سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مذكرات سياسي في «الشروق»: الأستاذ أحمد بن صالح وأسرار وخفايا تكشف لأوّل مرّة (278): بن صالح يجيب القرّاء عن تساؤلاتهم: هكذا تعاملت مع بورقيبة ومع الفرنسيين
حوار وإعداد فاطمة بن عبد اللّه الكرّاي لم تكن المرّة التي ذكر فيها «سي أحمد» أنّه لم يحدث أيّ تشنّج بينه وبين بورقيبة في كل الجلسات التي جمعته به.. بل إنه يؤكد مرّة أخرى، أن بورقيبة الرئيس وخلال جلسات الديوان السياسي أو الحكومة لم يقع ولا مرّة واحدة أن وجّه بورقيبة لوما أو هو انتقد الوزير أحمد بن صالح.. وهنا يشدّد «سي أحمد» مثلما ذكر ذلك في عدد الأمس من المذكرات، كنت ولمّا يسألني بورقيبة عن معلومات وصلته مغلوطة عن المسيرة، أجيبه وأصحّح له الأمر في كنف الاحترام.. وهنا ندخل باب الأسئلة التي توجّه إلى «سي أحمد» من جمهور القرّاء والمتابعين، لنبدأ بسؤال وصلنا من السيد كريم (...) ليقول مستفسرا: «ماهي علاقة الأستاذ أحمد بن صالح مع المرحوم عباس حكيمة، وهل صحيح أنه وفي يوم من الأيام عيّن (حكيمة)، سفيرا ولكنّه رفض ذلك المنصب بطلب منك، أستاذ بن صالح؟» يقول «سي أحمد»، الذي كان يستمع إلى نصّ السؤال بانتباه، وبدا وكأنه يتذكّر قصصا أو يستعرض شريطا: «عبّاس حكيمة كان من القياديين لحركة الوحدة الشعبية.. كنت في الخارج، واعتبره من أحسن العناصر القياديّة. ويبدو أنه في وقت من الأوقات، حاول النظام أن يستجلبه، من خلال سفارة (يسند له خطة سفير)، لكن «حكيمة» كان غير مقتنع.. أقول إنه من العناصر الممتازة مثله مثل التيجاني حرشة وابراهيم حيدر..». ورقة أخرى وصلتنا من الجنوب، من السيد ح.ع، وأبدى لوما تجاه حلقة الاربعاء 19 ماي 2010، وقال: «اذكروا موتاكم بخير».. وكان يقصد الرئيس بورقيبة، ولمّا قرأت ما بعثه عبر الفاكس، وهو كلام لا يكتب، قال «سي أحمد» بن صالح إن هذا الكلام «غير ذي موضوع» وإن المقارنة التي حاول صاحب الرسالة إقامتها بينه وبين بورقيبة هي مقارنة غير جائزة.. وبهذه المناسبة، أطلب بكل لطف مرّة أخرى من السادة القرّاء الأفاضل، أن لا يعتمدوا على لغة غير مقبولة فيها ثلب للناس، حتى وإن كانوا غير موافقين على ما يُطرح. إضافة إلى التوضيح بأنّ ما نقوم به في هذا الركن، هو أسئلة للتاريخ، وليس حديثا عن موتى.. وأحياء.. وعن سؤال آخر بلغنا عن طريق أحد القرّاء الأفاضل، طلب عدم ذكر اسمه، سأل عن العلاقة التي كانت تجمع الوزير أحمد بن صالح وبورقيبة، وهل كان بورقيبة صعب المراس، في تعامله مع الوزير بن صالح؟ فقال سي أحمد: «كان لي رأي أمام بورقيبة.. وكنت أعبّر عن رأيي أمامه في كل مرة يكون فيها الموضوع موضع جدل وأفكار وإبداء رأي.. ولم يقع، عبرعشرات الجلسات، التي لا تقلّ الواحدة منها عن ساعتين أو ساعتين ونصف، واللقاء يكاد يكون أسبوعيا بيننا، لم تقع أي لحظة صعبة لي مع بورقيبة.. بالعكس كان يسعى دائما إلى معرفة رأيي.. وقد قصصت هنا كيف كنت أجلس الى الرئيس على انفراد في موعد أسبوعي، وكنت الوحيد الذي يأذن له بورقيبة الرئيس «بالسيغار» والقهوة.. وعن سؤال آخر لقارئ من تونس طلب عدم ذكر اسمه، وقد طلب توضيحات حول علاقته بفرنسا وخاصة فيما يهم شركة فسفاط قفصة التي عادت وطنية لتونس، قال: «أعيد التذكير بذاك اللقاء الذي جمع بورقيبة بأنطوان بينيه Antoine Pinay، وهو الذي يلقب من الفرنسيين بأب الفرنك الفرنسي le père du Franc Français. عندما جاء الى تونس، كان خارج الحكم (وصل في وقت من الأوقات رتبة وزير أول لفرنسا). جاء مكلّفا من بعض الصناعيين الفرنسيين الذين بدأوا يتساءلون كيف أن تونس تجدّد تجهيزات شركة الفسفاط صفاقس، قفصة.. وماهي الطريقة التي نتوخاها.. طبعا ناداني بورقيبة وبعد الجلسة الثلاثية جمعتنا (الثلاثة) طاولة غداء.. المهم أذكّر بما كنت قلته في هذا الشأن، إننا كنا نبيع الفسفاط الضعيف الذي أضعفه الاستعمار الفرنسي، نبيعه بطريقة Troc أي نبيع لبلدان أوروبا الشرقية فسفاط (ضعيف) وهم يعطوننا ثمنه تجهيزات.. وقد اتهمت شخصيا من كبار رؤوس الأموال الأمريكان أنني أبيع فسفاط تونس الغني بمادة اليورانيوم ، إلى أوروبا الشرقية وكان صاحب الحملة هذا الأمريكي الرأسمالي يتعامل هو نفسه مع السوفيات وقد وضعته مرة وهو يناقشني في المسألة أمام حقائقه وقلت له: أنت تبيع وتتاجر مع الاتحاد السوفياتي، وكانت عملية التبادل عن طريق Troc، أي بدون عملة، أمرا ممنوعا من صندوق النقد الدولي.. إذن على هذه الخلفية جاء بينيه Pinay وشرحت له الحقيقة، وكيف أننا (كتونس) لم نجد طريقة ولا وسيلة من أية جهة، بما فيها فرنسا، التي جاء يتحدث ويستجلي الأمر باسم صناعييها.. وقلت له لم نجد الفرصة الملائمة لنا كبلد حديث الاستقلال لا من حيث نسبة الفائدة (التي نريدها منخفضة) ولا من حيث مدة التسديد (طويل الأمد). وهنا أذكر أنه سألني أمام بورقيبة سؤالا محوريا: سيد بن صالح هل عندك نوع من التشنج بالنسبة للتجهيزات الفرنسية؟ فقلت له: نحن وجدنا شركة صفاقس، قفصة منهارة.. والتجهيزات غير موجودة.. وقد حاولنا مع جهات عديدة، لكن دون جدوى فاعتمدنا تلك الطريقة.. أعجب بورقيبة بما قُلت، وعندما قال لي بينيه Pinay: «أتفهم تماما موقفكم.. وأنا شاكر لك هذه التوضيحات وما قلته هو عين الصواب لمصالح تونس..» فإلى حلقة قادمة إن شاء اللّه..