لما كانت مبادرة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى لدولة الإمارات حاكم الشارقة، الداعية لتأسيس الهيئة العربية للمسرح تهدف للمساهمة الفاعلة في الارتقاء بالحركة المسرحية والعمل على تعزيز الجهود المبذولة للنهوض بالمسرح في الوطن العربي، وضعت الهيئة جملة من التصوّرات والخطط والبرامج والآليات الكفيلة بتفعيل أهدافها النبيلة وغاياتها السامية وفق تطلعاتها لتأمين وجود مسارح عربية، حيوية، ومتنوعة تكون فاعلة ومتفاعلة مع واقع مجتمعاتها ومقوّمات الحياة العربية فيها، منخرطة في العمل على تغييرها نحو الأفضل، واعية بالرهانات المطروحة مدركة للتحديات المرفوعة حضاريا في عالم اتصالي يتسم بسرعة التحوّلات والسعي المحموم لفرض النمط الواحد وبالتالي العولمة. وعلى هذا الأساس وقع تأسيس مهرجان المسرح العربي باعتباره آلية تنشيط مسرحي، قد تمكن المسرحيين العرب من تتويج جهودهم في البحث والعمل والاجتهاد والتجريب والنتاج، وتكون مناسبة للاحتفاء بهم والاحتفال بإبداعاتهم وعرضها على الجمهور هنا وهناك على امتداد الخارطة العربية في موعد ثابت ومتواتر سنويا اطلقت عليه (اليوم العربي للمسرح) وجددت له يوم العاشر من الشهر الاول من كل سنة تاريخا ثابتا لإقامته، وقد تولى الفنان العربي اللبناني يعقوب الشدراوي إلقاء الرسالة الأولى للمسرح العربي بمدينة الشارقة في العاشر من جانفي 2008. وفي هذا السياق وفي السنة التالية 2009 كان من المقرر اقامة الدورة الأولى لمهرجان المسرح العربي بالقاهرة في نفس الموعد حتى تكون تقليدا مسرحيا على غرار اليوم العالمي للمسرح (27 مارس من كل سنة) ولكن ظروف حرب العدوان على غزة فرضت تأجيل موعد اليوم العربي للمسرح وبالتالي المهرجان من 10 جانفي الى 06 ماي 2009، حيث تولت الفنانة سميحة أيوب إلقاء كلمة اليوم العربي للمسرح، وتم تكريم الفنان المخرج أحمد زكي بالمناسبة، ونظمت الهيئة الدورة الأولى للمهرجان علما بأن المجلس التنفيذي للهيئة قد سجل في تقييمه للدورة استياءه لضعف أكثر العروض المسرحية المشاركة وتراجع المستوي العام، آملا في تدارك الوضع مستقبلا والحصول على أعمال مسرحية أكثر نضجا فنيا وفكريا. واستعدادا لتنظيم الدورة الثانية للمهرجان واليوم العربي للمسرح في الفترة ما بين 10 و16 جانفي 2010 تمت تلبية رغبة ومقترح رئيس مركز الهيئة بتونس لإقامة الدورة الثانية للمهرجان بها مشاركة ومساهمة من الهيئة في الاحتفالات بمائوية المسرح التونسي الشقيق. وبناء على استعداد وزارة الثقافة والمحافظة على التراث لدعم المهرجان، وآخذا بمقترحات المركز التونسي، وافقت الهيئة على تخصيص الدورة الثانية لمسارح الهواية من الشباب، حتى يتميّز المهرجان ويتفرد ويولي عنايته الى المستقبل والقادم، ولهذا الغرض وضعت الدورة تحت عنوان (شباب شغف مسرح). وبحثا من الهيئة عن كل ما من شأنه ان يحفز النفوس ويشحذ الهمم لمزيد البذل والاجتهاد والعطاء فقد اقرت تنظيم مسابقة بين الفرق المشاركة ورصدت لها سبع جوائز ذات قيمة مالية ومعنوية ليتنافس المتسابقون على نيلها بتونس فيما بين 10 و16 جانفي 2010 وتكليف الفنان المنصف السويسي، نائب رئيس الهيئة ورئيس مركزها بتونس بإدارة المهرجان وبالتالي تم اتخاذ كل الاجراءات والاستعدادات لإقامة الدورة الثانية وتنظيمها بتونس، وكلف المجلس التنفيذي للهيئة لجنة لفرز وانتقاء العروض العربية المرشحة للمشاركة في المهرجان ومسابقته، الا ان معظم العروض المرشحة (34 عرضا)، لم ترق الى المستوى الأدنى من القيمة الفكرية والجمالية وكانت مخيبة للآمال. وأمام هذا الوضع المؤسف، وبعد الدرس والتحليل، توصل أعضاء المجلس التنفيذي للهيئة الى اتخاذ قرار صعب وجريء وحاسم يقضي بإلغاء إقامة هذه الدورة، والدعوة لضرورة الاسراع بدراسة أوضاع مسارح الهواية في الوطن العربي وإصلاحها بالعمل الجاد على انتشالها مما أصابها من وهن وفتور وتراجع مفزع لا يليق بسمعة ومستوى مسارحنا العربية ولا يشرف أهلها، على أن يتم الاستعداد من الآن لإقامة الدورة في موعدها السنوي 10 جانفي 2011، اذا توفرت الشروط الموضوعية، وتم تحفيز انتاج عروض تتسم بالجمالية والعمق الفكري، تكون جديرة بالاحتفاء والاحتفال بها مهرجانيا. وإذ تعتذر الهيئة لأصحاب الأعمال المقبولة من بين الأعمال المرشحة والتي تعتبر استثناء للقاعدة فإنها تهيب بكافة مراكز الهيئة العربية للمسرح بالعمل على استكشاف القدرات والامكانات والمواهب القادرة على تثوير الواقع المسرحي وإيجاد البدائل المغايرة والمغيّرة للراهن البائس الى قادم مشرق. وتعلن الهيئة أنها ستقيم الاحتفالية السنوية باليوم العربي للمسرح في موعدها بتونس مشاركة للمسرح التونسي احتفاءه بمائويته، وتقديرا منها لكل رجالاته من المبدعات والمبدعين. ولهذا اختارت الهيئة ان تكرّم هذه السنة الفنانة التونسية السيدة منى نورالدين بينما كلفت الكاتب المسرحي المتميّز الأستاذ عزالدين المدني بتحرير كلمة الفنان المسرحي العربي وإلقائها بنفسه في يوم المسرح العربي بتونس. وفي الختام فإن الهيئة تأمل ان تتوصل مستقبلا الى استخدام فواعل جديدة في عملها وإسهامها الاصلاحي للكينونة المسرحية العربية. والله ولي التوفيق المنصف السويسي نائب رئيس الهيئة العربية للمسرح