سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مذكرات سياسي في «الشروق»: الأستاذ أحمد بن صالح وأسرار وخفايا تكشف لأول مرة (147): سلّمنا منجي «القلعة الجرداء» و«الجريصة» الى العمال للاستغلال.. عبر اتفاق..
حوار وإعداد: فاطمة بن عبد الله الكرّاي ضمن حديثه عن المشهد التونسي المتغيّر خلال الفترة الانتقالية، للمخطط يذكّر «سي أحمد» بن صالح بالمناخ والبيئة التي جدّت فيها قصص الفسفاط واليورانيوم وانطلاق الصناعة في تونس.. والشراكة المتعددة مع بلدان عديدة عبر العالم.. يضيف صاحب المذكرات موضحا: «في تلك الفترة (فترة الزوبعة التي تمّت حول فسفاط قفصة). كانت الحرب الباردة على أشدها بمعنى كل من يقترب من البلدان الشيوعية (الكتلة الشرقية) فهو متهم باتهامات خطيرة.. أنا وقتها، كنت متهما من قبل الغرب، أنني أبيع اليورانيوم للكتلة الشرقية.. من جهة أخرى فإن الأمريكي (رجل الأعمال) ألكسندر الذي تخاصمت معه كما بيّنت لك ذلك في الحلقة الماضية، قلت له بالكلام الفصيح اني أعرف أنك تتاجر مع الاتحاد السوفياتي.. كانت المسألة ستتحول الى قضية ولكن من حسن الحظ ان المبعوث الفرنسي «بيني» Pinay كان متفهما وعرف ان القصة لا تعدو ان تكون اتهامات... من هنا جاءت ايضا مفاهيم Collectivisme، الفرنسيون مرة أخرى يدخلون في هذا الأمر من باب الاتهامات..». لكني ألححت بالسؤال ل «سي أحمد» حول اليورانيوم الذي يقال انه موجود بنسبة عالية في الفسفاط التونسي فقال إنني سألت المهندسين، وعلى رأسهم المهندس البحري الذي ترأس شركة «البنيان» تلك الشركة التي خرجت من مجموعة «شويكي بيزو» الفرنسية (خرجت على أنقاضها عند التوسعة) والتي بدأت تتوسّع في تونس.. وكانت شركة «البنيان» تصنع خاصة الثلاجات الصغيرة لغرف النزل لما توجهنا وفق المخطط الى التصنيع من اجل النهوض بالسياحة... قلت بخصوص الفسفاط، ولما صدر الخبر في وسائل الاعلام عن اليورانيوم في الفسفاط التونسي وحدث بعدها ما حدث، مع الفرنسي (المبعوث) والأمريكي (الرأسمالي) خمدت المسألة (...) . قلت ل «سي أحمد»: طيّب لماذا تقول ان الفسفاط التونسي فقير، وكثير من الخبراء يقولون بأنه غنيّ؟ قال: كنت أقصد بالفقير، ما كان يمكن لنا استخراجه بعد فرنسا فقد تركت لنا المناجم بلا معدات، والفسفاط الذي نستخرجه في حالة غير جيّدة.. ثم ان ذاك الفسفاط كان فقيرا في المكونات، فالمستوى (من الحفريات) الذي وجدنا عليه الفسفاط بعد خروج الاستعمار الفرنسي، كان قليلا من حيث الكمّ والكيف أيضا... وكان لابدّ وأن نقتني تجهيزات وهياكل تحتية ومعدات قوية، خاصة بالمناجم ، مثل «Le bois de mine» «خشب المناجم».. ولما اقتنيناها عاودنا وحفرنا فكان فسفاط من نوعية جيّدة، ذاك الذي استخرجنا بالمعدات الجديدة.. خمدت الزوبعة اذن، حين قال لي Pinay معك حق لأنني وضّحت له صعوبة الحصول على قرض طويل المدى، من أجل اقتناء معدات... وعرف المبعوث الفرنسي، الذي قد يكون وراء توضيح المسألة، ان بن صالح ليست له فكرة مسبقة من اجل عدم التعامل مع فرنسا... فعندما ورثنا شركة صفاقسقفصة، عن الاستعمار الفرنسي، كانت الشركة والمناجم والمعدات شبه منهارة.. وهنا، لابدّ وأن أكشف لك أمرا، وهو أنني سلّمت بقرار من أجل الاستغلال، منجمي الفسفاط بالقلعة الجرداء، والحديد بالجريصة، الى العمال حتى يستغلوه بما يشبه نظام التعاضدية... فقد كانا منجمين شبه منهارين.. وأقمت اتفاقا مع جامعة المناجم التابعة للاتحاد العام التونسي للشغل ويترأسها (الجامعة) «سي حسونة بالطاهر» أبرمت معهم اتفاقا، كسلطة اشراف حيث كانت الصناعة والتجارة والسياحة، قد ضمّت الى وزارة التخطيط والمالية، أشهرا قليلة بعد تكوين الوزارة التي دمجت فيها المالية والتخطيط (...). وإلى حلقة قادمة من مذكّرات «سي أحمد بن صالح» وأسئلة أخرى عن المرحلة ومكوّناتها... وتداعياتها.. إن شاء الله.