اليوم شانه شان جميع بلدان العالم وكذلك تطور التكنولوجيات الحديثة وما لها من أثر على الجانب السلوكي للأفراد تجعلنا نفكر في اتخاذ التدابير الوقائية اللازمة. وحول تأثير تعدد مسؤوليات المرأة في الوقت الراهن على تربية الابناء واتباعها لسلوك عنيف بسبب كثرة الضغوطات و«الستراس» أفادت كاتبة الدولة انه صحيح ان تعدد الأدوار يرهق المرأة ويثقل كاهلها ولكن ما نسعى اليه الآن هو تغيير العقليات واعادة توزيع الأدوار داخل الاسرة ليضطلع كل بدوره وذلك في اطار التعاون مع هياكل المجتمع المدني. ميثاق الاستاذ عادل الهنتاتي رئيس المرصد أفاد بأن 80 بالمائة من حالات العنف تحدث امام المدارس وهو إشكال ينبغي معالجته وأضاف ان العنف الموجود داخل الاسرة لا يمكن حصره او احصاؤه ولكن هو غالبا يكون موجودا لدى من تعاني عدم توازن كما ان الأولياء لم يعد لديهم الوقت الكافي لمحاورة ابنائهم وهذا اشكال آخر. وأفاد السيد عماد الزواري خبير في قضايا حقوق الطفل والنوع الاجتماعي ان البرنامج يهدف الى حماية الطفل من العنف من خلال تعزيز منظومة الحماية الوطنية وتحديد ادوار كافة المتدخلين . وقال لاحظنا خلال عملنا مع رئيس قسم الطب الشرعي باحد المستشفيات بانه توجد حالات بشعة من العنف المسلط على الطفل من قبل الأم او الأب وكذلك الاطار التربوي رغم انها مؤسسات للتربية والحنان. وقدم امثلة لأم سكبت على ابنتها الزيت الساخن وأخرى خنقته بأصابعها قصد تعنيفه لكنه مات وقال : نحمد الله على ان هذه الحالات هي استثنائية ولكن يجب معالجتها. وحضر الندوة مجموعة من نواب برلمان الطفل حيث تحدثت النائبة سناء حمدي عن مشروع ميثاق الطفل للتوقي من العنف والتحلي بالسلوك الحضاري الذي اعدوه والذي يؤكد على عزمهم على العمل على التوعية لأجل مكافحة ظاهرة العنف. وتحدثت السيدة بهيجة فهري رئيسة فرع تونس للجمعية التونسية للصحة الإنجابية عن الاتفاقية التي امضتها الجمعية مع وزارة المرأة للوقاية من اشكال العنف وحماية الامهات العازبات والاطفال في سن المراهقة وتكوينهم في مجال الصحة الانجابية . وختمت بأنه تم الشروع في تنفيذ الاتفاقية بمعتمدية الكبارية وسيتم تعميمها خلال سنة 2010. وذكرت السيدة مفيدة العباسي اخصائية في علم النفس بان العنف المسلط على الطفل انواعه عديدة وهي كلها خطيرة على تكوين شخصية الطفل وقالت لا شيء يستطيع تبرير العنف ضد الطفل لانه كائن له حقوق وواجبات وكل المحيطين به يتحملون مسؤولية اي اخلال في شخصيته.