عرف قطاع التحكيم هزات متتالية في الآونة الآخرة، تلخص فيما اصطلح عليه بأزمة التحكيم في تونس، وهي مسألة أثارت حيرة الجماهير الرياضية التونسية خاصة بعد شيوع استقالة رئيس اللجنة الفيدرالية للتحكيم وتداولها من قبل وسائل الإعلام. فماهي الحقائق التي تحيط بهذه «الأزمة» وما هو موقف عبد السلام شمام من ذلك؟ هذا ما تناوله نادي الاعلام الرياضي بمعهد الصحافة وعلوم الاخبار في جلسة خصصها للنقاش، بخصوص واقع التحكيم في تونس وخفاياه، من خلال حلول السيد عبد السلام شمام رئيس اللجنة الفيدرالية للتحكيم، ضيفا على النادي مرحبا بكل اسئلة طلبة الاعلام الرياضي واستفساراتهم. وفي الاطار ذاته، طرح الطلبة قضايا متعددة لعلّ أهمها ارتبط بدواعي تخليه عن مهامه في صلب اللجنة الفيدرالية للتحكيم، وقد أكد السيد عبد السلام شمام ان ما يبرّر ذلك هو حصيلة الاتهامات التي احاطت به والمتمثلة أساسا في محاباته لبعض الفرق وعلى وجه الخصوص فريق الترجي الرياضي التونسي الذي ينتمي إليه ابنه خليل شمام وتحيزه لها خصوصا عند تعيين الحكام فضلا عن نشوب خلافات بينه وبين بعض الاطراف داخل اللجنة مما ساهم بشكل مباشر في تعكير صفو العمل فيها. عبد السلام شمام وحقيقة خلافه مع بعض الأطراف وفي محاولة منه لإثراء الحوار، تدخل الأستاذ الصادق التواتي المشرف على هذا النشاط الاعلامي، ليتطرق الى الخلاف القائم بين شمام وبعض المسؤولين في الجامعة وخصّ بالذكر رئيس لجنة الرسكلة والتكوين رشيد بن خديجة، مبيّنا حقيقة هذه العلاقة المتوترة بينهما، على إثر الاتهام الذي وجهه إليه بخصوص تدخله في مسألة تعيين الحكام سيما في مباريات الرابطة المحترفة الأولى لكرة القدم، وما ينجرّ عنها من احتجاجات تسبق كل مقابلة واحترازات تليها. مما يدفع ببعض الجماهير الرياضية وحتى الصحفيين الرياضيين الى الإقرار بوجود أزمة تحكيم في تونس، لكن السيد عبد السلام شمام عرّج على هذه النقطة الأساسية، نافيا وجود أية أزمة تحكيمية بل عبّر عن رفضه القاطع لشيوع مثل هذه المصطلحات على الساحة الرياضية مبرّرا هذا الرفض بقوله «إن التحكيم أمانة».. لست وحدي.. ولدى خوضه في مسألة تعيين الحكام أفاد رئيس اللجنة الفيدرالية للتحكيم أنه لا يتحمل وحده هذه المسؤولية بل ان الامر متعلق بالدرجة الأولى بلجنة تعيين الحكام وبالجامعة التونسية لكرة القدم التي تتولى هذه المهمة والتي يعود إليها القرار النهائي مستدلا في ذلك على ان تحديد قائمة الحكام لمباريات هذا الموسم الرياضي 20092010 ذهابا وإيابا قد تم ضبطها منذ وضع رزنامة هذه اللقاءات اي منذ شهر جويلية الفارط. وفي إجابة له عن استفسار أحد الطلبة بشأن المقاييس التي يتم أخذها بعين الاعتبار عند اعتماد الحكام، فإنه لخصها أساسا في عدم إبراز الانتماء الى جهة معيّنة او عدم التحيّز الى فريق دون آخر وذلك رقيا بالمشهد الرياضي التونسي. ولكبار الأندية دور في اشعال فتيل الأزمة وفي السياق ذاته، اشار شمام الى ان كبار الأندية في تونس تضطلع بدور جليّ في إثارة الجمهور الرياضي حول مردود كل حكم عند ادارته لمباراة ما، وذلك من خلال تصريحاتهم في بعض وسائل الاعلام واتهامهم لبعض الحكام بارتكاب هفوات تحكيمية او بالتحيّز الى ناد ما، ما من شأنه ان يغيّر مسار المقابلة وأن ينزل بهم الى مراتب أقل. وفي مقابل ذلك، نوّه بمستوى عديد الحكام الذين أداروا مباريات الدور ثمن النهائي لكأس تونس حيث لم تشهد على حدّ قوله أية احتجاجات أو خلافات بشأن أدائهم. على الميدان، خليل شمام كغيره من اللاعبين وفي محور آخر، تحدّث رئيس اللجنة الفيدرالية لكرة القدم عن مدى تأثير مركزه على رأس اللجنة بعلاقته بنجله خليل شمام، في ظل ما شاع مؤخرا في الوسط الرياضي عن ميولاته الى بعض الأندية على غرار الترجي الرياضي التونسي بتعلة انتماء شمام الصغير (الابن) الى صفوفه، فإن عبد السلام شمام أكد عدم خلطه بين علاقاته الأسرية وميدان التحكيم، اذ صرّح أنه لم يستغل ولن يستغل منصبه مطلقا لفائدة خليل او غيره من اللاعبين مهما كانت صفاتهم. إضافة الى انه اعتبره لاعبا كبقية اللاعبين إذا ما استحقّ انذارا او عقابا فهو يناله فالحكم وحده صاحب القرار وإذا كان جديرا بالتنويه فالجمهور له كلمته في هذا الشأن . سامح الله الدخلاء على ميدان الاعلام الرياضي وفيما يتعلق بدور الاعلام الرياضي، فإن السيد عبد السلام شمام أكد أن هذا الإشكال القائم في مجال التحكيم وحقائقه ليست بمنأى عن الاعلام والصحافة اللذين يساهمان بطريقة او بأخرى من خلال بعض الدخلاء او الطفيليين في تأجيج فتيل هذه الأزمة عنه بالنقد البنّاء من قبل بعض الاعلاميين دون الخوض في مسائل قد تتجاوز اختصاصهم، وذلك من أجل دعم مستوى الاعلام الرياضي وبلوغه أسمى مراتب النزاهة. ثم ان بعض البرامج الرياضية على غرار المافيولا والمافيوليتا ساهمت على حد تعبيره في إثارة شكوك الجمهور الرياضي بخصوص أداء الحكام التونسيين، وزادت في انتقادهم لهؤلاء الحكام. وفي ختام هذه الجلسة انقسمت آراء طلبة ورشة الاعلام الرياضي بين أقلية مؤيدة لهذه الاستقالة وأغلبية رافضة لها، لكن القرار النهائي يبقى بيد رئيس اللجنة الفيدرالية للتحكيم عبد السلام شمام الذي نجزم انه لن يستقيل.. يسرى ونّاس وزينة الهمامي